السودانيون في كمبالا: التمسك بالعادات والتقاليد لمقاومة ظروف اللجوء

صورة لمجموعة من السودانيين في كمبالاـ خاص راديو دبنقا

كمبالا: 16ابريل2024: راديو دبنقا
تقرير: عبد المنعم مادبو

في منطقة كاومبي بمدينة كمبالا العاصمة الاوغندية تعيش عشرات الأسر السودانية التي أجبرتها الحرب على الفرار من السودان، بعد مرور عام على هذه الحرب بات السودانيون أكثر حرصاً على التأقلم مع الحياة في “كاومبي” ويقاومون صعوباتها من خلال التمسك بالعادات والتقاليد السودانية، فبدأوا ينظمون الزيارات الاجتماعية ومناسبات الاعراس و”السماية أو العقيقة” والرحلات الترفيهية للاسر والشباب بغرض خلق حالة من الترابط الاجتماعي.

سماية في كمبالا

في احد المنازل بكاومبي لبى عدد من السودانيين وليمة غداء “سماية” قدمها الشاب احمد عباس الذي رزقه الله بطفل في الأيام الأخيرة من شهر رمضان، فتحول التجمع الى فرصة لمعرفة اخبار بعض ومشاركة الكثير من المواقف التي مروا بها خلال تجربتهم مع الحرب واللجوء، كما انها كانت مناسبة لاستعادة جزء من طقوس الحياة السودانية بعاداتها وتقاليدها، ويقول دكتور داؤود محمد عبد الله- الذي وصل الى يوغندا قبل ثلاثة اشهر- ان الشيء الجميل في منطقة “كاومبي” إن أعداد اللاجئين السودانيين كبيرة جداً، وان هذا الوجود يعطيهم احساس بالتغلب على الغربة من خلال المحافظة على خصوصية العادات والتقاليد السودانية ولمة الأسر.

واضاف: وجودنا الآن في هذه المناسبة الاجتماعية يعكس مدى ترابط اللاجئين السودانيين في يوغندا وأن هذا الترابط يخفف علينا كثير وطأة الغربة وآثار الحرب، فوجود الناس مع بعضهم في مثل هذه الجلسة يجعلهم يتناسون المآسي والاوجاع والمشاكل التي واجهتهم، وتعكس في نفس الوقت خصوصية المجتمع السوداني، قال المجتمع السوداني بطبعه متماسك واجتماعي لا يميل الى الانعزال.

دهشة الاوغنديين

يقول دكتور داؤود لراديو دبنقا إنه لاحظ دهشة كبيرة في وجوه بعض اليوغنديين من ممارسة السودانيين لعاداتهم وتقاليدهم وجلساتهم الاجتماعية، خاصة عند مشاهدتهم تجمع السودانيين في هذه المناسبة “السماية” واضاف: مشهد غريب بالنسبة لهم مجموعة اجانب يرتدون جلابيب بيضاء ويتجمعون حول مائدة غداء واحدة يتناولون الطعام بصورة جماعية، وهذه واحدة من الاشياء الجميلة التي يتميز بها الشعب السوداني.
وذكر ان لمة السودانيين في بيت “السماية” منحهم الأحساس بعيد الفطر المبارك، وقال إن الحياة لابد ان تمضي بالطريقة التي اعتاد عليها السودانيون، واضاف “في الايام الجاية ستسمعون بمناسبات ختان واعراس وغيرها من العادات والتقاليد السودانية في الافراح، واشار الى انهم في منطقة “كاومبي” يسعون الى توسيع دائرة المشاركة الاجتماعية بين السودانيين ليتمكنوا من مؤازرة بعضهم وتجاوز الصعوبات التي تواجههم جراء الحرب. بينما يؤكد أدم حسن ان السودانيين يحاولون المحافظة على العادات والتقاليد والقيم التي يتميزون بها، ويؤازرون بعضهم لتجاوز الاوجاع والمآسي التي تركوها خلفهم.

تبادل الثقافات

يقول آدم حسن لراديو دبنقا ان الزيارات الأسرية في المنازل، زيارة المرضى في المستشفيات كلها عادات عندنا في السودان وغير موجود منها الا القليل هنا في اوغندا، لكن بفضل تمسكنا بعاداتنا وتقاليدنا وافطاراتنا الجماعية في “الضريات” في رمضان لفتنا انتباه اليوغنديين، لدرجة أن أحد المسلمين اليوغنديين قدم لنا دعوة للإفطار امام متجره بمنطقة كاومبي.

ويضيف آدم حسن بأنهم رغم الاختلاف في النظام الغذائي مع الاوغنديين إلا ان السودانيين بدأوا يتبادلون مع جيرانهم الاوغنديين طرق طهي الطعام، وأوضح انه عندما قدم لهم أحد جيرانهم الدعوة للإفطار في رمضان وجدوا انه اعد لهم الطعام على الطريقة السودانية، ووضع فيها “البهارات” السودانية على الرغم انهم لا يطهون الطعام بالبهارات.

مشيراً الى انهم قاموا بزيارة لأحد جيرانهم في المستشفى عندما اجهضت زوجته، واضاف: هذه الزيارة وجدت صدى طيباً لدى الجار الاوغندي لدرجة أنه ذرف الدموع، وكان موقفاً مؤثراً جداً وهو نوع من نقل الثقافات الجيدة للمجتمعات الاخرى، وعكس صورة مشرفة للشعب السوداني.

رحلات ترفيهية

وضمن محاولات التأقلم مع الوضع هنا في كمبالا، وتوطيد العلاقات بين اللاجئين السودانيين، قررت مجموعة من الشباب تنظيم رحلة اسبوعية، وقال آدم حسن ان الهدف من الرحلة استعادة بعض الانشطة التي كانوا يقومون بها في السودان، واضاف: السبت الماضي قمنا برحلة الى منطقة تبعد 93 كيلو متر شمالي مدينة كمبالا، وقضينا يوماً جميلاً في مزرعة احد المستثمرين السودانيين الذي رحب بنا ترحيباً حاراً، وطلب منا ان تكون الرحلة اسبوعية، وتابع: مثل هذه الأنشطة والرحلات الجماعية من شأنها ان تحافظ على الترابط الاجتماعي للاجئين في اوغندا، وبالتأكيد ستجعلنا متجمعاً متآزرا ومترابطاً يشعر بقضايا بعض.

ويوجد في دولة يوغندا نحو 15 ألف لاجئ سوداني يقطن اغلبهم في المدن المختلفة بينما يعيش عدد قليل منهم في مخيمات اللجوء، وشهدت الايام الماضية الكثير من مناسبات الاعراس بين السودانيين اللاجئين هنا في كمبالا.