“حقوق الإنسان” يعتمد مشروع قرار بالإجماع بشأن الفاشر وتراشق سوداني إماراتي

اجتماعات مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة.. المصدر:الأمم المتحدة

جنيف: الجمعة 15/ نوفمبر/2025م: راديو دبنقا
اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، بإجماع الأعضاء، مشروع قرار بشأن الوضع الإنساني والحقوقي في مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور وماحولها، وطلب من بعثة تقصي الحقائق إجراء تحقيق عاجل في الانتهاكات التي ارتكبت في المدينة وماحولها.وفي أول رد فعل رسمي رحبت الحكومة السودانية بالقرار الذي أدان فيه قوات الدعم السريع.

وصدر القرار الذي تحصل “راديو دبنقا”على نسخة منه، في أعقاب جلسة استثنائية دعت إليها دول المملكة المتحدة وألمانيا وهولندا والنرويج وأيرلندا وموناكو، أمس الخميس، والتي تقدمت بمشروع القرار الذي تم اعتماده.

قال المدافع عن حقوق الإنسان محمد صالح يس إن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اعتمد مشروع القرار المتعلق بالأوضاع في السودان بالإجماع، مشيراً إلى أن السودان لم يطلب التصويت، وكذلك لم تطلب أي دولة أخرى، ما جعل القرار يمرّ بتوافق كامل بين الدول الأعضاء.

وقال يس لـ”راديو دبنقا” أن الجلسة تم فيها الموافقة بإجماع الدول الأعضاء، مشيراً إلى أن الموافقة جاءت نتيجة إلى أن السودان أو أي دولة أخرى لم تطلب التصويت على مشروع القرار.

وأضاف: أن السودان بعد الموافقة على مشروع القرار طلب الكلمة، وأبدى في مداخلته أثناء الجلسة، تحفظاته على بعض الفقرات المتعلقة ببعثة تقصي الحقائق، مبيناً أن الحكومة في بورتسودان ترفض منذ البداية عمل البعثة وولايتها على السودان. لكنه أكد أن لايوجد أي دعم لاعتراض للتصويت ضد مشروع القرارما جعل السودان يمتنع عن طلب التصويت.

وأشار إلى أن تجاهل السودان طلب حق التصويت ولم يعترض ووافق على مشروع القرار، هذا يعني ضمنياً أنه يريد عمل بعثة تقصي الحقائق في السودان لكن بالتركيز على الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع وغض الطرف عن الانتهاكات التي ارتكبها الجيش السوداني، مؤكداً أن البعثة لاتتعامل بانتقائية.

وذكر أن القرار زاد من ميزانية البعثة الدولية المستقلة بمبلغ 142 ألف دولار، وكلف القرار البعثة لمقابلة الضحايا في تشاد أوفي أي دولة مجاورة خاصة مشيراً إلى أن السودان لم يسمح بدخول البعثة منذ إنشائها.

وأوضح المدافع عن حقوق الإنسان د. محمد صالح يس أن اللغة المستخدمة في القرار جاءت حاسمة في إدانة قوات الدعم السريع والانتهاكات التي ارتُكبت في الفاشر، وهو ما اعتبره السودان “أمراً قد يصبّ في مصلحته السياسية”، وتابع قائلا: “الأمر الذي دفعه إلى قبول تمرير القرار بالتوافق”. واصفاً الخطوة بأنها “تكتيك دبلوماسي” من جانب الحكومة لكن في نهاية الأمر أن المسألة تصب في صالح حقوق الإنسان للسودانيين.

وأشار إلى أن الجلسة شهدت تراشقات كلامية بين وفدي السودان والإمارات، قبل أن تُجاز صيغة القرار النهائية بالتوافق.

وأكد يس أن اعتماد مشروع القرار بالتوافق بين كل أعضاء المجلس يبعث برسالة قوية للتضامن مع ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في الفاشر وما حولها والسودان عموماً.

ترحيب حكومي:

من جهتها أعلنت الحكومة السودانية ترحيبها بصدور قرار مجلس حقوق الإنسان الذي أدان بوضوح الفظائع والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها “الدعم السريع” والمجموعات المتحالفة معها داخل مدينة الفاشر وفي محيطها.

كما رحبت كذلك بما تضمّنه القرار من مطالبة لكافة الأطراف والدول باحترام وحدة السودان وسلامة ترابه، ورفض أي محاولات لإنشاء سلطة موازية في المناطق التي تسيطر عليها الميليشيا المتمردة.

وجددت في بيان صادر عن وزارة الخارجية والتعاون الدولي، موقف حكومة السودان تجاه محاولات إدراج آليات محل خلاف ضمن هذا القرار، استناداً إلى قرارات سابقة لم تحظَ بموافقة الدولة.

وأكدت الوزارة التزام الحكومة السودانية بالتعاون والتنسيق مع آليات حقوق الإنسان العاملة في البلاد، بما في ذلك المكتب القطري للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، والخبير المعين المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان، وذلك بهدف تمكين هذه الآليات من أداء مهامها، وتعزيز حماية حقوق الإنسان، وضمان تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا، ومنع الإفلات من العقاب.

وشددت الوزارة على أن المكتب القطري لحقوق الإنسان هو الآلية الموجودة على الأرض والقادرة على رصد ورفع التقارير حول الفظائع التي ارتكبتها “الدعم السريع” في الفاشر، وكذلك الانتهاكات الواسعة التي طالت مدناً وولايات سودانية أخرى، وذلك بالتنسيق والتكامل مع الآليات الوطنية ذات الصلة.

إدانة الدعم السريع:

إلى ذلك أدان القرار بشدة تصاعد العنف والفظائع المبلغ عنها التي ارتكبتها قوات الدعم السريع والقوات المرتبطة بها والقوات المتحالفة معها في الفاشر وما حولها، عقب هجومها على المدينة، بما في ذلك الفظائع واسعة النطاق مثل عمليات القتل بدوافع عرقية، والتعذيب، والإعدام بإجراءات موجزة، والتجنيد القسري، والاحتجاز التعسفي للمدنيين، فضلاً عن الاستخدام الواسع النطاق للاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي كسلاح.

وجدد القرار إدانته الشديدة لاستمرار النزاع المسلح بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، والقوات المرتبطة بها والقوات المتحالفة معها، وجميع الانتهاكات المبلغ عنها للقانون الإنساني الدولي، وجميع انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان المرتكبة في هذا السياق، بما في ذلك جرائم الحرب المزعومة والجرائم ضد الإنسانية.

وطلب القرار من بعثة تقصي الحقائق إجراء تحقيقًا عاجلاً في الانتهاكات والتجاوزات الأخيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان وانتهاكات القانون الإنساني الدولي المزعوم ارتكابها في الفاشر وما حولها وفقاً لولايتها.

كما طلب من البعثة أن تُحدد، حيثما أمكن، جميع من توجد أسباب معقولة للاعتقاد بمسؤوليتهم عن الانتهاكات والتجاوزات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان في الفاشر وما حولها، وأن تدعم الجهود الرامية إلى ضمان محاسبة مرتكبي هذه الانتهاكات والتجاوزات المزعومة.

وشجع القرار بعثة تقصي الحقائق على إيلاء الاعتبار الواجب لضمان تكامل جهودها مع جهود الجهات الفاعلة الأخرى، بما في ذلك جهود المساءلة الوطنية المستقلة والتحقيقات الإقليمية.

كما دعا القرار بعثة تقصي الحقائق إلى تقديم تقرير عن نتائج تحقيقها إلى مجلس حقوق الإنسان في دورته الحادية والستين، يليه حوار تفاعلي موسع مع المفوضة السامية والخبير المستقل المعني بحقوق الإنسان في السودان، المطلوب في قرار مجلس حقوق الإنسان 57/2.

عواقب كارثية:

وأعرب القرارعن القلق العميق إزاء العواقب الإنسانية الكارثية في الفاشر والمناطق المحيطة بها، مع ورود تقارير تفيد بأن عددًا كبيرًا من المدنيين، بمن فيهم آلاف الأطفال، لا يزالون محاصرين في المدينة، ويواجهون النزوح القسري والهجمات واسعة النطاق والعنف القائم على النوع الاجتماعي والعنف الجنسي والابتزاز والاعتقالات التعسفية والاحتجاز من قبل قوات الدعم السريع. فضلاً عن عشرات الآلاف من الأشخاص النازحين من الفاشر منذ 26 أكتوبر/تشرين الأول 2025 إلى المدن المجاورة، بما في ذلك طويلة ومليط، حيث يفتقرون إلى إمكانية الحصول على المياه النظيفة والغذاء والرعاية الطبية ويتعرضون بشكل متزايد لسوء التغذية والأمراض.

كما عبر عن قلقه إزاء وجود ظروف المجاعة في الفاشر وكادقلي، كما أكدت لجنة مراجعة المجاعة التابعة للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2025؛ وفقًا لما ورد في تقرير اللجنة، يعاني أكثر من 21.2 مليون شخص من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، منهم 375 ألف شخص، معظمهم في دارفور، متأثرون بظروف شبيهة بالمجاعة، ومن المرجح أن تكون هذه الظروف موجودة في مناطق أخرى أيضًا، كما تُدين استخدام التجويع كسلاح.

وأدان مشروع القرار، التقارير الواردة عن الهجمات وعمليات الاختطاف التي تستهدف العاملين في المجالين الإنساني والصحي، والمستشفيات، والبنية التحتية الصحية، بما في ذلك التقارير التي تفيد بمقتل أكثر من 460 مريضًا وعاملًا صحيًا في مستشفى الولادة السعودي بالفاشر.
السماح بوصول المساعدات:

ودعا القرار جميع الأطراف إلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية فورًا ودون عوائق في جميع أنحاء السودان وتسهيله، بما في ذلك التوسع السريع في عمليات التسليم عبر الحدود وعبر خطوط النزاع.

ورحب القرار ببيان دول الرباعية الصادر في 12 سبتمبر، والتي تضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات، بما في ذلك دعوته إلى هدنة إنسانية، لمدة ثلاثة أشهر أولية، لتمكين الدخول السريع للمساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء السودان، مما يؤدي فورًا إلى وقف دائم لإطلاق النار.

وجدد القرار دعوته إلى التنفيذ الكامل لإعلان جدة للالتزام بحماية المدنيين في السودان، داعياً جميع أطراف النزاع إلى ضمان حماية المدنيين، على النحو المطلوب بموجب القانون الدولي.

لايوجد حل عسكري:

وشدد القرار على أنه لا يوجد حل عسكري للأزمة السودانية، مكرراً دعوته إلى وقف فوري وكامل لإطلاق النار من قبل جميع الأطراف، دون شروط مسبقة، وإنشاء آلية رصد مستقلة لوقف إطلاق النار، وإعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية الحيوية، والتوصل إلى حل تفاوضي وسلمي للنزاع على أساس حوار شامل، بقيادة السودان وبملكيته، بمشاركة فاعلة من الجهات المدنية السودانية الفاعلة، بما في ذلك النساء والشباب، وإلى إقامة عملية انتقال سياسي موثوقة وشاملة، مع شعب السودان، نحو حكومة وطنية منتخبة ديمقراطيًا بعد فترة انتقالية بقيادة مدنية.

وحث جميع الأطراف والدول الأعضاء على احترام وحدة السودان وسلامة أراضيه والحفاظ عليها، ورفض إنشاء سلطة حاكمة موازية في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.

وأدان جميع أشكال التدخل الخارجي التي تغذي النزاع، مجدداً تذكير جميع أطراف النزاع، وكذلك الجهات الخارجية الفاعلة، من دول وكيانات أخرى، التي تسهل نقل الأسلحة والمواد العسكرية إلى دارفور، بالتزامها باحترام إنفاذ حظر الأسلحة الحالي في دارفور، الساري بموجب قرار مجلس الأمن 1556 (2004) المؤرخ 30 يوليو/تموز 2004 والقرارات اللاحقة.

وطلب القرار، من مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان تقديم تحديث شفوي إلى مجلس حقوق الإنسان بشأن حالة حقوق الإنسان في الفاشر، يليه حوار تفاعلي، قبل انعقاد دورته الحادية والستين.

Welcome

Install
×