أثر إستقالة حمدوك على الثورة ومقاومة إنقلاب ٢٥ أكتوبر

إستحوذ خبر إعتزام رئيس الوزراء دكتور عبدالله حمدوك الذي بثته وكالة رويترز مساء الثلاثاء ٢١ ديسمبر ٢٠٢١م تقديم إستقالته في غضون ساعات على إهتمام المتابعين للمشهد السياسي السوداني، نظراً للتداعيات المترتبة على حدوثه.

ماهر أبوجوخ

 

بقلم : ماهر أبوجوخ

إستحوذ خبر إعتزام رئيس الوزراء دكتور عبدالله حمدوك الذي بثته وكالة رويترز مساء الثلاثاء ٢١ ديسمبر ٢٠٢١م تقديم إستقالته في غضون ساعات على إهتمام المتابعين للمشهد السياسي السوداني، نظراً للتداعيات المترتبة على حدوثه.

بشكل ملخص فإن إستقالة رئيس الوزراء دكتور عبدالله حمدوك عند حدوثها وقبولها فالنتيجة المترتبة عليها هي إعادة تمدد إنقلاب ٢٥ أكتوبر مرة أخرى في المساحات التي إنحسر عنها وتقهقر منها، حينها سيتحرك الإنقلاب وعناصره لإستعادة السيطرة على مواضع سيطرتهم التي فقدوها لترتفع نسبة سيطرتهم على كل مفاصل الدولة ومؤسساتها المتناقصة يوماً بعد يوم لتعود سيطرتهم المطلقة على مؤسسات الدولة.

فعشية نشر (رويتزز) لخبر إعتزام رئيس الوزراء تقديم إستقالته في غضون ساعات، أصدر حمدوك قرار بإنهاء تكليف كل من مدير للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، والمكلف بتسيير مهام مدير البنك الزراعي الصادرين عن السلطة الإنقلابية بعد ٢٥ أكتوبر الماضي. طبقاً لتلك القرارات تمت إعادة مدير الإذاعة والتلفزيون المقال من الإنقلابيين الاستاذ لقمان أحمد لموقعه، وتمت تسمية بدرالدين عبدالله احمد العباس لتسيير مهام المدير العام للبنك الزراعي.

عند إستعادة الإنقلابيون للسيطرة المطلقة على مفاصل فإن السيناريو الأرجح هو جنوحهم للعنف لفرض الأمر الواقع لتهيئة المشهد لشمولية وديكتاتورية جديدة تحكم بالحديد والنار، وتقضي على الأخضر واليابس، فإن أحد الفرضيات المزعجة هو إحتمال مضي المشهد بخطى متسارعة صوب إنهيار أكبر بإنزلاق البلاد في أتون صراع عنيف في إطار ممارسة العنف والعنف المضاد بين الفرقاء المختلفين.

في تقديري أن خلاصة التبعات المترتبة والمتوقعة لسيناريو إستقالة حمدوك بعد قبولها ستجعل النصر على إنقلاب ٢٥ أكتوبر الذي يلوح في الأفق يبتعد رويداً، ويجعل مشوار (النصر) ذلك أطول وأقسي، ولذلك فإن حصيلة هذا المآل والمسار لهذا السيناريو واضحة للعيان ونتائجها لا تحتاج لكثير عناء بأن الثورة لم تنتصر بتلك الإستقالة، وأن الإنقلاب هو الكاسب الأكبر من سيناريو (الإستقالة).

سيبقي الخيار الأفضل والأسلم للإنتقال والبلاد والعباد العمل على تعزيز وحدة المكون المدني الحريصة والراغبة لإستكمال مهام الإنتقال وإستدامة الديمقراطية والسلام والعدالة ومناهضة أي توجه إنقلابي عبر مغادرة هذا المكون المدني لمحطة التشرذم والتفكك، ليس بغرض مجابهة ما تبقي من مظاهر الإنقلاب وإنما لوضع الأساس وخارطة الطريق لعبور وطننا صوب المستقبل.

أما إذا ما تقاصرت همة المكون المدني الداعم للإنتقال المناهض للإنقلاب عن الإستجابة لهذا التحدى الظرفي المستوجب وحدة كل مكوناته، جراء سيادة المرارات الشخصية والمصالح الذاتية الضيقة وتغليب الكيد والتناحر السياسي بيت مكوناتها من أحزاب ومنظمات مجتمع مدني ولجان مقاومة ورئيس للوزراء وعاملين تحت أمرته، فإن التاريخ سيفرد حيزاً واسعاً في صفحاته تلعنهم جميعاً جراء إضاعتهم  أكبر سانحة تاريخية إتيحت للسودان للنهوض من كبوته ومفارقة الأزمات التي ظلت ملازمة له منذ إستقلاله. وعلى قيادة مكونات وأطراف المكون المدني –بما في ذلك حمدوك- أن تختار خيارها الآن وتحدد بناء عليه العنوان الذي سيلازم سيرة أي منهم عند كتابة التاريخ