نازحون في جبل مرة. من حساب توبي هارورد في اكس

نازحون في جبل مرة. من حساب توبي هارورد في اكس يوليو 2024

أمستردام :4 ابريل 2025 : 2025 : راديو دبنقا ووكالات

قالت صحيفة لاكروا الفرنسية إن المنظمات الحقوقية والباحثين، مع استمرار الحرب في السودان وصعوبة الوصول إلى إقليم دارفور، لجؤوا إلى تقنيات حديثة لتوثيق الجرائم والانتهاكات التي يشهدها الإقليم، خاصة بعد سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، وما رافقها من تقارير عن إعدامات ميدانية ومجازر بحق المدنيين.
وأوضحت الصحيفة الفرنسية -في تقرير بقلم فينسيان جولي- أن الأمم المتحدة ومنظمات مثل هيومن رايتس ووتش ومراكز أبحاث دولية، تعتمد الآن، بسبب استهداف الصحفيين المحليين واستحالة وصول فرق التحقيق الدولية إلى الميدان، على تحليل صور الأقمار الاصطناعية والتحقق من الفيديوهات المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وبالفعل تزايدت شهادات الانتهاكات منذ سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر -حسب الصحيفة- واتهمت تحالفات الجماعات المسلحة المتحالفة مع القوات المسلحة السودانية، قوات الدعم السريع شبه العسكرية “بإعدام أكثر من 2000 مدني أعزل”.

هكذا يوثق المحققون الانتهاكات في دارفور

وبفضل هذه الجهود تعج وسائل التواصل الاجتماعي اليوم -كما تقول الكاتبة- بعشرات الصور التي تظهر جرائم قتل، ومدنيين يلاحقهم مسلحون على متن شاحنات خفيفة، وجثثا مهشمة الرؤوس.
وقد أظهرت التحليلات أدلة على “إعدامات جماعية” ووجود جثث قرب مواقع لقوات الدعم السريع، إلى جانب مؤشرات على نزوح واسع للسكان من الفاشر نحو الجنوب والغرب، كما تقول الصحيفة.
ويستخدم الباحثون تقنيات دقيقة لتحديد المواقع الجغرافية وتاريخ التصوير اعتمادا على الظلال والعلامات المميزة في الصور، كما يعملون على مطابقة هذه الأدلة مع مئات الفيديوهات التي تبثها القوات شبه العسكرية على تليغرام وواتساب وإكس.
وفي أحد هذه المقاطع -كما تقول الكاتبة- ظهر عبد الرحيم دقلو، نائب قائد الدعم السريع وشقيق قائده الأعلى محمد حمدان دقلو (حميدتي)، محتفلا بالسيطرة على المدينة، مما يعد دليلا على علم القيادة العليا بهذه الانتهاكات.
وتتعاون فرق التحقيق مع خبراء لغويين لتحديد أصول ولهجات المتحدثين في المقاطع، بهدف التعرف على مناطقهم أو حتى جنسياتهم، بعد رصد مقاتلين من دول أفريقية أخرى ضمن صفوف الدعم السريع.
ورغم أهمية الأدلة الرقمية والمرئية، يشدد الباحثون على ضرورة تأكيدها بشهادات ميدانية من الناجين واللاجئين، لأنه لا يمكن الاعتماد على الصور وحدها لإثبات وقوع الجرائم.
وخلصت الصحيفة إلى أن الهدف الأساسي من هذه الجهود هو الوصول إلى الحقيقة بموضوعية ونزاهة، بعيدا عن الأحكام المسبقة، لضمان محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات في دارفور.

الدم المسفوك في السودان يُرى من الفضاء

في مقال مؤلم ومشحون بالحقائق الميدانية، وضعت الكاتبة نسرين مالك القارئ أمام مأساة مدينة الفاشر في إقليم دارفور بالسودان، التي سقطت مؤخرا في يد قوات الدعم السريع بعد حصار دام أكثر من عام ونصف.
ووصفت الكاتبة -في زاويتها بصحيفة غارديان- ما حدث عقب سقوط المدينة بأنه كارثة إنسانية وجريمة إبادة جماعية جديدة ترتكب على مرأى من العالم، إذ تشير التقارير إلى وقوع مجازر مروعة بحق المدنيين شملت حتى المستشفيات، مع حديث شهود عيان عن إعدامات ميدانية وعمليات تطهير عرقي.
وأوضحت نسرين مالك أن صور الأقمار الاصطناعية أظهرت بقع الدم على الأرض نتيجة كثافة القتل، في مشهد يذكر ببدايات الإبادة الرواندية، مؤكدة أن ما يحدث لم يكن مفاجئا بل كان متوقعا منذ شهور.
وترى الكاتبة أن سقوط الفاشر يمثل نقطة تحول خطيرة في حرب السودان المستمرة منذ أكثر من عامين بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وهي حرب تعود جذورها إلى انهيار الشراكة الهشة بين العسكريين والمدنيين بعد ثورة 2019 التي أطاحت بالرئيس عمر حسن البشير.
ونبهت نسرين مالك إلى أن الحرب لم تعد بين جيش نظامي ومليشيا خارجة عن السيطرة كما بدأت، بل بين جيشين متكافئين في القوة والسلاح والتمويل الخارجي، مما جعل الصراع أكثر دموية واستعصاء على الحسم.

دعوة لتحرك دولي عاجل

وحملت الكاتبة جزءا كبيرا من المسؤولية لإحدى الدول الإقليمية، التي وصفتها بأنها الراعي الأساسي لقوات الدعم السريع، من خلال تمويل وتسليح المليشيا التي سبق أن استعانت بها في حرب اليمن. وتتهم الكاتبة المجتمع الدولي، وعلى رأسه بريطانيا والولايات المتحدة، بالتواطؤ بالصمت، لتغاضيهما عما يحدث حفاظا على مصالحهما وعلاقاتهما الدولية.
وخلصت نسرين مالك إلى أن العالم لا يمكنه الادعاء بعدم المعرفة بما يجري، لأن الجرائم باتت مرئية من الفضاء البعيد، مشيرة إلى أن المأساة السودانية ليست “منسية” بل مهملة عمدا، مما يعكس تحول السياسة الخارجية العالمية من الدبلوماسية الأخلاقية إلى البراغماتية العارية التي تحكمها المصالح الاقتصادية والسياسية فقط.
وختمت الكاتبة مقالها بدعوة صريحة إلى تحرك عاجل من المجتمع الدولي، محذرة من أن سكان الفاشر محاصرون في ساحة قتل، وأن كل دقيقة تأخير في التدخل تعني مزيدا من الدماء.

من غزة إلى السودان الألم واحد

في مقال اخر مؤثر بعنوان “من غزة إلى السودان: ألمهم هو ألمنا”، تكتب الصحفية الفلسطينية لينا غسان أبو زيد من قلب غزة عن الرابط الإنساني العميق بين معاناة الفلسطينيين ومعاناة السودانيين، مؤكدة أن الحروب والجوع والدمار ليست أحداثا معزولة، بل فصول متصلة من قصة إنسانية واحدة يغيب عنها الضمير العالمي.
تصف الكاتبة في مقالها بموقع إنترسبت الأميركي مشاهد الحياة اليومية في غزة تحت القصف، حيث الخوف والجوع والدمار، ثم تربط ذلك بما يحدث في السودان، خصوصا في دارفور والفاشر، حيث يعيش المدنيون حصارا خانقا ويفتقرون إلى الماء والغذاء والدواء، في حين تنهار المستشفيات والمدارس وسط صمت دولي مؤلم.
وتقول أبو زيد وهي تتحدث من قلب غزة المحاصرة، إنها ترى في المأساة السودانية مرآة لمآسي الفلسطينيين، وتؤكد أن الدمار والجوع والحصار ليست قضايا محلية، بل وجع إنساني مشترك يجمع بين الشعوب المنكوبة.
وتصف الكاتبة المشهد اليومي في غزة حيث يعيش الناس تحت القصف، يعدّون الأيام بين وجبة وأخرى، ويتنقلون بين الخوف والأمل في دورة لا تنتهي. اعتقد سكان غزة أن معاناتهم فريدة، حتى شاهدوا السودان يحترق بالصمت نفسه الذي يلف مآسيهم.
وفي غزة كما في السودان، يموت الناس جوعا وتحت الأنقاض، في حين تغيب الكاميرات وكأن الألم في الجنوب العالمي لا يستحق أن يُرى في شمال الكرة الأرضية.
وتنتقل أبو زيد إلى السودان، حيث يعيش المدنيون في دارفور والفاشر والخرطوم وضعا مأساويا مشابها لما عاشته غزة، مشيرة إلى مقتل أكثر من 460 مدنيا في يوم واحد بمدينة الفاشر على يد قوات الدعم السريع، وإلى نزوح أكثر من 14 مليون سوداني داخل البلاد وخارجها، مقابل نسبة نزوح تبلغ نحو 90% في غزة.وتصف الكاتبة كيف أن الحصار والجوع وانعدام المياه والدواء جعلت من المدن السودانية مناطق موت بطيء، تشبه ما عاشه الغزيون بعد القصف والدمار.وتضيف أن المدنيين السودانيين أصبحوا رهائن لحرب يتعرضون فيها للقتل والاختطاف والتهجير القسري، دون حماية دولية أو اهتمام إعلامي.

الصمت العالمي

وترى الكاتبة أن ما يضاعف الألم في غزة والسودان ليس فقط القصف أو الجوع، بل صمت العالم، وتدين ازدواجية المعايير لدى المجتمع الدولي الذي يرفع شعارات حقوق الإنسان في المؤتمرات، في حين يتجاهل ضحايا الحروب في الجنوب.
تقول “ما يؤلمنا أكثر من الجوع هو صمت العالم”، وتشدد على أن الإنسانية الحقيقية لا تُقاس بموقع الضحية، بل بالاستجابة لآلام البشر أينما كانوا.
وتصف هذا الصمت بأنه “خيانة مضاعفة”، تجعل الضحايا يشعرون بأن العالم يرى لكنه يختار ألا يتكلم.
وترى أبو زيد أن ما يجمع بين غزة والسودان ليس الجغرافيا بل الجراح، فدماء الأطفال في دارفور هي ذاتها دماء الأطفال في غزة، والمدارس والمستشفيات المدمرة في الخرطوم تشبه تماما تلك التي سويت بالأرض في دير البلح والنصيرات. وتضيف (كلما قرأت عن الموت في الفاشر أو الجنينة، أشعر أن ألمهم هو ألمنا.)
وتؤكد أن الحروب في الجنوب العالمي سواء في فلسطين أو السودان ليست سوى وجوه مختلفة للمعاناة ذاتها، وأن التاريخ يعيد نفسه لأن العالم لا يتعلم من صمته.
تكتب “كلما قرأت عن الموت في الفاشر أو الجنينة، أشعر أن ألمهم هو ألمنا”، لتجسد وحدة الوجع بين الشعبين.
وتختم الكاتبة مقالها بنداء صادق إلى العالم: “تحدثوا عن السودان، كما تتحدثون عن غزة، فالصمت يقتل كما تفعل القنابل”.وتدعو الكاتبة إلى كسر دائرة الصمت الإعلامي والاهتمام بمعاناة الشعوب المنسية، لأن الإنسانية ليست امتيازا، بل واجب أخلاقي.وتؤكد أن كل كلمة تُكتب وكل قصة تُروى يمكن أن تُخفف من الألم وتعيد بعض الكرامة للضحايا. وتختتم أبو زيد مقالها بعبارة تلخص رسالتها قائلة “لا تتركوا السودان وحيدا كما تُركت غزة، فالألم مشترك، والإنسانية مسؤولية الجميع”.

أحلك فصول حرب السودان

في الصحافة الأمريكية قالت صحيفة واشنطن بوست إن “الفظاعات التي ترتكبها قوات الدعم السريع بمدينة الفاشر بإقليم دارفور أدخلت حرب السودان التي أودت بحياة مئات الآلاف، أحد أحلك فصولها”.
وأجرت الصحيفة مقابلات مع 9 مدنيين وأطباء وعمال إغاثة ومقاتلين في الفاشر ومحيطها، وصفوا فيها حملة وحشية وعشوائية من القتل العرقي واحتجاز الرهائن على يد قوات الدعم السريع والمقاتلين المتحالفين معها.
وروى شهود عيان للصحيفة المعاناة القاسية التي واجهوها بسبب مقاتلي قوات الدعم السريع وأثناء محاولاتهم الفرار من الفاشر في ظروف إنسانية صعبة. وسردت واشنطن بوست حالات عدد من الأطباء قالت إن الدعم السريع تحتجزهم ولا تطلق سراحهم إلى بفدية باهظة، وفق شهود العيان.
ونقلت صحيفة تلغراف البريطانية عن الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، يان إيغلاند قوله إن أكثر من 5 آلاف شخص وصلوا إلى مخيم طويلة عقب فرارهم من الفاشر، وأعرب عن خشيته من أن يكون العديد من المدنيين قد تعرضوا للاعتقال أو الاختفاء أو القتل أثناء فرارهم إلى بر الأمان.
وأشارت الصحيفة إلى أن المدنيين ركضوا مسافة 25 ميلا هربا من مذبحة الفاشر، بينما أُعدم أصدقاؤهم حولهم.

نموذج مألوف من العنف المتوقع

وتقول صحيفة الغارديان في تقرير لها : مجزرة الفاشر، التي ارتكبتها قوات الدعم السريع، متوقعة منذ وقت طويل. فالأحداث التي شهدتها المدينة بعد سقوطها في أيدي هذه القوات تتبع نمطا مألوفا سبق أن ظهر في السودان ودول أفريقية أخرى مثل رواندا وليبيريا، حيث تُرتكب مجازر منظمة، مستهدفة مجموعات عرقية معينة، مع توثيق الجناة للعنف الذي يمارسونه بأنفسهم.
ذكر ذلك تقرير نشرته صحيفة غارديان البريطانية كتبه كارلوس موريثي وراشيل سافدج، لفتا فيه الانتباه إلى أنه وفي عام 2023، قُتل نحو 15 ألف مدني في مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، معظمهم من جماعة المساليت غير العربية، عندما سيطرت قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها على المدينة.
وأشار الكاتبان إلى أن المقاتلين جابوا البيوت في الجنينة بيتا بيتا، وأحرقوا المنازل ومخيمات النازحين بالكامل. وفي أبريل/نيسان 2025، قتلت قوات الدعم السريع أكثر من 1500 مدني في غضون 72 ساعة داخل مخيم زمزم للنازحين، جنوب مدينة الفاشر. وقد أدى ذلك إلى نزوح مئات الآلاف من المدنيين، في حين بقي كثيرون في عداد المفقودين.

تحذيرات سابقة من حمام دم

وأورد التقرير أن المنظمات الإنسانية والمراقبين الدوليين حذروا من حمام دم وشيك قبل 18 شهرا، مشيرا إلى أن التحليلات لم تكن تركز على إن كانت المجزرة ستحدث أم لا، بل متى تحدث.
ومع ذلك، يقول الكاتبان، لم يتخذ المجتمع الدولي أي إجراءات رادعة، وبقيت التحذيرات مجرد بيانات شكلية بلا تنفيذ فعلي، سواء عبر عقوبات أم ضغط سياسي حقيقي.
وأشار التقرير إلى أن الحرب الأهلية في السودان، التي اندلعت من الصراع على السلطة بين الجيش النظامي بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع المتمردة على الجيش بقيادة محمد حمدان دقلو الشهير بـ حميدتي، أدت إلى نزوح 13 مليون شخص بحلول الذكرى الثانية للصراع، نصفهم بحاجة إلى مساعدات غذائية عاجلة، لتتحول الأزمة إلى واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم حالياً.
يقول الخبراء إن الحل لإيقاف الدعم السريع يتطلب ضغطاً دولياً حقيقياً على الدول الداعمة لها، ويظل المجتمع الدولي، بما فيه الولايات المتحدة، عاجزا عن التحرك عدا الإدانات الشكلية.
وأضاف أنه من اللافت أن الجيش السوداني نفسه، وإن كان بحجم أقل، كرر سلوك قوات الدعم السريع بعدم حماية المدنيين وتركهم عرضة للقتل.
فقد انسحب الجيش من قبْل من مدن مثل الفاشر والجنينة، تاركاً السكان لمصيرهم، وهو ما أدى إلى تسهيل عمليات القتل الجماعي والنهب والاختطاف التي نفذها الدعم السريع.
وأكد الكاتبان أن قوات الدعم السريع وثقت مقاطع الفيديو كأداة للحرب النفسية، في حين استخدم الخبراء والمحللون صور الأقمار الصناعية واللقطات الأرشيفية لتأكيد وقوع عمليات قتل جماعي في مستشفيات وأحياء سكنية ومخيمات للنازحين، في ظل انقطاع شبه كامل للاتصالات، ما جعل تقدير عدد الضحايا أمراً صعباً، مع وجود نحو 260 ألف شخص داخل الفاشر عند سقوطها تحت سيطرة الدعم السريع، وأكثر من 35 ألف نازح من المناطق المجاورة.

لا بد من ضغط دولي حقيقي

ونسب الكاتبان إلى الخبراء أيضا قولهم، إن الحل لإيقاف الدعم السريع يتطلب ضغطاً دولياً حقيقياً على الدول الداعمة لها، التي تزود الجماعة بالأسلحة والدعم اللوجيستي، في وقت يظل المجتمع الدولي، بما فيه الولايات المتحدة، عاجزا عن التحرك عدا الإدانات الشكلية.
واختتم كوريثي وراشيل تقريرهما “إن ما جرى في الفاشر اليوم يعكس تكرار دورة العنف المألوفة في السودان، مع تقاعس واضح للمجتمع الدولي، وتكرار الجيش نفسه لسلوك قوات الدعم السريع، ما يجعل المدنيين أكثر عرضة للقتل ويؤكد أن هذه المجازر كانت متوقعة بشكل كامل”.
المصدر :الجزيرة : لاكروا : الغارديان : واشنطن بوست

Welcome

Install
×