هل أحرق حميدتي ورقة البرهان في الفشقة؟؟

لم تكن مدينة توريت في جنوب السودان ذات إهمية إقتصادية قبل حرب الجنوب ، ولكنها كانت ذات قيمة رمزية للحركة الشعبية بقيادة الراحل جون قرنق ، و الإعلام الحربي لبرنامج ساحات الفداء رفع من اسهم تلك المدينة وحولها لمعركة كبيرة ونثر حولها الشهداء فكانت جزءاً من ثقافة تلك الحرب الملعونة ..

البرهان وحميدتي

 

 بقلم: بشرى أحمد علي

 

لم تكن مدينة توريت في جنوب السودان ذات إهمية إقتصادية قبل حرب الجنوب ، ولكنها كانت ذات قيمة رمزية للحركة الشعبية بقيادة الراحل جون قرنق ، و الإعلام الحربي لبرنامج ساحات الفداء رفع من اسهم تلك المدينة وحولها لمعركة كبيرة ونثر حولها الشهداء فكانت جزءاً من ثقافة تلك الحرب الملعونة ..

وكذلك محافظة الفشقة والتي تُعتبر اقل أهمية من مثلث حلايب والذي يُعتبر قربه من البحر الأحمر من ناحية الشمال يعطيه الأهمية الكبرى حيث أنه منفتح على دول الحوض الشمالي من البحر الأحمر مثل الأردن ومصر وإسرائيل ..

نبش الفريق برهان قضية (الفشقة ) حتى يبعد أثيوبيا عن ملف السودان ، وهو كان يراهن على سقوط نظام ابي أحمد بسبب عمليات التيغراي التي دعمها هو والسيسي ، فقد عمد البرهان إلى نبش هذا القضية الحدودية ليضغط على شركائه في الحكم من المدنيين ويجعلهم يقطعون صلاتهم مع اثيوبيا بحجة انها دولة عدوة وتحتل أراضيهم ، ولذلك قامت حكومة الدكتور حمدوك بتفريغ السيدة مريم الصادق المهدي لهذه المهمة والتي تحولت لسكرتيرة لوزير الخارجية المصري سامح شكري ، حيث قامت المنصورة بزيادة شقة مساحة الإختلاف بين حكومتي حمدوك وأثيوبيا ولم تكن بذلك تعبر عن المصالح السودانية ، فقد مريم الصادق المهدي بومة حرب تنعق لتشعل نار الحرب وهي تخدم المصالح المصرية.

ولكن الجنرال حميدتي تعامل مع الصراع مع أثيوبيا بشكل براغماتي ، فهو لا يريد الزج بقواته في حروب مع دول الجوار ولذلك يعتبر حميدتي أكثر حذراً من رفيقه البرهان والذي يعتبر مثل الثور في مستودع الخزف يحطم الأثاث بقرونه ولا يهدأ إلا بعد أن يخلق المزيد من التلف والدمار ، وحميدتي في العادة يستمع لنصائح خارجية ويعمل بها لأنه غير مؤدلج ولا يضع عوائق سياسية تعطله عن تحقيق هدفه الأساسي وهو حكم كل السودان ،ولذلك كان من الأصلح له مهادنة أثيوبيا ..

وإنقلاب 25 إكتوبر قد قضى على كل أحلام برهان لحكم السودان ، فهو ضعيف ومتقلب في نظر حلفائه العرب وهم يروون عجزه في مواجهة الشارع ، بينما يتم التعامل معه في القارة الأفريقية بأنه ديكتاتور بغيض يصنع الأزمات مع دول الجوار حتى يحكم، ويرون فيه صورة مصغرة من نظام البشير ..

ذهاب الجنرال حميدتي لأثيوبيا تم في توقيت حساس بالنسبة للجميع ، فقد ضمن الرئيس أبي أحمد ورقة التيغراي والتي طالما هدده بها جنرالات مصر والسودان ، بينما اصبحت قضية سد النهضة ورقة قوية تلعب بها أثيوبيا ، حميدتي ذهب لبحث مستقبله السياسي وذلك إذا ساءت شراكته مع البرهان وذهبت لمستوي غير مثمر ، فأثيوبيا توفر ملاذاً لأموال الدعم السريع وتقوم بتدريب قواته على إستخدام سلاح الطيران حتى يكون قوى مؤثرة داخل معادلة الحكم في السودان . فما يجمع حميدتي بقادة اثيوبيا هو أكثر مما يوحده مع البرهان