الفاشر: هل يغيّر الإسقاط الجوي موازين القوة؟

تصاعد سحب الدهان في الفاشر إثر قصف القوات المسلحة لأحد المواقع -لقطة شاشة من مقطع فيديو متداول على وسائل التواصل


الفاشر – 30 سبتمبر 2025: راديو دبنقا

قال مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان”أوتشا” إن المدنيين الذين يحاولون الفرار من الفاشر يواجهون العنف والنهب على طول الطرق غير الآمنة، فيما كثّفت القوات المسلحة القصف المدفعي والهجمات بالطائرات المسيرة بعد عملية الإسقاط الجوي الناجحة التي أجرتها أمس لمؤن وعتاد حربي. ويتوقع خبراء عسكريون أن يؤدي ذلك إلى تغيير في موازين القوى.

وقالت دينس براون، منسقة مكتب أوتشا بالسودان، في بيان لها أمس، إن الأمم المتحدة تلقت تقارير عن عمليات قتل خارج نطاق القانون، وعمليات اختطاف واحتجاز تعسفي، إلى جانب هجمات عشوائية على الأسواق والمستشفيات وأماكن العبادة.

وأكدت ضرورة حماية المدنيين بموجب القانون الإنساني الدولي، وضمان المرور الآمن لأولئك الذين يرغبون في مغادرة المدينة. وأضافت: “يجب أن تظل طرق الخروج مفتوحة وآمنة ويمكن الوصول إليها. كما يحتاج المدنيون الذين بقوا أيضًا إلى الحماية، إلى جانب الحصول على الغذاء والماء والإمدادات الأساسية الأخرى”.

رفع حصار الفاشر

وطالبت برفع حصار الفاشر، وإنهاء الهجمات العشوائية، وإصدار أوامر واضحة لمنع العنف الجنسي والهجمات ذات الدوافع العرقية، مؤكدة أن القادة والمقاتلين مسؤولون عن أفعالهم بموجب القانون الدولي الذي يوجب حماية المدنيين.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن الوضع الإنساني في الفاشر، بشمال دارفور، يزداد سوءًا يومًا بعد يوم مع اشتداد الحصار المفروض على المدينة.

وذكر أوتشا أن صور الأقمار الصناعية تُظهر أن السواتر الترابية المحيطة بالمدينة امتدت الآن لأكثر من 68 كيلومترًا، مما قلّص الفجوة المتبقية إلى ثلاثة أو أربعة كيلومترات فقط، وهو ما يحدّ من خيارات الدخول إلى المنطقة أو الخروج منها. كما تُظهر الصور مجموعات كبيرة من الناس يحاولون الفرار سيرًا على الأقدام من داخل المنطقة المحاطة بالسواتر.

وشدد المكتب على ضرورة حماية المستجيبين المحليين والعاملين في المجال الإنساني، الذين يخاطرون بحياتهم يوميًا لتقديم المساعدة.

كما حثّ الأمين العام للأمم المتحدة على اتخاذ خطوات فورية لحماية المدنيين، وتمكين إيصال المساعدات الإنسانية بأمان ودون عوائق وبصورة مستدامة إلى المنطقة، والسماح لأي مدني يرغب في مغادرة المنطقة طوعًا بالقيام بذلك بأمان.

قصف مدفعي وهجمات بالطائرات المسيرة

من جهة أخرى، كثّفت القوات المسلحة صباح اليوم قصفها المدفعي وهجماتها بالطائرات المسيرة باتجاه المحور الجنوبي، ونشرت مقاطع فيديو تُظهر جثث قتلى قالت إنهم من قوات الدعم السريع.

في المقابل، واصلت قوات الدعم السريع قصفها على مناطق عدة داخل المدينة. ونشر مني أركو مناوي، حاكم إقليم دارفور، مقطع فيديو يظهر استهداف موقع قال إنه مركز إيواء بالقصف المدفعي. ولم يتسنَّ لراديو دبنقا تحديد موقع المركز.

تغيير موازين القوة

في الأثناء، توقّع خبراء ومحللون عسكريون أن يؤدي الإسقاط الجوي الذي جرى أمس في الفاشر إلى تصاعد وتيرة القتال وتغيير موازين القوة لصالح الجيش.

وكانت قوات الدعم السريع قد أحكمت الحصار على المقرات العسكرية من الاتجاهين الشمالي والجنوبي، حيث ارتكزت خلال الأيام الماضية على مقربة من مقرات السلاح الطبي والإشارة والمرعات.

وقال المتحدث الرسمي باسم القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، العقيد أحمد حسين مصطفى، إن عملية الإسقاط الجوي الناجحة التي نفذها سلاح الجو بمدينة الفاشر بعد انقطاع طويل، قد أذهلت قوات الدعم السريع. واعتبر أن الإسقاط الجوي الذي استقبلته قيادة الفرقة السادسة مشاة بالفاشر فجر أمس، يمثل إضافة حقيقية لسلسلة انتصاراتها.

وشكك في صحة مقاطع الفيديو التي تداولتها قوات الدعم السريع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تظهر صناديق ذخائر ومعدات عسكرية على مركباتها القتالية، معتبرًا أنها محاولة لتضليل الرأي العام والتغطية على الهزائم التي لحقت بها.

اسقاط ثقيل

وقال الخبير العسكري اللواء دكتور محمد خليل الصائم لراديو دبنقا إن عملية الإسقاط الجوي التي تمت في الفاشر نُفذت بالتنسيق بين القوات الجوية وقوات المظلات، حيث تُسقط الحمولات الثقيلة عبر المظلات وفق إجراءات وبيانات دقيقة، إضافةً إلى حساب اتجاهات الرياح.

وأكد أن الإسقاط كان من تنفيذ القوات المسلحة السودانية، موضحًا أنه كان “إسقاطًا ثقيلًا” للذخائر والمواد التموينية وغيرها. ووصف الأحاديث حول معرفة قوات الدعم السريع بعملية الإسقاط ومحاولتها تمريرها لأسباب خاصة بأنها “حديث فارغ”. وأضاف أن جميع منظومات الدفاع الجوي التابعة للدعم السريع حول الفاشر قد تم تحييدها، ولهذا السبب جرت العملية بأمان كامل.

ونفى الخبير ما يُتداول عن دور للأمم المتحدة في عملية الإسقاط، قائلًا إن الأمم المتحدة لم تقدم شيئًا للسودان، وأن المنظمات الدولية تتجاهل عمداً معاناة السودانيين، وهو ما يفسر – حسب قوله – غياب الإدانات لجرائم الدعم السريع في دارفور، مثل قصف المسجد مؤخرًا الذي راح ضحيته 75 شخصًا.

واختتم حديثه لراديو دبنقا بالتأكيد على أن عملية الإسقاط في الفاشر كانت ناجحة بنسبة 100%، مشيرًا إلى أنه سبقها إدخال قوات خاصة عبر الإسقاط الجوي تمكنت من الدخول إلى المدينة.

Welcome

Install
×