الشفيع خضر: بيان الآلية الرباعية خطوة مهمة ينبغي ترجمتها إلى إجراءات عملية


نيروبي: 14 سبتمبر 2025 – راديو دبنقا
وصف القيادي المدني والكاتب والمحلل السياسي الدكتور الشفيع خضر بيان الآلية الرباعية حول الوضع في السودان بأنه يمثل خطوة إيجابية في اتجاه وقف الحرب.

وأصدر وزراء خارجية الدول المكوّنة للآلية الرباعية المعنية بملف النزاع في السودان (السعودية، الولايات المتحدة الأمريكية، الإمارات، ومصر) بياناً عقب اجتماعهم في واشنطن الجمعة، دعوا فيه إلى هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر لتمكين دخول المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء البلاد، على أن تقود الهدنة مباشرة إلى وقف دائم لإطلاق النار، ومن ثم إطلاق عملية انتقالية شاملة وشفافة تنتهي خلال تسعة أشهر بما يلبي تطلعات السودانيين نحو إقامة حكومة مدنية. كما أكدت المجموعة على ضرورة عدم تأثير الجماعات المتطرفة العنيفة المتأثرة بجملعة الإخوان المسلمين وإيقاف للدعم العسكري الخارجي والضغط على
طرفي الصراع.

اشتراطات النجاح


و أكد  الدكتور الشفيع خضر في مقابلة مع راديو دبنقا أن نجاح هذه الخطوة مرهون بترجمتها إلى إجراءات عملية وبرامج واقعية على الأرض. وأضاف: “الحديث عن ضرورة وقف الحرب ومساعدة المدنيين ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات كله حديث إيجابي، نأمل أن يُترجم إلى خطوات عملية”.

وقال خضر لراديو دبنقا إن السودان شهد منذ اندلاع النزاع سلسلة طويلة من التصريحات والبيانات الدولية، لكنها غالباً ما افتقرت إلى آليات وإجراءات عملية تُسهم في وقف الحرب. وأضاف: “هذه المرة هناك جديد، إذ تضمن البيان دعوة واضحة وصريحة لوقف الحرب، وهو ما يجعله مختلفاً عن البيانات السابقة التي كانت تفتقد الوضوح والجدية”. وتوقع أن تكون هناك خطوات عملية هذه المرة تشمل تشاوراً مع القوى السياسية وجميع الأطراف السودانية.

رؤية متوافق عليها

وأشار الدكتور الشفيع خضر إلى أن القوى المدنية السودانية قد صاغت بالفعل رؤية متوافقاً عليها لوقف الحرب، وهي رؤية قال إنها أجابت عن أسئلة صعبة مطروحة منذ اندلاع النزاع. وتشمل هذه الرؤية ـ بحسب قوله ـ مستقبل الأطراف المتحاربة، وضمان العدالة الانتقالية، ووضع أسس الحكم الانتقالي، وهي قضايا يراها ضرورية لتأمين عملية سلام مستدامة.

وحذّر القيادي من خطورة تضارب المبادرات وتعدد الرؤى غير المنسقة، مبيناً أن ذلك قد يقود إلى تعطيل أي فرصة حقيقية للتسوية. وقال: “هناك حاجة ملحّة لأن تتكامل الجهود الإقليمية والدولية مع الرؤية الوطنية التي صاغتها القوى المدنية، حتى لا يصبح تعدد المسارات عائقاً أمام تحقيق السلام”.

كارثة تعليمية


وفي سياق متصل، لفت الشفيع خضر إلى ما وصفه بـ”الكارثة التعليمية” التي أفرزتها الحرب، مشيراً إلى أن ملايين الأطفال والشباب أصبحوا خارج النظام التعليمي بسبب النزاع الدائر. وشدد على أن معالجة هذا الملف يجب أن تكون من أولويات أي تسوية سياسية أو دعم دولي، مضيفاً: “قبل الحديث عن أي ترتيبات سياسية كبرى، علينا التفكير في كيفية إعادة هؤلاء الملايين إلى مقاعد الدراسة، فالتعليم هو صمام الأمان لمستقبل السودان”. ودعا المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية إلى
المساهمة في هذا الملف الحيوي
.
وأكد أن بيان الآلية الرباعية يمثل بداية إيجابية، لكنه لن يكون كافياً ما لم يتبعه عمل جاد على الأرض، قائلاً: “نتمنى أن يكون هذا البيان بداية لمسار عملي يوقف الحرب فعلياً ويضع السودان على طريق السلام والاستقرار”.

ردود فعل متباينة

لكن البيان واجه رفضاً قاطعاً من الحكومة التي يقودها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، حيث أصدرت وزارة الخارجية بياناً أعلنت فيه رفض الحكومة لما ورد في بيان الرباعية، وقالت الوزارة: “إن البيان لا يعني السودان بشيء”.
بينما رحّبت حكومة تأسيس لتي يقودها قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو بمخرجات اجتماع دول الآلية الرباعية، وأكدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في بيان لها ترحيب حكومة تأسيس بكل الجهود المبذولة لإنهاء الحرب في السودان عبر عملية سياسية شاملة، وجددت التزامها بالعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين من أجل سلام عادل
ودائم في البلاد.

وفي السياق ذاته، رحّب التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” ببيان المجموعة الرباعية بشأن السودان، مؤكداً دعمه الكامل للخطة المطروحة لإنهاء النزاع. وأشاد التحالف بتركيز البيان على الحل السلمي وضرورة وصول المساعدات الإنسانية، داعياً أطراف النزاع إلى الالتزام بالخطة.

تطور مهم

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي فيصل محمد صالح إن بيان الرباعية الدولية يُعدّ من أهم التطورات في قضية الحرب والسلام منذ قرابة ثلاث سنوات. وأوضح لراديو دبنقا أن المهم الآن هو كيفية استغلال السودانيين الداعين إلى وقف الحرب وإحلال السلام لهذا الموقف الدولي. وأكد أن الفرصة مواتية للعمل المدني لوقف الحرب والانطلاق لتحريك قطاعات الشعب، مع ضرورة توفر الإرادة الداخلية.

وفي هذا الخصوص، قالت الدكتورة أسماء أحمد النعيم من مبادرة “نداء السلام في السودان” إن بيان الرباعية خطوة جيدة إلى الأمام ومبشّرة. وأكدت في حديث لراديو دبنقا ضرورة وضع المدنيين السودانيين في قلب الحل، مبينة أن أي سلام حقيقي ودائم لا يمكن أن يتحقق إلا بقيادة سودانية، مع التأكيد على أهمية دور العالم ودول الجوار والإقليم.

Welcome

Install
×