د. عشاري أحمد محمود خليل: في لزوم الحذر من المثقفين ومن الصادق المهدي والجيش وجهاز الأمن والشرطة والقضائية ..

تُمثِّل هذه الهَبَّةُ الشبابيةُ الشعبيةُ الواسعةُ النطاق الشرطَ الضروري لاحتمالية اجتثاث الدولة الإسلامية الإجرامية الفاسدة من جذورها، ووضع حد للإسلامية…

عشاري احمد محمد محمود(وكالات)

بقلم: د. عشاري أحمد محمود خليل

 

أولا، ثورة الشباب الفقراء ضد الدولة الإسلامية

تُمثِّل هذه الهَبَّةُ الشبابيةُ الشعبيةُ الواسعةُ النطاق الشرطَ الضروري لاحتمالية اجتثاث الدولة الإسلامية الإجرامية الفاسدة من جذورها، ووضع حد للإسلامية كعقيدة سياسية في السودان. فالإسلامية في ماديتها كتنزيل الدين في الدولة، وكنظام الإنقاذ ذاته، هي العدو الأول لجميع المتظاهرين، خاصة الشباب، والإناث تحديدا.

وحين لخص المتظاهرون الأمرَ في "يسقط النظام"، و"الشعب يريد إسقاط النظام"، فإن هذا النظام المراد إسقاطه ليس إلا وهو ذاته "الدولة الإسلامية الإجرامية الفاسدة"، نتاج الحركة الإسلامية التي يتباكى على احتمالية نهايتها د. عبد الله علي إبراهيم، وهو عبد الله كان على علم تام أن الحركة الإسلامية معشوقته ظلت جاثمة على صدور السودانيين وممسكة برقابهم تحبس أنفاسهم على مدى ثلاثين عاما، بينما هو شخصيا كان يرتع في رياضها طيلة هذه العقود الثلاثة ويتغنى بمحاسنها.

ثانيا، لزوم العنف الثوري لزرع الخوف في أدمغة الإسلاميين

في نجاح المقاومة الشبابية

مهما كان مآل هذه الهبة الشبابية، فهي نجحت بصورة لا مثيل لها. ولم يكن ذلك النجاح متمثلا فقط في ذلك كسر حاجز الخوف من جهاز الأمن الإسلامي. فقد كان المواطنون قبل هذه الهبة الأخيرة نزعوا كل شرعية من الإسلاميين وظلوا يتحدونهم بعدة طرق، ولم يعد الإسلامي، وقد انكشفت حقيقته البائسة، يخيف أحدا، وأصبح هذا الإسلامي محط الاحتقار التام من قبل الجميع، الاحتقار له كشخص، ولعقيدته السياسية الفاسدة، الإسلامية.

ولا هو نجاح الهبة الشبابية اقتصر على ذلك تغييرها الجذري وضعية المقاومة السودانية بأكملها وقلب موازينها رأسا على عقب، مما جعل هؤلاء الشباب يحتلون موقعهم في المقدمة، كالمقاومة الأصيلة لا تضاهيها في الجدية والفاعلية إلا أصالة مقاومة النوبة تحت قيادة عبد العزيز الحلو، وبذلك تجاوز هؤلاء الشباب جميع كيانات المعارضة القديمة من الصادق المهدي إلى ياسر عرمان، مرورا بجميع حركات دارفور المسلحة.

زرع الخوف في عصبونات الإسلاميين

بل كان ما فعله هؤلاء الشباب الفقراء في مدن السودان المختلفة، في غضون ثلاثة أيام، يفوق في نوعيته كامل ما أنجزته كيانات المعارضة التقليدية مجتمعة خلال ثلاثين عاما.

وما فعلوه حقيقة هو إنجازهم زرع الخوف في أدمغة الإسلاميين، للمرة الأولى.

فبعد هذا اليوم، والدماغ الإسلامي أصبح مسكونا بالخوف من الشباب، لن تعود حياة هذا الإسلامي كما هي عليه كانت، حتى قبل أسبوع واحد، ومنذ انقلابهم العسكري بالاحتيال الإسلامي.

فاليوم، وللمرة الأولى، أصبح هذا الإسلامي السوداني المتنطع، بفعل هؤلاء الشباب، مستحوذا بالخوف. وهو لم يعد يعرف من أين ستأتيه الضربة الشبابية القاضية، وليس لديه أية فكرة متى هي القاضية تأتيه، أو كيف هي ستكون.

وفي فزعه يجد هذا الإسلامي النذل، وقد أخذه الشباب بالفجاءة على حين غرة، يجد نفسه غير قادر على حوسبة لوغريثمات هذه المقاومة الشبابية وقد خرجت لملاقاته بدون قيادات لها، وبدون طقوس، وبدون هيمنة إدارية، وبدون سلاح، وبدون استقواء بالمجتمع الدولي الخائب.

ومما يطيل عذاب هذا الإسلامي المفزوع بالخوف، وهو يفكر في كل لحظة عن طبيعة هذا الآتي المخيف، وعن متى يأتي وكيف سيأتي، يتقلب مزاجه من حال إلى حال، فتترَى الصور المتعاقبة والمشرذمة في مخيلة هذا الإسلامي الخوَّاف تغالبه الهلوسة يتكلم مع نفسه بدون حساب:

فما مصير الأموال والممتلكات التي نهبتها؟

ما مصيري أنا شخصيا؟

هل سيقطع المتظاهرون أصابعي، وربما زبي؟

هل سيتم اغتصابي باستخدام زجاجة الببسي المكسورة كما فعل المقاومون بالعقيد معمر القذافي؟

هل سيتم سحلي وجر جسدي في الشارع العام؟

هل سيعتدي المتظاهرون على زوجتي وبناتي مثلما هو النظام الذي أحميه ويحميني استخدم الاغتصاب الجنسي الإسلامي سلاحا للعدوان على النساء والفتيات والرجال أيضا؟

هل يحرقون بيتي؟

ثم تأتيه صور مستقبلية فيها التجريد من الأرصدة والممتلكات المنهوبة، وفيها المحاسبة القضائية على الجرائم المقترفة في حقوق مواطنين الخاصة وفي الحق العام.

وهو كله من ذهان يتملك عصبونات هذا الإسلامي النذل وهو يلاقي على غير موعد، ومن بعيد، هؤلاء الشباب الصناديد يتحدونه أن ينزل إلى الميدان.

ومثله هذا الذهان لابد كان استحوذ على مخيلة والي ولاية القضارف حين ولى الأدبار معرِّدا أمام الشباب المتظاهرين الذين لم يكونوا يحملون إلا أيديهم وبعض حجارة تكسرت على الزجاج المظلل السميك للسيارة المصنَّعة أصلا للهروب حين تأتي الحارة.

وما كان أولئك الشباب والصبية يقصدون أكثر من مضايقة الوالي الإسلامي الفار والضحك عليه حين فاجأهم بأنه كان دائما فرعونا عريانا.

التفكر في ماهية الخوف وكيفية تفعيله كتقنية للمقاومة

فلنركز على ماهية هذا "الخوف" المنزرع الآن في كينونة أنذال الإسلاميين، وعلى معنى هذا الخوف، وعلى دوره في تركيب المقاومة المستمرة في المكان والزمان، ضد هؤلاء الإسلاميين أصحاب الدولة الإسلامية الإجرامية الفاسدة.

فلن يخيف الإسلاميين شيء مثلما تخيفهم صور العنف الثوري في هيئة مبنى حزب المؤتمر الوطني في عطبرة تأكله النيران المشتعلة، مما يستدعي التفكير والتأمل في دور مثل هذا العنف الثوري في المقاومة ضد نظام لا يحترم قانونا ولا يعرف رحمة.

والآن ثابت بالتجربة أن من تقنيات زرع الخوف في أدمغة الإسلاميين تفعيل تقنيات هذا العنف الثوري من قبل الشباب الذين أحرقوا مبنى حزب المؤتمر الوطني في عطبرة. وكما أسلفت لم يكن ذلك الفعل عملا تخريبيا كما يدعي تصريحا الإسلاميون، وكما يتقوله تلميحا أو صمتا أو لولوة الصادق المهدي والمثقفون المحتالون، بل كان فعل إحراق هذا المبنى فعلا ثوريا أصيلا، فليس كل عنفٍ تخريباً، وليس كل عنف غيرَ مشروع.

ومن كَذِبِ القول ومن الاحتيال على الشباب الكلام الفارغ الذي يردده الصادق المهدي عن لزوم "تجنب العنف". فهنالك عنف ثوري محتفى به، من جهة، وعنف مجاني لا معنى له وهو غير مشروع، وربما كان غير منتج لصالح المقاومة الشبابية وضارا بها، من جهة أخرى.

العنف غير المشروع

فالعنف غير المشروع وغير الضروري هو ذلك الذي يستهدف زبانية النظام في أجسادهم، أو في أفراد أسرهم. ويشمل هذا العنف غير المشروع وغير الضروري كذلك تدمير الممتلكات الحيوية للحياة المعيشية للمواطنين.

وكله عنف معروف لا يتطلب كثير جدل، موضوعه الدماء والأعراض والممتلكات، بما في ذلك الممتلكات التي للأطفال فيها بعض حقوق، أقصد الأطفالَ المولودين لإسلاميين مجرمين من سَرَقة المال العام وهم الأغلبية الساحقة من إسلاميي الإنقاذ ولهم أطفال لا ذنب لهم، ويمكن للشباب تطوير قائمة تبين أشكال هذا العنف المحظور ضد هؤلاء الإسلاميين الأنذال، وضد مؤسسات الدولة الحيوية ذات العلاقة بالحياة المعيشية للمواطنين.

العنف الثوري

أما العنف الثوري المقبول والمشروع، بل والضروري لنجاح هبة الشباب ولتقويتها، فهو ذلك الذي يستهدف معامير نظام الإنقاذ ذات الأثر الرمزي. مثالا، حرق ذلك مبنى حزب المؤتمر الوطني في مدينة عطبرة، فهذا المبنى له قيمة رمزية وقانونية، فعلى مستوى القانون الموضوعي هو أحد مسارح جرائم نظام الإنقاذ، وهو عنوان إجرام نظام الإنقاذ. ومن ثم يجوز حرقه لهذا السبب، بالإضافة إلى قوة الصورة المرئية ودلالات فحش الإسلاميين في التطاول في البنيان مما كتب عنه الأستاذ عوض محمد الحسن في سودانايل بالأمس.

وليس مبنى حزب المؤتمر الوطني مجرد مبنى مثل الأبنية الأخرى، فهو معمار فاعل يتكلم باللغة، وهو لابد ظل يستفز المواطنين ليل نهار، يوميا، على مدار العام، ويمط لسانه ويفاصل يتحدى فقراء عطبرة بفحش العبارة، أركبوا هنا! فالإسلامي نذل له في البذاء قاموس متكامل، ولا توجد لغة كافية لتسجيل معاني فحشه وفجوره.

وكذا يجوز، حتى في الفقه الإسلامي، اجتياح المواطنين مخازن الغذاء والاستيلاء عليها وتوزيع مخزونها على الفقراء، في ظروف المجاعة وتكديس الأغنياء المواد الغذائية لأنفسهم وللمضاربة في الأسعار، ووقوف الحكومة في صف الأغنياء، وفي أوضاع احتقار الحكومة هذا المواطن، وكله من الوقائع المسوغة للعنف الثوري ضد هؤلاء الأنذال الإسلاميين.

الاحتراز عند إعمال العنف الثوري

فكل ما يتعين على الشباب فعله عند استهدافهم المعامير الرمزية هو ضمان عدم وجود أي شخص في هذه المباني، وإخلائها أولا من جميع الأشخاص، مما يضمن عدم اقتراف الشباب جريمة قتل أو جراح أو إعاقة.

وكذا يتعين أولا قبل حرق المباني ذات الرمزية، الاستيلاء على الوثائق في هذه المباني والاحتفاظ بها، لا حرقها، ما كان ذلك ممكنا.

ويلزم بالطبع تقدير جميع المخاطر الكامنة في مثل هذا العنف الثوري المشروع، المخاطر على الآخرين وعلى المقاومين أنفسهم.

وترتبط هذي عملية حرق المعامير الرمزية المملوكة للإسلاميين بموضوع الخوف الذي ذكرته سابقا، فهي عملية تزرع الخوف في عصبونات الإسلاميين، وهذه الزراعة من مقاصد الهبة الشبابية، ومن أهم محركات المقاومة.

ولعل أجمل الصور الفوتوغرافية عن المقاومة الشبابية هي الصور الثلاثة لمراحل اشتعال النيران في معمار حزب المؤتمر الوطني بمدينة عطبرة.

وكذا يُعتبر عملا مشروعا، على المستوى الثوري، اقتحامُ مقار الشرطة أو مكاتب الأمن أو أي مكان مهما كان لإنقاذ الشباب المعتقلين، خاصة تحرير الشابات، وهو فعل يكتسب مشروعيته القانونية من عقيدة الدفاع عن النفس في فلسلفة القانون الجنائي الإسلامي ذاته.

علما أنه ثابت أن الإسلاميين اقترفوا وظلوا يقترفون على مدى الثلاثين عاما الماضية بصورة منتظمة أفعال التعذيب والاغتصاب والتقتيل للمعارضين والمعارضات ممن يتم القبض عليهم بواسطة الأجهزة الأمنية.

وقد أظهرت مشاهد الفيديو المتداولة أن أعضاء الأجهزة الأمنية كانوا في حالة هياج وعنف مفرط نتاج تملكهم بالخوف عند قبضهم على المقاومين والقذف بهم في العربات، ولنا أن نتصور ما سيفعلونه بالمقبوض عليهم في اختفائية المكاتب المغلقة.

وليراجع الشباب أيضا التاريخ الثري بشأن العنف الثوري خارج القانون والذي لا يحكمه القانون الساري المعلنة أصلا بالهبة الشبابية عدم مشروعيته، فهنالك في التاريخ حرق مبنى الحزب الوطني في مصر إيذانا بنهاية نظام حسني مبارك، وكان فعلا ثوريا ضروريا لرفع معنويات المقاومين وفي الإسهام في زرع الخوف لدى حسني مبارك وزبانيته ومن ثم في إنجاح الثورة المصرية قبل أن يقطع طريقها الجيش.

وقبل ذلك بمائتين وثلاثين عاما تقريبا كان حريق الباستيل رمزا للثورة الفرنسية التي أطاحت بالملك وقطعت رأسه.

وليراجع الشباب أيضا فلسفة أدورنو عن "انتقاد العنف" وما تم نشره من كتابات في هذا المجال، ومعظمه متاح في الأنترنيت.

فملخص القول هو إن العنف الثوري المتفكر فيه بعناية مشروعٌ وضروريٌ لزرع الخوف في قلوب الإسلاميين، وهم بالطبع العدو المستهدَف، إذ ليست الهبة الشبابية مشاغبات رومانسية ضد كيان مجرد اسمه نظام الإنقاذ، بل هي بالدرجة الأولى فعل سياسي عنيف وقاصد موجه ضد هذا الإسلامي النذل كإسلامي لأنه الشخص السبب المباشر في عذاب السودانيين.

ولا يحدث العنف الثوري إلا في لحظات دوران هبة مقاومة ذات آفاق ثورية لتغيير النظام، ودورانها متقطع ومتوتر.

متى تنتهي مشروعية العنف الثوري

لا تنتهي مشروعية هذا العنف الثوري في السودان إلا في إطار نظام ديمقراطي يكفل الحريات وفيه نظام قضائي مستقل وعادل يمكن الاحتكام إليه لإحقاق الحقوق، وفقط حين لا يكون الجيش مجرد مليشيا للحزب الحاكم ولحماية انقضاض الحكام على موارد الدولة ومفاصلها، وحيث لا نجد الحكام مجموعة من الأشرار الأعضاء في مخططات للجريمة المنظمة، وحين لا يكون أفراد الشرطة كلاب حراسة للإسلامي الفاسد النذل، وحين لا يكون جهاز الأمن شركة تعمل في مجال الإجرام ومنصة لانطلاق البلطجية الحاقدين غير القادرين على التفكير في عمليات مرسومة للاعتداء على المواطنين.

هنا فقط، في ظروف انتفاء مثل الوقائع السلبية المذكورة، تنتفي ضرورة العنف الثوري ويفقد مشروعيته.

واليوم لا يمكن مناهضة الأنظمة الشريرة مثل النظام الإسلامي في السودان بالمظاهرات السلمية الخالصة من الشراسة ومن تحدي سلطة الغاصبين، تحديهم بقوة جموع الشباب. بل سيرحب النظام الغاشم ماطا لسانه بالمظاهرات السلمية الخالصة من كل عنف ثوري، وهو في انتهازيته واحتياله يدرك أنها بسلميتها لن تهدد بقاءه في السلطة، فيتمسك بالسلطة وببرامج الإفساد، ويتصنع أنه مع حرية التجمعات والتعبير ما دامت سلمية.

ثالثا، شباب التغيير والشباب الإسلاميون

يشمل تعبير "الشباب" جموع الأطفال في سن العاشرة، والمراهقين، ومن هم دون الثلاثين، جميعهم يمثلون الأغلبية بين المشاركين في المظاهرات.

ولأن الهبة الشبابية قامت تحديدا ضد نظام الإنقاذ تريد إسقاطه، يتعين الحذر، وأكرر ما كنت كتبته من قبل عدة مرات، أنه يتعين عدم عزل الشباب الإسلاميين المخدوعين بأوهام "الإسلام في الدولة".

فيكفي لإعادة تأهيل هؤلاء الشباب الإسلاميين المخدوعين أن يتم قبولهم والترحيب بهم في صفوف شباب التغيير، في أي وقت سيأتي، إن لم يكن بعض منهم مشاركا أصلا في المظاهرات.

ولابد أن هؤلاء الشباب الإسلاميين المخدوعين يرون اليوم بأنفسهم حقيقة الأوضاع الاقتصادية والسياسية المزرية. وهم لابد يرون في هذه المظاهرات البيان الساطع أن ذلك شعارهم "الإسلام في الدولة"، وهو ذاته الإسلامية العقيدة السياسية الفاسدة، تم لفظه ورفضه كلية من قبل جموع المتظاهرين في مدن السودان المختلفة، فليس النظام المراد إسقاطه إلا وهو ذاته الدولة الإسلامية بشريعتها في القانون والتدابير والقضاء.

والشباب الإسلاميون مثلهم مثل الشباب الآخرين، كذلك انطباعيون بسبب عمرهم ومرحلة نمائهم وعدم ترابط مناطق أدمغتهم، وهنالك نزقهم وركوبهم المخاطر دون تفكير، مثل مخاطر الإسلامية، العقيدة السياسية الفاسدة مثيلة النازية والفاشية والستالينية والقومية الجديدة، وهم يتلمسون طريقهم بين الأفكار والأيديولوجيات المختلفة، ولا يستقرون على حال، وأمامهم العمر كله.

واليوم يستيقن هؤلاء الشباب الإسلاميون المخدوعون بالأوهام أن تلك "الإسلامية" لا تأتي إلا ومن مكوناتها الإفقار والقهر والعنف والفساد وإجرام الدولة، وهو ملخص تاريخ حكم الإنقاذ الإسلامي الذي ظلوا مولعين به.

وحتى أولئك شباب الإسلاميين قليلي الأدب عديمي الأخلاق نتاج سوء التربية، يظل يوجد فيهم بعض أمل، دائما بسبب العمر وعدم ثبات اضطرابات سني المراهقة.

فيتعين على شباب التغيير التفكر في هذا الأمر.

رابعا، الأنذال الدهاقنة اشرار الإسلاميين

عندئذ، ستقتصر المشكلة على الإسلاميين الأنذال، الدهاقنة العصاة الأشداء الماكرين الذين تكلست أدمغتهم فلم يعودوا يعرفون إلا الشر، ولا أمل في صلاحهم. وأنت تراهم من كبير الأنذال عمر البشير مرورا بجميع وزرائه إلى مثقفيه المحتالين، الظاهرين والمخفيين في الداخل وفي الخارج والمتجولين بين القارات، وبكبار مسؤوليه في مؤسسات الدولة. هؤلاء هم أعداء ألداء للشعب السوداني، وثابت احتقارهم الشعب السوداني وإهانة كرامته والكذب عليه وخدعه.

ومن الأمور المضحكة أن عتاة هؤلاء الدهاقنة الإسلاميين هم الذين يعتمدهم الصادق المهدي ويريد معهم حوارا حول طريقة "حضارية"، عسى أن يتخلوا له ولابنته وحواريه من بضعة مقاعد في السلطة، وعسى أن يقذفوا إليه بعض فتات!

وكذا يتعين عدم تصديق الكذبة أن المشكلة تكمن في المؤسسات وأنها ليست في الأشخاص الأفراد، وهذه واحدة من عديد حذلقات المثقفين السودانيين المحتالين.

فالمشكلة الأساس بل هي في الأشخاص الإسلاميين أنفسهم، المعروفين والمعرَّفين بأجسادهم وأسمائهم وبعناوينهم، وبمواقعهم ونواتج أفعالهم الإجرامية في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية. وكذا هم معروفون لدى المواطنين والشباب المتظاهرين.

خامسا، العلمانية الصريحة هي البديل

فيظل البديل الواضح هو العلمانية الصريحة بمكوناتها المعروفة، وهي المتمثلة في العدالة وفي ضمان الحقوق جميعها كما هي الحقوق مسجلة في الشرعة الدولية، وتشمل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بدونها لا قيمة لحقوق سياسية أو مدنية، والعكس صحيح.

والخبز في ذاته ليس كافيا لضمان كرامة الإنسان السوداني، ما لم يتم في ذات الأوان ضمان استحقاقات الحرية الفردية، مثل حرية التعبير، وحرية الاعتقاد، والحريات الجنسية والإنجابية الخاصة بمنأى عن كل ما يسمى التزاما دينيا أصله في الشريعة ومصادرها.

سادسا، في الحريات الكاملة

أدرك أن عبارة "الحقوق الجنسية والإنجابية" ستجعل بعض المثقفين المنافقين يمعطون شعورهم متصنعين الاستنكار. وليس ذلك فقط لأنهم لا يؤمنون أصلا بصورة متعمقة في أهمية أي من الحريات جميعها، ولا لأنهم يريدون الحريات محجَّمة دائما بقوانين مستمدة من الشريعة الإسلامية، ولكنهم يمعطون شعورهم لأنهم، كمثقفين، بل يصدرون كدأبهم من فهم انتهازي واحتيالي متعال، مؤداه أن الحديث عن الحريات الفردية التي تطال الجنسانية والجنسوية من نوع الميول الجنسية، والحقوق الإنجابية، ليس هذا وقته، أو أن الجماهير لا تقبل مثل هذا الحديث "الحساس"، أو أن هذه الجماهير غير مستعدة لملاقاة هذا الأمر في مرحلة "تطورها" الحالي، أي أنها جماهير متخلفة لا تفهم، وهي مشغولة فقط بلقمة العيش! هكذا بهذا الكلام الفارغ يختزل المثقف المحتال الذي وفرت له الإنقاذ إمكانات الشبع إلى حد التخمة الشباب الفقراء.

أراهم الآن هؤلاء المثقفين المنافقين وهم يسنون أقلامهم تتوتر أعصابهم كلما جاء ذكر الموضوع، بينما موضوعهم الأساس هو "الشريعة" التي ستكون نهايتها في الدولة والقانون والقضاء رهنَ ضمانِ الحريات الجنسية، وسيتمسك هؤلاء المثقفون أعوان نظام الإنقاذ بالشريعة، فما يبقى من الإسلامية ومن الإسلام بذهاب الشريعة من القانون ومن القضاء؟ لا شيء يؤبه له في تقديرهم، وتقديرهم صحيح تماما، والشريعة لم يكن القصد منها إلا إضفاء الشرعية على الحكم باسم الإسلام، لصالح طبقة الإسلاميين.

الشريعة الأخرى

وفي بؤس معتقد هؤلاء المثقفين الإسلامويين واحتيالهم ونفاقهم، وهم أشد نفاقا من الإسلاميين الحقيقيين، سيقولون لنا في الأيام القادمة إنه "توجد شريعة أخرى"، سمحاء، والله العظيم، هناك في الأفق، وهي ليست شريعة "الإنقاذ"، والله ستكون أحسن من شريعة الإنقاذ ومن شريعة نميري ومن شريعة الإمام محمد أحمد المهدي، والله العظيم صدقونا! وهم ظلوا سنين عددا يأتون بمثل هذا اللغو.

والثابت هو أن قولهم عن شريعة أخرى سمحاء محض خداع. حيث لم يعرف الإسلام في تاريخه منذ دولة المدينة أبسط حريات التعبير أو حرية الاعتقاد أو حرية التفكير، وكان القتل ذبحا والتعذيب والجلد والنفي مصير كل مفكر أو شاعر أو معارض يخرج من إطار ما سطرته النصوص الإسلامية الواضحة لا لبس فيها، في القرآن وفي الحديث، وهي ذاتها النصوص التي طبقتها حكومة الإنقاذ بطريقة صحيحة، مرتكزةً في ذلك تطبيقها الصحيح للشريعة على معنى النص كما هو في مصادره في القرآن والحديث وفي الفقه الإسلامي.

وكل من يدعي أن الإنقاذ شوهت الشريعة يحتال ويخادع الشباب، فلا وجود لشريعة مغايرة لما ظلت تطبقه صحيحا حكومة الإنقاذ عبر ثلاثين عاما وقبل ذلك مع النميري.

فدعوا الخداع، لأنه لا توجد شريعة أخرى غير ما ظلت تطبقه صحيحا عضوية الحركة الإسلامية السودانية/نظام الإنقاذ.

فأما وقد رفضت جموع الشعب السوداني نظام الإنقاذ، وهو نظام إسلامي صحيح ذو مصداقية نصية في تطبيقه الشريعة، فهذه الجموع ترفض أيضا، بالضرورة الحتمية، تطبيق الإسلام في الدولة، لا يهمها صحة التطبيق أو خطله، فهي تعرف من التجربة المعاشة أن الإسلامية وهي تنزيل الشريعة في الدولة وفي ترتيب الحياة الخاصة لم تجلب لهم إلا الشقاء والخسران.

سابعا، ثورية المثقف مُمَكِّن نظام الإنقاذ

فالمثقف السوداني من النوع الذي أقصده، وأحذر منه في هذا المنعطف التاريخي الذي قذف فيه الشبابُ الرعبَ في قلوب الإسلاميين الأنذال، هذا المثقف ليس له من مبادئ أخلاقية ولا مواقف أخلاقية، وهو مع كل سلطة مهما كان شرها، فأنت تجده مع الديمقراطية الشكلية بتاعة الأحزاب، ثم مع شيخ حسن، ثم مع الإمام الصادق المهدي، ومن ثم تجده مع المليشيات القبيلية مؤيدا المذابح والرق ومدافعا بالتذاكي والحذلقة عنها، ثم هو مع الانقلاب العسكري بواسطة عمر البشير، وهو ذاته الذي ظل يدبج المقالات للدفاع عن الإنقاذ وللقدح في المعارضة ومهاجمتها لسبب أو لغير سبب، غير خدمة نظام الإنقاذ، وهو ذاته الذي كتب بالواضح أن الإنقاذ هي "الحارسانا والباقية لينا".

وما أن ظهر لهذا المثقف أن الإنقاذ ربما دانت نهايتها تحت ثقل فسادها وإجرامها حتى هرول إلى رِكزة الإمام. ثم ختم هرولته بين المواقع إلى ترك الباب مواربا، بالتباكي على نهاية الحركة الإسلامية وعن كيف أنا فقدناها وسنفتقدها، وعينه زائغة ترصد المتغيرات، وهو بل كان يخادعنا يعلم أن الحركة الإسلامية ثعبان بعدة رؤوس وأذناب وألسنة، وهي لا تموت، ولا تكف عن المناجزة بلسانها السليط مهما أُعْمِل من تقطيع في رؤوسها وأذنابها وألسنتها.

لكن، ما أن فاجأت الهبةُ الشبابيةُ الأخيرة هذا المثقفَ، وما أن هو رأى كيف أن الشباب أحرقوا الرمز المعماري لمعشوقته الحركة الإسلامية في مبنى حزبها الفاسد في مدينة عطبرة، حتى ركب هذا المثقف الموجة الشبابية مباشرة، بالاقتراحات الثورية لهؤلاء الثوريين الجدد الذين بدا أن الموجة الجديدة تنداح لصالحهم، حسنا فعلتم، احتلوا المدن!

فهكذا هو حال المثقف السوداني من هذه النوعية الغالبة، وواضح أني أقصد المثقف الإسلامي د. عبد الله علي إبراهيم، وفي معيته آخرون مثل خالد موسى (أتذكرون تباهي خالد بأن محمد بن سلمان وضع سودان الإنقاذ في الخطة 2030 للمملكة العربية السعودية؟ أتذكرون تزويره مقال الأيكونوميست وتطاوله على المعارضين موتوا بغيظكم فالإنقاذ باقية وقوية؟)

وهنالك أيضا خالد التيجاني النور وهو كان أكثرهم ذكاء ومكرا، جميعهم قضوا عشرين أو ثلاثين عاما يعملون ضباطا في سلاح الكتابة لتمكين نظام الإنقاذ والدفاع عنه ومهاجمة معارضيه. والأرشيف موجود. وليست ذات هذي كتابتي عنهم، بهذه اللغة، جديدة. انظر الأرشيف.

لكن النقطة المهمة ليست عبد الله في ذاته، أو في غيره، فثلاثتهم هؤلاء المثقفون الإسلاميون بإسهامهم في تمكين نظام الإنقاذ يوضحون الفكرة التي أقصدها، وهي لزوم الحذر من جميع المثقفين، خاصة ضباط سلاح الكتابة كتاب السلطان المؤاجرين الذين دعموا الدولة الإسلامية الإجرامية الفاسدة بتزيين باطلها، والذين أمدوها بالأفكار والتشجيع، وأضفوا عليها مشروعية احتيالية، وبذلوا أقلامهم سعيا لزراعة الإحباط بين المعارضين ولتثبيط الهمم، مدعين بمط اللسان أن الإنقاذ باقية إلى الأبد.

وهي الإنقاذ بدورها ردت إليهم الجميل، فاحتضنتهم، وكرمتهم، واحتفت بهم، واستضافتهم في برامجها الدعائية الاحتيالية، وشرعت لهم الأبواب المختلفة، وكذا ظلت تستشهد بأقوالهم.

والشباب المشاركون في هذي هبتهم الشجاعة سيكون لديهم قريبا الإدراك الكافي عن حقيقة الأمر أمر المثقفين، جميعهم، وفيهم ديمقراطيون ويساريون وفي الحركات المسلحة وفي التي تركت السلاح.

وكل ما يتعين على هؤلاء الشباب فعله اليوم هو التفكير بصورة متعمقة والتأمل في كل شيء، خاصة وأن الأشياء ليست هي الأشياء، والمظاهر خادعة وخداعة، ولا تأتي الحقيقة إلا مخفية تحت ركام الحذلقات اللغوية من قبل هؤلاء المثقفين، ويصبح التفكيك ضروريا لكشف المعاني المخفية بين طيات الكلام.

وأخلص إلى أن هذه الهبة الشعبية بل تخلق الظروف المادية لشروع الشباب في تنفيذ برنامج لمقاومة الإسلامية، العقيدة السياسية الفاسدة، والثابت في نصوصها الأساس في القرآن والحديث أنها عقيدة سياسية معادية لحرية التفكير والتعبير، ومعادية لحرية الاعتقاد، وهي تقتل وترجم وتجلد في مجال الحريات.

ثامنا، أغاليط تنزيل الشريعة في القانون والقضاء

وكل إسلامي يعتقد في الإسلامية سيكون في مقدوره، في ظل العلمانية المرتقبة في المستقبل ومهما طال الزمن، أن يقتل نفسه رجما أو أن يجلد جسده إن هو كان زنا أو لاط، وهي لغة شريعته، أي أن يطبق هذي شريعته في ذاته في جسده في بيته في حياته الخاصة، والحرية الشخصية مكفولة له في تلك حدود شخصه دون تعد منه على بقية أفراد أسرته المحميين بالدستور الجديد.

والمقصود من هذا التصوير الكاريكاتوري هو تبيين أغاليط تنزيل الشريعة في الدولة وتبيين خطل ترتيب الحكومة الحياة الخاصة وفقا للنصوص الشرعية الإسلامية المستفظعة من كل شخص سوي في عالمنا هذا اليوم، وعالمنا اليوم هو العالم الوحيد الجدير بالهم وبالاهتمام، ولا قيمة ترجى من معرفة عالم كان ظهر في زمانه وظروفه معقولا.

وهو البيان الذي يتعين أن يكون يوما في المستقبل القريب من نواتج هذه الهبة الشبابية.

فعلى عكس توفير الخبز، وهو أمر تقني في غاية سهولة التحقق بصورة مؤقتة ريثما تأتي الهبة القادمة، ويكفي بشأنه أن يعيد الإسلاميون القليل من كثير الأموال التي نهبوها وتخصيصها لرد غلاء المعيشة، نجد أن توفير الحريات الفردية يظل أمرا أكثر تعقيدا، خاصة في سياق صفقة متوقعة بين سياسيي المعارضة وحكومة الإنقاذ، وليس هؤلاء السياسيون المحترفون بأفضل من الإسلاميين الحقيقيين في شيء حين يتعلق الأمر بالحريات، بل هم أسوأ، بسبب نفاقهم واختفائية أجندتهم الدينية، وانعدام الأمانة الفكرية أو الشجاعة الأخلاقية لديهم، ومما هو ضروري لملاقاة المسألة المتعلقة بالإسلام في الدولة بصورة عقلانية وواضحة. وكله نعرفه من التاريخ السياسي في السودان.

تاسعا، لزوم الحذر من جميع مؤسسات القمع

يتعين الحذر من الأقوال والكتابات الاحتيالية أن الجيش محايد، أو أنه صديق الشعب. ولنتذكر أن الجيش لم يكن يوما خلال الثلاثين عاما الماضية إلا مليشيا للحركة الإسلامية السودانية، وجميع الضباط هم من أعضاء الحركة الإسلامية وموالون للإنقاذ ولعمر البشير، وهم ظلوا يحمون هذا النظام العسكري الفاسد.

ولنستعيد تاريخ هذه المليشيا الإسلامية، المسماة الجيش أو القوات المسلحة، فهي التي اقترفت الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب ضد المجتمعات المدنية في جنوب السودان ودارفور وجبال النوبة.

وهي ذاتها المليشيا الإسلامية المشاركة اليوم كمجموعات مرتزقة لدى المجرم المفلت هو الآخر من العقوبة محمد بن سلمان مدبر مذبحة خاشوجقي، وتقترف هذه المليشيا تحت إمرة ولي العهد السعودي ذات الجرائم العالمية التي ظلت تقترفها في السودان، هذه المرة عبر الحدود الدولية ضد المجتمعات المدنية في اليمن.

ودونك أن القائد العام عمر البشير ذاته متهم بهذه الجرائم العالمية وفار من العدالة مطلوب القبض عليه، لا يسافر إلا في بهيم الليل متخفيا في طائرة شحن روسية.

فلندفن هذي خدعة "الجيش"، ولتكن هنالك جاهزية وعزيمة لدى الشباب لمواجهة الجيش ذاته، مواجهته بقوة جموع الشباب في الأجساد المتراصة سلاحها الغضب ورفض كل دور للجيش إلى أن يأتي يوم يتم فيه تسريح هذا الجيش المليشيا، وليس الجيش في أشكاله المختلفة إلا ظاهرة اجتماعية ولا سرمدية لوجوده أصلا، وهو الجيش الذي يتصنع الآن المسكنة والحياد، وقريبا سيظهر هذا "الجيش" بألوانه الحقيقية كالمليشيا الإسلامية لينقَضَّ على هبة الشباب، وعلى السلطة، في الوقت المناسب، دائما بخدعة إسلامية مستحدثة، عن هم سيدعيه بخطاب المحافظة على الأمن الوطني،

وهنالك دائما على الرصيف ذلك المثقف المحتال ضابط العلاقات العامة مستعدا دوما باللغة الجاهزة لتبرير دور أصيل لهذا الجيش-المليشيا في السياسة، ويكفي أن نقرأ الأرشيف.

والأمر ذاته منطبق على جهاز الأمن، ولا يحتاج الأمر لأي توضيح إضافي أن جهاز الأمن يتعين حله مباشرة، عند حدوث التغيير الحقيقي، لا يهم متى سيكون ذلك التغيير، وإنشاء جهاز جديد، من الأول، ليس فيه هؤلاء الذين ظللنا نراهم يقمعون الشعب دفاعا عن النظام الإسلامي الإجرامي الفاسد.  

وأنت لا تسمع شيئا اليوم عن السلطة القضائية الفاسدة التي يتعين حلها أيضا حين يأتي الوقت، وإنشاء قضائية بديلة محلها، فهي الآن هذه القضائية الفاسدة لابِدة تتمسكن وتتربص، تريد أن تكون مستمرة كما هي، بعد أي تغيير يأتي مهما كان نوعه، بذات تركيبتها من القضاة الإسلاميين الفاسدين، وهي ستحاول الاحتيال والمخادعة أنها كقضائية ليس لها شأن بالسياسة! وما أن يستقر وضعها في أي نظام جديد، كذلك ستنتفش وتكشر عن أنياب أغوال، ومثل القضائية المصرية ستعذب قوى التغيير بإجرام الملاحقة القضائية.

وحتى أجهزة الشرطة، يتعين على الشباب المقاومين عدم الثقة فيها حتى إذا هي دمرت بنادقها وقنابلها، وخلعت زيها القبيح ولبست الجلابيب، وانضمت إلى صفوف المتظاهرين وصاحت تعلعل ضد نظام الإنقاذ.

فالغافل من ظن أن الأشياء هي الأشياء، الفيتوري.

وأخلص إلى قول ميشيل فوكو أن كل شيء خطير.

ومن ثم يتعين أن نتعمق في النظر، وأن نفكر وأن نتأمل، وألا ننجَرَّ وراء ترهات مثل ما ينتجه الصادق المهدي، وألا ننخدع بتصنع الثورية بحديث مثقفاتي عن احتلال المدن يتدثر بها صاحبها للمخادعة، ريثما يأتي الوقت لنهش ذات أبطال اليوم، ولدى هؤلاء المثقفين الإسلاميين يظل العود للإنقاذ دوما أحمدا، إن هي الإنقاذ فقط نجحت إن شاء الله في تخطي هذه الأزمة وفي البقاء في السلطة حتى لوقت قصير، وحتى وهي مستحوذة بالخوف من هؤلاء الشباب. فهي "الإنقاذ الحارسانا والباقية لينا"!

….

عشاري أحمد محمود خليل

[email protected]

سياتيل 23/12/2018