الطائرات المسيرة، هل تكون عنوان فصل جديد من فصول الحرب؟

اسقاط طائرة مسيرة في الفاو بولاية القضارف-9 ابريل 2024

دقيقة وفعالة ولا تكلفة بشرية على مستخدمها

لندن: الثلاثاء 09 أبريل 2024: راديو دبنقا

تقرير: عمر عبد العزيز

تحدثت تقارير صحفية متعددة منذ اسابيع، بعضها على وسائل الإعلام السودانية والآخر على وسائل الإعلام العربية والعالمية، عن دخول الطائرات بدون طيار، أو المسيرات إلى ساحة الحرب في السودان بين قوات الجيش والدعم السريع.

لكن الأيام القليلة الماضية شهدت زيادة مكثفة في استخدام المسيرات من قبل الدعم السريع على ما يبدو، حيث قصفت مسيرتان، صباح الثلاثاء، مقر جهاز الأمن بالقضارف، كما قصفت مسيرة ثالثة المنطقة العسكرية في الفاو بولاية القضارف.

وقبل نحو أسبوع، شهدت مدينة عطبرة حادثا مماثلا، حيث استهدفت مسيرة إفطارا رمضانيا اقامته كتيبة البراء بن مالك التابعة للحركة الإسلامية والتي تقاتل إلى جانب الجيش.

ويرى الخبير العسكري، اللواء امين اسماعيل مجذوب أن تزايد استخدام الطائرات المسيرة مؤخرا هو محاولة لشغل الجيش السوداني وتعطيل خطته لاستعادة ولاية الجزيرة من يد قوات الدعم السريع.

ويضيف، في مقابلة مع راديو دبنقا، أن الدعم السريع يحاول الآن شغل الجيش عن تنفيذ خطته، سواء كان ذلك في ولاية الجزيرة أو إقليم دارفور أو ولاية الخرطوم.

“حوادث غير مؤثرة”

وظلت كل من القضارف وعطبرة، حتى وقوع تلك الضربات الأخيرة، بعيدتين عن نيران الحرب، مما خلق حالة من الخوف من انتقال الحرب إلى مدن ومناطق جديدة بدلا من انحسارها.

لكن مجذوب قلل من التأثير الذي يمكن أن تحدثه هجمات المسيرات، معتبرا أن الدعم السريع يسعى “لافتعال هذه الحوادث”، التي وصفها بغير المؤثرة على ما يجري في الميدان.

لكنه استدرك قائلا إنها مزعجة من الناحية الأمنية، مضيفا أنها قد تحد من حركة القوات المسلحة.

واعتبر أن ولاية القضارف قد استهدفت لأن بها قوات في منطقة الفاو جاهزة للتحرك لاستعادة مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة.

وقبل نحو اسبوعين خاطب الفريق أول شمس الدين كباشي، نائب القائد العام للقوات المسلحة جنود المنطقة الشرقية بالقضارف، مؤكدا أن “فرسان الشرقية” على اتم الاستعداد لاستعادة ولاية الجزيرة التي سقطت في يد الدعم السريع في ديسمبر الماضي.

“استهداف بعناية”

ووفقا لتقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في يناير الماضي، اشارت احصائيات حديثة من معهد الدراسات السياسية الدولية إلى أن دولا في الشرق الأوسط انفقت 1.5 مليار دولار على الطائرات العسكرية بدون طيار خلال السنوات الخمس الماضية، مما يشير إلى الزيادة الكبيرة في الاعتماد على هذا السلاح.

ويرى مجذوب أن النقاط التي طالتها المسيرات يوم الثلاثاء قد استهدفت بعناية، مشيرا إلى أنها شملت قيادة الفرقة العسكرية في الفاو ومبنى جهاز المخابرات في القضارف.

لكنه نفى أن تكون الهجمات الأخيرة ناتجة عن خلل أمنى، مشيرا إلى أن المسيرة يمكن أن تدخل إلى المدينة المستهدفة في حقيبة صغيرة وهي على شكل أجزاء مفككة ثم تجمع لاحقا بعد الدخول إلى المنطقة المستهدفة.

واضاف أن تجميع المسيرة واطلاقها لا يحتاج إلى تدريب عال أو متطور، مشيرا إلى أنها “اشبه بالعاب البلاي استيشن” حسب وصفه.

وتابع قائلا إن هناك شاشات تكون أمام المستخدم تحدد مسار الطائرة والهدف، ومن ثم يمكنه إصدار أمر بالإسقاط “سواء كان اسقاط دانات أو كانت مسيرة انتحارية تسقط بكاملها”.

عشرة آلاف كيلومتر

وكان قد اثير الكثير من الجدل عقب استهداف إفطار كتيبة البراء في عطبرة بمسيرة، على اعتبار أن مدى المسيرات التي يمكن أن تتوفر لقوات الدعم السريع لا يمكنها من الوصول إلى مدينة عطبرة.

لكن الحديث عن إمكانية إدخال المسيرات كقطع ومن ثم تجميعها داخل المنطقة المستهدفة يلقي الضوء على هذا الامر، ويجعل العديد من الأهداف في شمال السودان وشرقة عرضة للمزيد من هجمات المسيرات من قبل قوات الدعم السريع.

ووفقا للخبير العسكري اللواء أمين مجذوب، فإن هناك مسيرات اكثر كفاءة واطول مدى، قد يصل بعضها إلى عشرة آلاف كيلومتر، مشيرا إلى أنها اغلى ثمنا بالطبع من المسيرات محدودة المدى.

لكنه يستدرك قائلا أن “السوق مفتوح” أمام المشترين، مضيفا أن الطائرات العسكرية التقليدية قد تراجعت أمام المسيرات لأن “ثمنها باهظ وتكلفة الطيار باهظة وخسارة الطيار أيضا تكون باهظة”.

ومع هذه الميزات التي تتيحها المسيرات للمتحاربين، وأبرزها تقليل التكلفة البشرية والمادية، ربما يشهد السودان فصلا جديدا من الحرب بين قوات الجيش والدعم السريع بالاعتماد عليها أكثر فأكثر.