الشائعات ـ مصدر الصورة فيسبوك

الأربعاء: 15/ مايو /2024م: راديو دبنقا
تقرير: سليمان سري

لم يعد المواطن يعرف الحقيقة من الشائعة في السودان من كثرة انتشار الشائعات والأخبار الكاذبة والمفبركة، وهذا الأمر ليس بجديد، بل يستمر منذ ما قبل الحرب الدائرة الآن بين طرفي الصراع، الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل من العام الماضي.

مصادر مجهولة
تنطلق الشائعة من مصادر مجهولة لكنها تجد من يصدقها وسرعان ما تجد الترويج على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة الصحف الإلكترونية بحكم التنافس من أجل تحقيق السبق الصحفي، دون التأكد من المصادر ومراجعتها قبل نشر المعلومة.

على سبيل المثال انتشرت في اليومين الماضيين معلومة مفادها إقالة محافظ بنك السودان المركزي، غير منسوبة لأي مصدر لتقوم بعض المواقع في الترويج للخبر على أنه حقيقة لتحقيق السبق الصحفي، وبدأت بعض المواقع في محاولة لإعطاء مصداقية للخبر في ترشيح شخصيات لمنصب المحافظ، جهات أخرى نشرت أخبار عن قرار لرئيس مجلس السيادة بتعيين شخصيات بعينها.

وفي كل ذلك لم تخرج السلطة ببيان لنفي الخبر لكونها مستفيدة من انتشار الشائعة ربما لصرف الأنظار عن بعض التطورات السلبية الأخرى.
لمزيد من الشرح والتوضيح، عرضنا قضية انتشار الشائعات وأهدافها ومصادرها وأضرارها على المجتمع على الخبير الإعلامي واستاذ الإعلام والعلاقات الدولية السابق في الجامعات السودانية د. خالد دهب الذي اعتبر ان قضية الشائعات امر مهم وحساس في ظل الأوضاع الحالية في السودان، وأرجع ذلك للانتشار الواسع لمواقع التواصل الاجتماعي والصحف الالكترونية التي تدعي جميعا أنها مواقع خبرية، وقال إن 90% ليس لديهم مصداقية نهائيًا لأنهم لا يتبعون الأسلوب المهني الصحيح، في تثبيت صحة الخبر وصحة المصادر وهذه للأسف غير موجودة في هذه المواقع.

وقال الخبير الإعلامي الذي شغل أيضًا منصب مسؤول الإعلام والمتحدث الرسمي السابق ببعثة الأمم المتحدة بالعراق لـراديو دبنقا “إن كثير جدًا من هذه المواقع الخبرية عبارة عن واجهات لمجموعات سياسية أو مسلحة مختلفة، بالتالي لديهم مصالح واضحة فب نشر أخبار غير صحيحة”.

صياغة ركيكة:
ويرى دهب أن صياغة هذه الأخبار تكون في العادة ركيكة جدًا ما يدل على أن الشخص الذي صاغ الخبر ليس بصحفي أو صحفي لا يتسم بالمهنية، ويسهم في نشر الشائعات، وأضاف “كما هو معروف فإن الشائعات جزء من الحرب النفسية والسودان يشهد حرب بين طرفين يحاول أن يمارس كل منهم شن حرب نفسية على الطرف الآخر، بنشر أخبار غير صحيحة ومعلومات مفبركة.”
ويضيف “تعمل على الشائعات على ارباك القارئ أو المتلقي العادي للخبر وافقاده القدرة على التمييز بين الخبر الصحيح والشائعة وكذلك المعلومة الصحيحة أو الأصيلة من المفبركة”، واعتبر أن هذه المعضلة الكبيرة التي يواجهها المتلقي السوداني داخل أو خارج السودان.

وأشار إلى أن جمهور الخارج تصبح مشكلتهم أكبر لأنهم بعيدون عن موقع الحدث، ويحاولون البحث للحصول على الأخبار فيشكلون آرائهم بناء على تلك المعلومات المفبركة التي وصلتهم.

الهدف والتوقيت:
يظل اختيار التوقيت المناسب والهدف من إطلاق الشائعة عاملين أساسيين ومهمين في درجة انتشار الشائعة واحتمال تصديقها ما بين فترات الحرب والسلم حتى تؤدي أغراضها. يقول الخبير الإعلامي د. خالد دهب في هذا السياق، في فترات الحروب والصراعات تجد أن الشائعات تزيد الي حد كبير جدا وعلى العكس حينما تكون الدولة في حالة استقرار والمجتمع مستقر تقل الشائعات.
غالبا ما يهدف مطلق الشائعة إما لإخفاء حقيقة معينة أو للتأثير على نفسيات الطرف الآخر أو لكسب الدعم التعاطف أو المحافظة على الروح المعنوية لجمهور الطرف الذي يؤيده.
ومن أسباب إطلاق الشائعة، التغطية على مشكلة اقتصادية أو اجتماعية أو في حقيقة معينة خرجت وانتشرت وتبذل السلطات محاولة لتداركها باعتبارها جزءا من الحرب النفسية.

الطرفان يطلقان الشائعات
ويقول الخبير الإعلامي د. خالد دهب في حديثه لراديو دبنقا “في الصراع الدائر في السودان الآن، يمارس الطرفان إطلاق الشائعات يوميا وباستمرار، وكثير ممن ليس لديهم معلومات أو إمكانيه للتحقق عن هذه المعلومات يصدقونها ويبنون عليها مواقفهم مما يؤدي لمزيد من تأجيج الصراع والحرب الدائرة.
مع ذلك، يلاحظ د. خالد دهب، بارتياح أن هنالك مواقع على الانترنت ظهرت مؤخرا لمراقبة المعلومات والاخبار والتحقق من صحتها ودقتها ونشر تقارير منتظمة حولها ونشرها بانتظام ويصف جهد هذه المواقع والصحفيين العاملين فيها بأنه مساهمة مقدرة جدا وخدمة ممتازة للرأي العام.

مصدر واحد
وعبر الخبير الإعلامي د. خالد دهب في حديثه لـ”راديو دبنقا” عن اسفه لتدنى القدرات المهنية في الكثير من المواقع والأجهزة الاعلامية التي تعتمد على مصدر واحد في اخبارها مشددا على القاعدة التقليدية التي تقول “المصدر الواحد لا يصنع خبرا ” One source is not a source “ ويقول “على الصحفي أن يتحقق أكثر وأكثر، ويجب أن تكون هذه المصادر متنوعة ومختلفة ولإعلاقه لها ببعضها البعض، ويؤكد أن هذا هو السبيل المهني الصحيح للتحقق من المعلومة قبل نشرها.
ويقول هذا للأسف غير موجودة لدينا، وهذه واحدة من مشاكل المهنة الصحفية والاعلامية في السودان حتى قبل الحرب.

إقالة المحافظ
بمتابعة بعض المواقع التي نشرت خبر إقالة محافظ بنك السودان المركزي، يقول د. خالد دهب في حديثه لـراديو دبنقا “إن بعض المواقع وضع عنوانا عريضا دون نص للخبر، وبدون إشارة لمصدره ويضيف “الموقع غير معروف أصلا لأن هنالك جهات مختلفة أسست مثل هذه المواقع لنشر الأكاذيب لأغراض سياسية معينة ليس لها أي علاقة بالمهنية.
ويشدد على القول بأن المفروض ان تتحرك الحكومة بإصدار بيان رسمي لكن المحتمل أن تكون الحكومة طرفًا في إطلاق الشائعة، وبالتالي لن تكون لديها مصلحة لنفي الخبر، ويجدد التذكير بأننا نعيش في حالة حرب، فالشائعات من الأسلحة المهمة في الحرب.

Welcome

Install
×