حديث الأستاذ محمد شوكت المحامى

إن صح الحديث المتداول عن الأستاذ محمد شوكت المحامى وهويتلفظ بعبارات بذيئة ومنحطة فلا شك أن فى حديثه إشارة واضحة الدلالة لوجود أزمة مهنية وإخلاقية عميقة فى الوسط القانونى وربما تحولاً حاداً فى بنية عقل الطبقة الحقوقية مما يشىء بتهديد خطير لمنظومة العدالة برمتها بحيث يصعب التكهن بمصير ومستقبل هذه المهنة، أما إن لم يكن صحيحاً بعد إستجلاء الحقيقة – وهو ما نتمناه – فينبغى على الإستاذ العمل بنصيحة اللورد مانسفيلد “The remedy for speech that is false is speech that is true ”

عبدالرحمن حسين دوسة

 

 بقلم: عبدالرحمن حسين دوسة

 

“لو لم أكن ملكاً لفرنسا لوددت أن أكون محامياً” لويس الثانى عشر

إن صح الحديث المتداول عن الأستاذ محمد شوكت المحامى وهويتلفظ بعبارات بذيئة ومنحطة فلا شك أن فى حديثه إشارة واضحة الدلالة لوجود أزمة مهنية وإخلاقية عميقة فى الوسط القانونى وربما تحولاً حاداً فى بنية عقل الطبقة الحقوقية مما يشىء بتهديد خطير لمنظومة العدالة برمتها بحيث يصعب التكهن بمصير ومستقبل هذه المهنة، أما إن لم يكن صحيحاً بعد إستجلاء الحقيقة – وهو ما نتمناه – فينبغى على الإستاذ العمل بنصيحة اللورد مانسفيلد “The remedy for speech that is false is speech that is true ”

المحاماة أكثر من مجرد مؤسسة حقوقية، فهى – كما قال الأغاريق – المهنة التى تجعل المرء نبيلاً بغير ولادة وغنياً من دون مال لأنها مهنة إخلاق وإنضباط حتى أن لإرتداء روب المحامين السوداء أصول وقواعد وضوابط إخلاقية نبيلة، فالإخلاق إذن توأم المحاماة منذ أن عرفت البشرية هذه المهنة.

بتلك العبارات النابية أساء الأستاذ شوكت لنفسه بأكثر مما أساء للأستاذ لقمان أحمد لأنه ببساطة قد تخلى عن شرف ووقار وكرامة المهنة المسئولة عن إرساء دولة القانون وتوطيد أركان العدالة.

قد أفارق الكثير من المقاربات التى حاولت جاهدة توظيف حديث الأستاذ سياسياً وإثنياً رغم منطيقة سياقات التوظيف وجواز الربط وذلك لسببين الأول هو أن المسئولية عن هذه الحادثة شخصية وفردية لا تنظيميه ولا قبلية والثانى أن هذا النحو من التفكير الإسقاطى قد يهزم المنطق الذى أنافح عنه وفى ذات الوقت يعزز الكراهية ويرسخ العنصرية اللتان تؤديان لفوضى مجتمعية وتسيئان للعدالة والمهنة.

ما يقلقنى هو ما آل إليه المشهد المهنى وما حاق به من تردى وضعف فى التأطير الإخلاقى، إذ يبدو أن مهنة المحاماة قد غدت مهنة من لا مهنة له فأصبحت سوقاً لتشغيل عطالة الجامعات من دون تأهيل أكاديمى مناسب أو إعداد إخلاقى رصين.

البروفسير ليون ديجى أحد أشهر أساتذة القانون بجامعة السربون ظل يصدح حتى رحيله بأن “ليس للقانون أى ضابط سوى إخلاق وأمانة وصدق الرجال الذين يطبقونه” وبطبيعة الحال ياتى المحامون فى طليعة هؤلاء الرجال. أبحثوا عن الأستاذ شوكت من بين هؤلاء الرجال !!!!!!!!!!

إخلاق المحامى سواء تعلق بسلوكه الشخصى أو نحو المجتمع هو المصدر وفى ذات الوقت المحل الأساسى لكافة القوانيين التى نظمت عبر التاريخ مهنة المحاماة ولعل أشهر وأشمل هذه القوانيين هى مدونة سلوك نقابة المحاميين فى الولايات المتحدة والمعروفة إختصاراً ب ABA’s Canons of Ethics الصادرة فى عام 1908 علماً بأننا فى السودان لدينا من الأعراف والتقاليد المتراكمة ما تقارب هذه المدونة.

كل من له ضمير تأسف على هذا الحديث غير المسئول إلا أن هذه الحادثة أكدت بما لا يدع مجالاً للشك أن مهمة إعادة تأسيس المهنة مهمة ملحة إذ لا بد من العمل على إعادة تخليقها من جديد لضمان ربط المهنة بالإخلاق وذلك عن طريق إقرار مدونة سلوك جديدة تحتوى على قواعد وجوبية صارمة يتعين إتباعها وإحترامها من قبل المحامين مع تنظيم إمتحانات دورية فى المسئولية المهنية.

أبلغ رد للأستاذ محمد شوكت عن حديثه غير المسئول هو المزيد من العقلانية والإخلاق لا إستغلال المقطع لتمزيق مجتمع يشهد إزدهاراً غير مسبوق فى تمزيق ذاته إثنياً.
The response to the unreasonable is more rationale”