إحدى حافظات السلام تقوم بتسجيل النازحين من لبدو بموقع البعثة الميداني قبل مقابلة الفريق الطبي . تصوير البرت غنزاليس فاران، اليوناميد

امستردام : الثلاثاء 27 فبراير 2024: (راديو دبنقا )

تقرير: محمد سليمان
عوامل كثيرة تؤدي إلى حدوث المجاعات كالتغيرات المناخية وقلة الأمطار بجانب ظهور الآفات الزراعية التي تقضي على المحاصيل الزراعية، لكن كارثة المجاعة أو الجوع الذي ظهر مع اشتداد المعارك العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع والتي أدت إلى إغلاق الطرق وتدمير الخدمات والأسواق بجانب منع المنظمات الإنسانية من إدخال الغذاء للمحتاجين والمحاصرين في مناطق المعارك، كارثة من صنع البشر جعلت من لم يمت بالرصاص يموت جوعاً. وحذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من أن ما لا يقل عن 25 مليون شخصا في السودان يعانون من الجوع وسوء التغذية وحذر من كارثة جوع مدمرة تلوح في الأفق.

وضع كارثي
يؤكد الصحفي عبد الرحمن العاجب أن الوضع في دارفور كارثي، ومنذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023 ظل الوضع في عموم السودان وفي دارفور في تراجع يومي وأستطيع أن أؤكد أن هنالك أربعة من ولايات دارفور لم تصلها مواد إغاثية وأدوية منذ اندلاع الحرب ويلفت إلى أن الوضع ظل في تردي شهراً بعد شهر ووصل إلى حد أن يموت طفل في كل ساعتين في معسكر زمزم وبقية المعسكرات المنتشرة في إقليم دارفور والبالغ عددها أكثر من 54 معسكراً في ولايات دارفور الخمسة، ويري أن هذا مؤشر خطير لأن الأطفال يموتون بسبب سوء التغذية الحاد هذا الأمر كشفته منظمة أطباء بلا حدود في معسكر زمزم الذي يقع في ولاية شمال دارفور وهذا يؤكد أن الأوضاع في جميع معسكرات النازحين تمضي بذات الوتيرة.

نداء عاجل للمنظمات
وقال العاجب لراديو دبنقا أن هذا الوضع المتردي الذي ينذر بحدوث مجاعة يتطلب تدخلا عاجلا للمنظمات الدولية العاملة في مجال الإغاثة والعمل الإنساني لان استرار الأوضاع كما هي الان سيخلق واقعا جديدا أسواء من واقع الحرب نفسه ولابد أن تقف هذه الحرب وإذا لم تقف هذه الحرب فإن السودانيون سيموتون بالمجاعة بدلاً من أن يموتوا بالرصاص، ويتابع قائلاً حإلىاً بدأ الموت جوعاً وهناك حالات كثيرة لا تحصي ماتت بسبب الجوع في معسكرات النازحين والمدن المحاصرة الذي يدور فيها القتال.


لا للحرب نعم للسلام
ويقول العاجب الذي يعيش في مدينة عديلة في ولاية شرق دارفور أن الوضع الاقتصادي والأوضاع الإنسانية في ولايات دارفور سيئة للغاية حتى المواد التموينية التي كانت تأتي إلى دارفور من ولاية الجزيرة توقفت بعد سقوط مدني على يد قوات الدعم السريع، ويشير إلى أن هذا أيضاً مؤشر خطير.
نستطيع أن نقول أن ولايات دارفور الخمسة منفصلة تماماً عن بقية ولايات السودان ويضيف استطاع المواطنون والتجار حاليا من فتح خطوط إمداد جديدة أصبحت ولايات دارفور تتعامل مع دولة جنوب السودان بالإضافة للتعامل مع دولة ليبيا الآن معظم البضائع من ليبيا، ولدى المواطنين في غرب دارفور لديهم تواصل مع دولة تشاد أيضاً. ويؤكد لولا هذه المنافذ لحدثت كارثة في ولايات دارفور فوق التي حدثت، ويتابع هذا الواقع يحتاج إلى معالجة عاجلة لأن معاناة الحرب سوف تتضاعف. وقال أن معظم المواطنين الآن تحولوا إلى عاطلين عن العمل حيث لا توجد أي فرص عمل والموسم الزراعي فشل نسبة لتوقف التمويل من البنوك. حتي المساحات التي تمت زراعتها مساحات صغيرة للغاية وهذا مؤشر خطير. وينوه إلى أن هناك مؤشر مجاعة كما ذكرت تقارير الأمم المتحدة بأن هنالك 18 مليون سوداني بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة وقالت الأمم من المتحدة هؤلاء الـ 18 مليون إذا لم يحصلوا على مساعدات في ظرف ثلاثة أشهر سيصبحون عرضة للمجاعة الحادة هذا الأمر يحتاج بالضرورة إلى تضافر جهود الجميع.
كل المواطنين أصبحوا فقراء ولا يمتلكون أي شيء وكل المدخرات التي كانوا يدخرونها للملمات تم بيعها. الوضع كارثي ليس في دارفور وحدها، بل في كل ولايات السودان وهذا يتطلب من الجميع أن يقولوا بصوت عال لا للحرب نعم للسلام والحرب من المفترض أن تتوقف اليوم قبل غداً الحرب إذا لم تقف فان الموت بسبب الجوع يكون أكثر مما هو بسبب الحرب.

حكومة إقليم دارفور مقصرة
ويري العاجب أن حكومة إقليم دارفور مقصرة تقصيرا تاما لأن كل الإغاثات التي وصلت من الخارج لم تصل إلى دارفور وكل هذا يتحمله حاكم الإقليم ووزير المالية جبريل ابراهيم وأحمد آدم بخيت. ويؤكد أن هناك اتهامات بإن بعض الموظفين العاملين في هذه المؤسسات تصرفوا في الإغاثة. ويضيف عندما كان مني مناوي والدكتور جبريل ابراهيم على الحياد كانت قوافل التجارة والإغاثة تصل دارفور مرتين في الشهر وكان يوصل المواد الإغاثية والمواطنين لكن بعد تخليهم عن الحياد توقف الطوف تماماً لأكثر من شهرين وهذا مؤشر خطير إلى أن المتغيرات في دارفور يمكن أن تتغير إلى الأسوأ.

حرب تجويع
يقول الكاتب والمحلل السياسي محمد موسي حريكة في الواقع أن الجوع مرتبط بعوامل عدة من ضمنها الكوارث الطبيعية مثل ضعف الإنتاج وقلة الأمطار، ولكن الكارثة الأفظع المرتبطة بالجوع هي الحروب وكما هو مشاهد في الحرب السودانية الآن والتي أصبحت حرب تجويع وهي شرخ قاتل وجزء من السلاح المستخدم وهي التي ضاعفت كوارث الجوع للإنسان السوداني على طوال وعرض البلاد، ويضيف أن طفلا يموت كل ساعة حسب إحصائيات الأمم المتحدة بسبب الجوع وربما أكثر.

الطريق لمواجهة الجوع
ويري أن الطريق لمواجهة الجوع وأضح يتمثل في وقف الحرب وفتح ممرات إنسانية لإيصال الإغاثة للمحتاجين والسماح للمنظمات الإنسانية بالدخول لإغاثة المواطن السوداني. ويشير إلى أن حرب الجنوب في الثمانينات من القرن الماضي والتي ربما لا تقل شراسة عن الحرب الحالية والتي استمرت لسنوات لكن يبدو ان الطرفان كانا أكثر وعياً وإدراكاً بخطورة الجوع على الإنسان السوداني فإنشات ما عرف بتلك الفترة بشريان الحياة واستطاع المجتمع الدولي أن يفرض إرادته على المتقاتلين إنقاذ حياة الآلاف السودانيين من المجاعة. وينادي حريكة بإيقاف الحرب وفرض مناطق وطرق آمنة لإيصال المساعدات للمحتاجين.

تسرب الإغاثة إلى الأسواق
ويشير حريكة إلى أن المنظمات الدولية التي تعمل في الحقل الإنساني ظلت تناشد الاطراف المختلفة منذ بداية الحرب بفتح مسارات آمنة لإيصال المساعدات للمحتاجين وزيادة على ذلك لهذه المنظمات تحاول ضمان وصول الإغاثة لمستحقيها وحمايتها من الفساد كما ورد في تقرير قناة ال سي أن أن التي كشفت كيف تتسرب الإغاثة إلى الأسواق المختلفة في شندي والدامر وكسلا وبورتسودان نفسها. كما تعاني منظمات الإغاثة الإنسانية من العوائق البيروقراطية وتأخير الحصول على تأشيرات الدخول لموظفيها.
ويؤكد حريكة أن الخارجية السودانية هي الممسكة بزمام الأمر وهي الآن مسؤولة عن تدفق الإغاثة وعدم تدفق الإغاثة للسودان وربما حتي ملف الحرب بين يدي الخارجية السودانية ويدعو المنظمات العاملة في هذا المجال من الأحزاب المختلفة والقوي الإنسانية المختلفة المنتشرة على مستوي العالم للضغط على الحكومة السودانية والدعم السريع لفتح ممرات آمنة حتى تصل الإغاثة إلى المتضررين في كل أنحاء السودان.