التشوهات المزمنة وغياب إرادة الإصلاح الأمني والعسكري قادت للحرب

اعتبر الأستاذ مهدي رابح برير أن حرب 15 أبريل 2023 تمثل أعلى تجليات تشوه بنى الدولة السودانية، السياسية والاقتصادية والمؤسسية وغيرها وفي مركز هذه البنى وأكثرها تشوها الأجهزة المكونة للقطاع العسكري الأمني.  في معرض حديثه عن أزمة القطاع الأمني والعسكري ومتطلبات إصلاحه لبرنامج ملفات سودانية يذاع مساء السبت المقبل أن هذه الحرب كانت حتمية بسبب تشوه القطاع العسكري الامني وغياب إرادة الإصلاح لدى قيادته. وقد عمل المدنيون من أجل ذلك ودعوا العسكريين للانخراط في عملية الإصلاح، لكن هذه العملية توقفت بكل أسف مع اندلاع الحرب.

تغيير شامل للمفاهيم والمؤسسات

وأكد مهدي رابح برير في حديثه لبرنامج ملفات سودانية على راديو دبنقا أن واقع ما بعد الحرب سيفرض معطيات جديدة، وربما تظهر قوات جديدة حاملة للسلاح في المشهد وأمراء حرب جدد مما يحول العملية من عملية لإصلاح القطاع الأمني والعسكري إلى عملية للإصلاح الأمني بمعناه الشامل وفي مركز هذه العملية بناء قطاع أمني وعسكري على أسس جديدة.

ويعني ذلك تغييرا شاملا لهذا القطاع وللمفاهيم القديمة التي بني عليها، حيث إن القطاع الأمني والعسكري ومنذ عهد الاستعمار كانت أجندته وأولوياته واهتماماته هي حماية السلطة الموجودة في مركز السودان وحماية الدولة التي تحكمها نخبة، سواء أن كانت نخبة مستعمرة أو النخب التي سيطرت على السلطة بعده، بدلا عن توفير خدمة الأمن لكل المواطنات والمواطنين السودانيين بصورة متساوية أو بكلمات أخرى القيام بدوره الأساسي والدستوري.

ضرورة خضوع الجيش للسلطة السياسية

وشدد مهدي رابح برير أن عملية بناء جديدة للقطاع الأمني والعسكري يجب أن تبدأ بالاعتراف بوجود الفاعلين الحاليين في هذا القطاع. وعبر عن قناعته في حديثه لبرنامج ملفات سودانية أن النقطة الأولى في عملية الإصلاح هي إيقاف الحرب والدخول في عملية سياسية على أن يكون الشرط الأساسي لوصولها لأعتاب عملية إعادة بناء السودان وإعادة بناء المؤسسات هو أن تقودها القوى المدنية الديمقراطية الحاملة لمشروع التحول المدني الديمقراطي.

ولابد أن يحدث ذلك عبر حل سلمي متدرج طويل المدى تعمل القوى المدنية على تطوير ملامحه المختلفة عبر حوار مجتمعي. كما سيكون على السودانيين الاتفاق عبر البناء الدستوري على شكل هذا القطاع، مهامه، صلاحياته وعلاقته بالسلطة السياسية وفوق هذا وذاك الاتفاق على المبادئ الأساسية أو المبادئ التي تعرف بالمبادئ فوق الدستورية، وعلى رأسها عدم تدخل الجيش والقطاع الأمني والعسكري في السياسة وخضوعها التام للسلطة السياسية..