أطباء بلا حدود: قوات الدعم السريع تمنع المدنيين من مغادرة الفاشر
نازحون من الفاشر إلى طويلة -منظمة الهجرة الدولية
باريس – 1 نوفمبر 2025 – راديو دبنقا
تُدين منظمة أطباء بلا حدود الفظائع الجماعية المروّعة وعمليات القتل، سواء كانت عشوائية أو على أساسٍ عِرقي، والتي بلغت ذروتها هذا الأسبوع في مدينة الفاشر ومحيطها في السودان.
وتجدد المنظمة مخاوفها من أن أعدادًا كبيرة من الناس ما زالت في خطر داهم، وأن قوات الدعم السريع وحلفاءها يمنعونهم من الوصول إلى مناطق أكثر أمانًا، مثل طويلة، حيث تعمل فرقها.
وخلال الأيام الخمسة الماضية، تمكّن أكثر من خمسة آلاف شخص من شقّ طريقهم إلى طويلة، وفقًا لوكالات الإغاثة العاملة في الميدان. ويروي هؤلاء الناجون شهادات عن مجازر مروّعة، ويتحدثون عن أشخاص ما زالوا عالقين ويتعرضون للتعذيب والاختطاف مقابل فدية، إضافة إلى العنف الجنسي والإعدامات الميدانية في الفاشر والمدن المجاورة وعلى طول طرق الفرار.
في الأشهر الأخيرة، فَرّت موجات من المدنيين إلى طويلة مع تصاعد العنف في الفاشر، علمًا أنّ المدينة كانت تؤوي نحو 260 ألف شخص حتى أواخر أغسطس، وفقًا للأمم المتحدة.
أعداد النازحين لا تتناسب مع الفظائع
يتساءل رئيس قسم الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود، ميشيل أوليفييه لاشاريتيه:“إنّ أعداد الوافدين لا تتناسب مع حجم التقارير المتزايدة عن الفظائع واسعة النطاق. أين جميع المفقودين الذين نجوا من أشهر من المجاعة والعنف في الفاشر؟”
ويضيف:”بناءً على ما يخبرنا به المرضى، فإن الإجابة الأكثر ترجيحًا، وإن كانت مُخيفة، هي أنهم يُقتلون ويُمنعون ويُطاردون عند محاولتهم الفرار. ندعو قوات الدعم السريع والجماعات المسلحة المتحالفة معها بإلحاح إلى تجنيب المدنيين المخاطر والسماح لهم بالوصول إلى برّ الأمان. كما نحث جميع الأطراف الدبلوماسية المعنية، بما في ذلك الرباعية التي تضم الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر، على استخدام نفوذها
لوقف حمّام الدم.”
سوء تغذية
بين 26 و28 أكتوبر، نُقل وافدون جدد من الفاشر — معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن الذين يعانون مستويات كارثية من سوء التغذية — بواسطة الشاحنات. أما آخرون، بمن فيهم المصابون بطلقات نارية، فقد سافروا سيرًا على الأقدام، مختبئين نهارًا ومتسللين ليلًا لتجنّب المسلحين على الطرق الرئيسة.
ومن بين الوافدين الجدد في 27 أكتوبر، كان جميع الأطفال دون سن الخامسة وعددهم 70 يعانون من سوء تغذية حاد، علمًا أنّ 57 في المئة منهم مصابون بسوء تغذية حادّ شديد. وفي اليوم التالي، ذكرت المنظمة أن فريقها فحص 120 رجلًا قادمين من الفاشر، كان 20 في المئة منهم يعانون من سوء تغذية حادّ شديد.
تشير هذه المؤشرات المروّعة إلى المعاناة الشديدة التي تكبّدها سكان الفاشر والمخيمات المحيطة بها. فقد أُعلنت المنطقة في حالة مجاعة منذ أكثر من عام، ومنذ ذلك الحين تعاني انقطاعًا متزايدًا في الغذاء والإمدادات المنقذة للحياة، بينما يعتمد الناس على علف الحيوانات للبقاء على قيد الحياة.
قتل الفارين
وأفاد عدد من شهود العيان لمنظمة أطباء بلا حدود بأنّ مجموعة مكوّنة من نحو 500 مدني، إضافة إلى جنود من القوات المسلحة السودانية والقوات المشتركة، حاولوا الفرار في 26 أكتوبر، فقُتل معظمهم أو أُسر على يد قوات الدعم السريع وحلفائها.
وأبلغ ناجون بأنّ الأفراد فُصلوا وفق الجنس أو العمر أو الهوية العِرقية المفترضة، مع بقاء العديد منهم محتجزين مقابل فدية تراوحت بين 5 و30 مليون جنيه سوداني (ما يعادل 7,000 إلى 43,000 يورو). وقال أحد الناجين إنه دفع 24 مليون جنيه سوداني (34,000 يورو) لخاطفيه لإنقاذ حياته والهرب، فيما روى آخر مشاهد مروّعة لمقاتلين يسحقون سجناء بمركباتهم.
وبالنظر إلى حالة الأشخاص الذين نجوا بصعوبة بالغة ووصلوا إلى طويلة، يتضح أنهم بحاجة ماسة إلى الرعاية الطبية والغذائية، والدعم النفسي والاجتماعي، إضافة إلى المأوى والمياه والمساعدة الإنسانية الشاملة.
استجابة طبية وإنسانية عاجلة
وفي هذا السياق، قالت نائبة رئيس قسم الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود، الدكتورة ليفيا تامبيليني:“بين 26 و29 أكتوبر استقبلنا 396 مصابًا وعالجنا أكثر من 700 وافد جديد من الفاشر في غرفة طوارئ مخصصة بالمستشفى. وتتمثل الإصابات الرئيسة للمرضى الذين يتلقّون العلاج حاليًا في جروح ناجمة عن طلقات نارية وكسور وإصابات أخرى ناتجة عن الضرب والتعذيب.
ويعاني بعضهم جروحًا ملتهبة أو مضاعفات ناجمة عن عمليات جراحية أُجريت سابقًا في الفاشر في ظل ظروف صعبة للغاية، مع انعدام شبه تام للإمدادات الطبية والأدوية.”
يُشار إلى أنّ منظمة أطباء بلا حدود أنشأت مركزًا صحيًا عند مدخل طويلة، مع تعزيز خدمات الطوارئ والجراحة وسائر الخدمات الطبية في المستشفى. ومن الجدير بالذكر أنّ معظم موظفي المنظمة السودانيين في طويلة فقدوا أقاربهم في الفاشر خلال هذا الأسبوع.
يتوجه النازحون المقيمون أصلًا في المدينة للقاء الوافدين الجدد، على أمل التعرّف إلى وجه مألوف بين الجياع والمصدومين، أو للبحث عن أخبار عن أقاربهم المفقودين.
وتضيف تامبيليني:”بالنظر إلى حالة الأشخاص الذين نجوا بصعوبة بالغة ووصلوا إلى طويلة، من الواضح أنهم بحاجة ماسة إلى الرعاية الطبية والغذائية، والدعم النفسي والاجتماعي، والمأوى والمياه والمساعدة الإنسانية بشكل عام.
لم يعد هناك وقت يُهدر لإنقاذ الناجين الآخرين، بل يجب السماح لهم بالانتقال إلى مناطق أكثر أمانًا والحصول على المساعدة المنقذة للحياة.”


and then