أحمد حسين آدم : جرائم البشير لا تسقط بالتقادم

في البدء التحية لقضاة المحكمة العليا والقضاء في جنوب افريقيا، فلم يخيب القضاء ظنا وثقتنا فيه، فقد اثبت انه قضاء شامخ، مستقل، نزيه وقادرعلي التصدي للمجرمين الذين يحاولون الافلات من العقوبة .

في البدء التحية لقضاة المحكمة العليا والقضاء في جنوب افريقيا، فلم يخيب القضاء ظنا وثقتنا فيه، فقد اثبت انه قضاء شامخ، مستقل، نزيه وقادرعلي التصدي للمجرمين الذين يحاولون الافلات من العقوبة .

وفي الوقت الذي نشيد ونجل فيه القضاء الوطني في جنوب افريقيا، ندين وبشدة تصرف الرئيس زوما وحكومته ومن ورائه الاتحاد الافريقي.. فالطريقة التي تعامل بها زوما مع قضاء وطنه و إرادته المستقلة والمنسجمة مع الدستور و القانونين الوطني والدولي، تنم عن عدم اخلاقية وعدم نزاهة واستهتار فاضح بالقضاء وأحكامه و قبل ذلل بروح و بنود دستور جنوب افريقيا ذاته …الرئيس زوما اثبت انه ليس رجل دولة محترم ، بل ديكتاتور مثله مثل كثير من الدكتاتوريين الذين يستهترون بالدستور و القانون و القضاء..

نحن ندرك ان الرئيس زوما قد منح ضمانات لرأس نظام الابادة و من ورائه حماته وأعضاء ناديه في الاتحاد الافريقي ، بعدم توقيف البشير المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بناءا علي امري قبض…لكن زوما بفعلته المنكرة هذه قد ادخل نفسه في ورطة خطيرة لن يخرج منها بكرامة، فهو في ورطة مع قضاء وطنه،وشعبه و قطاع عريض من قيادات و جماهير حزبه كما انه في ورطة مع ضحايا الابادة الجماعية و حقوق الانسان في السودان ، و كذلك اختار ان يدخل في معركة مع المدافعين عن حقوق الانسان في افريقيا والعالم.

من الأفضل للرئيس زوما ان يستقيل بكرامة حتي لا يجبر علي الاستقالة ، فهو قد صنع أعداءا كثر داخل جنوب افريقيا العظيمة – فهنالك نساء و رجال شرفاء يرفضون تمريغ وإهانة سمعة بلدهم و خيانة روح نضالهم العظيم من اجل ديكتاتور هارب من العدالة الدولية و مغتصب للسلطة و مزور لارادة شعبه.. ان زوما قد خان روح النضال العظيم لشعب جنوب افريقيا ضد الاباراتيد-انه قد خان روح الزعيم العظيم مادبا(مانديلا) ابن افريقيا و رمز حريتها و كفاحها من اجل العدالة والحرية و الديمقراطية ..

الشعب السوداني وقف مع نضال جنوب افريقيا وقفة قوية و نبيلة …الشعب السوداني ينظر الي جنوب افريقيا كقلعة و أيقونة للنضال و الحرية و العدالة … فما كان ينتظر الشعب السوداني من الرئيس زوما معاملته بهذه الطريقة فيبصق علي دماء ضحاياه و يخون نضال شعبنا النبيل و المشروع من اجل الحرية والعدالة و الديمقراطية…كنّا نظن ان تجربة ونضال زوما يجعلانه يتخذ القرار الصحيح و ينحاز الي الضحايا بدلا من الجلاد ..

زوما لا يملك اي مسوغ او تبرير قانوني يجعله يحمي البشير و يتآمر علي عدم تنفيذ قرار القضاء بتوقيف البشير و تسليمه للمحكمة الجنائية الدولية. جنوب افريقيا احدي الدول المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية والمصادقة علي ميثاق روما المنشيء للمحكمة…فميثاق روما اصبح قانونا وطنيا داخليا لجنوب افريقيا منذ ٢٠٠٢. وبالتالي زوما قد انتهك دستور وقانون بلده عوضا عن ميثاق روما او النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، الذي يلزمه قانونا بالتعاون في تنفيذ أوامر القبض والإعتقال ضد البشير …علي القضاء في جنوب افريقيا ان يثأر لكرامته و يحاكم زوما و معاونيه للتآمر والتماطل في تنفيذ أحكامه و الاستهتار به.

الاتحاد الافريقي مرة اخري اثبت انه نادي للدكتاتوريين و قاتلي شعوبهم و ليس ناديا للشعوب …واضح ان الاتحاد الافريقي هو الحامي و المدافع عن الرئيس البشير و نظامه .. لذلك علي أطراف الأزمة السودانية الا تعطي الاتحاد الافريقي اي دور في إطار التعامل مع الأزمة السودانية، مالم يغير سياسته وممارسته ضد الشعب السوداني …

الاتحاد الافريقي يمكنه الصراخ الي ما لا نهاية عن انحياز المحكمة وعنصريتها، وانها اداة الاستعمار الجديد ، و لكن لن يستمع اليه احد من شعوب القارة ، لانه لا احد يتسامح مع الافلات من العقوبة او مرتكبي جرائم الابادة وانتهاكات حقوق الانسان ….علي الاتحاد الافريقي اذا كان جادا ان يفرض حكم القانون و استقلال القضاء علي أعضائه ..عليه تقوية و تأسيس اجهزة و اليات العدالة في القارة …فالنظام الأساسي للمحكمة يقر بمبدأ” التكامل” “complementarity في العلاقة مع المحكمة و النظام القضائي الوطني.. فالمعروف انه لا ينعقد للمحكمة اي اختصاص الا في حالة عدم قدرة و رغبة القضاء الوطني .

من المهم كذلك ان يدرك الجميع ان الجرائم ذات الاختصاص الدولي الخاصة بدارفور -هي جرائم دولية لا تسقط بالتقادم او العفو ..و ليست قابلة للتصرف او التفاوض تحت اي تبرير او غاية ، فهذه حقوق ضحايا وليست موضوعا للمساومات .

وأؤكد ان ما حدث لرأس لنظام الابادة يمثل انتصارا كبيرا للضحايا والشعب السوداني و شرفاء افريقيا والانسانية ..يجب ان تبني قوي التغيير علي هذه السابقة وهذا الانتصار لتوصله الي نهايته. الحدث اثبت الدور المتعاظم للمجتمع المدني والجماعات الحقوقية..كما برهن علي قوة التنسيق بينها علي المستوي العالمي ..

وعلي المحكمة الجنائية الدولية ان تعمل فورا بتصعيد الامر ورفع مذكرة بعدم التعاون ضد سلطات جنوب افريقيا لدي مجلس الأمن الدولي وجمعية الدول الأعضاء في ميثاق روما( Non-compliance).

وعلي الناشطين مواصلة الحملة وضغط الجميع للقيام بواجبهم بما فيهم المحكمة الجنائية الدولية .

 

 

أحمد حسين آدم

جامعة كورنيل .

Welcome

Install
×