الحكومة للتجانى السيسى: سعيكم مشكور

فى خطوة مفاجئة خواتيم الأسبوع المنصرم قرر حزب التحرير والعدالة القومي، برئاسة الدكتور التجاني السيسي، تعليق شراكته السياسية والتنفيذية مع الحكومة

 

تقرير / منى البشير

 

فى خطوة مفاجئة خواتيم الأسبوع المنصرم قرر حزب التحرير والعدالة القومي، برئاسة الدكتور التجاني السيسي، تعليق شراكته السياسية والتنفيذية مع الحكومة ،وقال الناطق الرسمى باسم الحزب احمد فضل، في بيان إن حزبه اتخذ القرار بالاجماع في إجتماع طارئ عقده للتشاور حول الراهن السياسي، مشيرا الى ان الحزب قام بتقييم الشراكة مع المؤتمر الوطنى، وتوصل الى انها لا تسير على ما يُرام، مؤكدا ان تعليق الشراكة جاء بُناءً على تقارير دقيقة باشراف المكتب السياسى للحزب.
وأرجع الناطق باسم حزب التحرير والعدالة قرار الحزب فض شراكته مع المؤتمر الوطني بما اعتبره نكوصا من الأخير عن الاتفاق الموقع بين الجانبين، وإسقاطه بعض أسماء منسوبي التحرير والعدالة الذين يفترض مشاركتهم في الحكومة ضمن الحصة المتفق عليها.
وقال فضل فى مؤتمر صحفى عقد يوم الخميس المنصرم : إن الوطني اعتذر لحزبه "بحجة سقوط أسماء مرشحي العدالة، وأن خطأ وقع وسيعالج"، مضيفا أن "رد الحزب الحاكم كان مفاجأة واعتبرناه تراجعاً عن المتفق عليه".

موقف تكتيكى

بحسب مايقرأ فى تصريحات الناطق الرسمى باسم التحرير والعدالة الاستاذ احمد فضل فأن موقف الحركة عاليه ليس نهائيا او موقف استراتيجى ناتج عن قناعة تامة ، ولكنه موقف تكتيكى سيتغير بتغير الظروف اذ ترك الحزب باب العودة مواربا وذلك حين رهن عودة الشراكة بين الحزبين بمعالجة كل القضايا العالقة، وقال الناطق الرسمى : إن "المشاركة انتهت بالانتخابات، وأي مشاركة قادمة ستتم وفق تفاهمات جديدة".
لكن المؤتمر الوطنى من جانبه نفى تلقيه أي إخطار رسمي من التحرير والعدالة بفض شراكته السياسية أو تعليق مشاركته مع الحكومة، وأكد أمين القطاع السياسي في المؤتمر الوطني حامد ممتاز حرص حزبه على استمرار عملية السلام في كافة الولايات، مشيرا إلى أنه على استعداد لتنفيذ كافة تعهداته واتفاقاته مع الآخرين.
وقال ممتاز : أن اتفاقية الدوحة هي مرجعية الشراكة بين الجانبين "وسنعمل على تنفيذ كافة بنودها".

السيسى والدوحة

وقعت أتفاقية الدوحة لسلام دارفور برعاية قطرية بين الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة بقيادة التجانى السيسى فى 14 يوليو من العام 2011 ، واصبحت الدوحة بعد هذه التاريخ هى المرجعية الوحيدة لسلام دارفور ناسخة بذلك اتفاقية ابوجا فى مايو 2006 ، لكن كما انتهت ابوجا بخروج مناوى ، فمن الواضح ان مصير الدوحة لن يختلف عن سابقتها خاصة بعد وجود رفض مقدر للوثيقة من حركات دارفور ، كما انها ومنذ توقيعها وحتى اللحظة لم تساهم فى تحقيق الأستقرار فى الأقليم المضطرب ، اضف الى ذلك فأن الحكومة وفى سبيل تكتيكها للتخلص من الدوحة عمدت الى توسيع شقة الخلاف داخل حركة التحرير والعدالة لتنقسم الى جناحين جناح السيسى وجناح بحرادريس ابو قردة ، ولأنه وبحسب قيادات درافورية ان وجود ابو قردة فى الميدان اقوى من السيسى وانه يحظى باحترام المقاتلين اكثر من السيسى عمدت الحكومة الى تقريب ابو قرده وأقرته فى مكانه وزيرا للصحة ومنحت حزبه مناصب عديدة اصبح بعدها راضيا انظر اليه يقول :  حزبنا حاز على الترتيب الخامس في القوائم النسبية على مستوى السودان بشكل عام، ولنا وزير اتحادي ووزير دولة ، وعبر ابو قرده عن رضائه التام بماحصل عليه ، ووصف فى تصريحات صحفية حصته بأنها نسبة معتبرة .
الحكومة بحسب مراقبين لم تعد حريصة على السيسى باعتبار ان مهمته انتهت وان الحكومة أخذت الوقت الذى تريده من بقاءه على سدة السلطة الأنتقالية وان الوقت حان ليعود السيسى الى ديار غربته فقد انتهت مهمته ، وحتى على مستوى السلطة الأنتقالية فان ولاية السيسى عليها ستنتهى فى 14 يوليو المقبل وكثير من التكهنات تشير ان الرجل لن يعاد انتخابه مرة اخرى وبذلك يكون امام السيسى اما الخروج الى منفاه القديم ، واما الرضا بالامر الواقع اذ لايمكن ان يكون كمناوى ويخرج الى الميدان فكل التقارير تشير الى ان وجوده فى الميدان ضعيف .
وكانت الحكومة قد اتت بالسيسى من منفاه الى الدوحة وبحسب مراقبين فان حركة التحرير والعدالة نفسها تكونت فى الفندق الذى كانت تجرى به المفاوضات وكان كيان الحركة عبارة عن مجموعات متفرقة تكونت بها الحركة الا ان الجزء المقدر من هذه المجموعة كان بقيادة بحر ادريس ابو قردة ، وجىء بالتجانى السيسى لرئاسة الحركة لاعتبارات اهمها انه شخصية مقبولة فى دارفور فهو من اسره ذات زعامة فى قبيلة الفور ، اضافة الى وظيفته المرموقة فى الامم المتحدة ، الحكومة استخدمت السيسى على راس السلطة الانتقالية كواجهة سياسية بلا صلاحيات فحتى تعيين الولاة يقوم به رئيس الجمهورية .

الوطنى يماطل الحركة

المؤتمر الوطنى نفى تلقيه اى اخطار بتعليق الشراكة من حركة السيسى ولكنه فى الوقت نفسه اعلن عن الاستعداد للجلوس مع حزب التحرير والعدالة ومناقشة موقفه بوقف الشراكة وتعليق مشاركته في الحكومة.
وأكد إبراهيم محمود نائب رئيس الحزب الحاكم للشؤون الحزبية للجزيرة نت أن التحرير والعدالة لم يتواصل مع حزبه لإدارة نقاش تفصيلي حول ما حدث من سوء تفاهم، مؤكدا أنه لا توجد "مشكلة كبيرة" بين الجانبين، وإن وجدت "فنحن على استعداد للجلوس معهم لحلها".
لكن مراقبين يرون ان الحديث عاليه لايخرج عن كونه حديثا لجبر الخواطر وانه حديث علاقات عامة اكثر منه حديثا جديا فالحكومة بلفعل ارادت ان تصل حركة السيسى الى هذه النقطة وقد وصلت ، وربما شعرت حركة السيسى بذلك من قبل اذ كشف حزب التحرير والعدالة فى وقت سابق عن وجود مجموعات بالحزب الحاكم لا تريد الشراكة بين الجانبين وتعمل بأجندة خفية لفضها ، ولذلك راى الحزب ان الشراكة اصبحت غير محترمة ومضيعة للوقت ولابد من الطلاق البائن .

الحوار الوطنى والدوحة

هناك من يرى ان تمسك الحكومة بالدوحة اصبح تمسكا شكليا لجهة ان بالدوحة بنود مالية معتبرة تدفع من قبل المانحين ولذلك لا تستطيع دفنها بسهولة كمافعلت مع ابوجا ، كما ان هنلك من يرى بضرورة انهاء الدوحة كعربون لنجاح الحوار الوطنى الذى تقوده الوساطة مع حركات دارفور التى ترفض الدوحة ، وهذا هو المأزق الذى يجب ان تفكر الحكومة فى الخروج منه جديا .