مشاهد الخوف والقصف بعيون بريئة منظمة “شن السلام” تصدر كتابا لرسومات الأطفال في مناطق الحروب

الأستاذ بشرى قمر متحدثا خلال حفل إصدار كتاب منظمة "شن السلام" لرسومات الأطفال في مناطق الحروب

لندن: 11 أبريل 2024: راديو دبنقا
تقرير: عمر عبد العزيز

أصدرت منظمة waging Peace أو “شن السلام”، المهتمة بقضايا السلام وإنصاف الضحايا في السودان، كتابا جديدا يحتوي على عشرات الرسوم لأطفال في مناطق الحرب بالسودان في دارفور وجبال النوبة، كما احتوى الكتاب على رسمة واحدة لطفل من الخرطوم عن مجزرة فض اعتصام القيادة العامة.

وفي أمسية في العاصمة البريطانية لندن، أعلنت المنظمة عن تدشين الكتاب الذي يتألف من ثمانين صفحة ويحتوي على نحو أربعين لوحة رسمها الأطفال السودانيون.

الحرب باللوحات
وقال الأستاذ بشرى قمر، مسؤول الأرشيف في منظمة “شن السلام” إن فكرة الكتاب بدأت عام 2007 عندما زارت باحثة من منظمة “شن السلام معسكرات اللاجئين السودانيين في تشاد لجمع شهادات من الضحايا.

وأضاف قمر أن أمهات بعض الأطفال اخبرنها بالذكريات المؤلمة التي يتحدث عنها أبنائهن، فخطر لها أن توفر لهم الأوراق والألوان لكي يعبروا عما شاهدوه بالرسم.
وأشار قمر إلى أن منظمة “شن السلام” جمعت أكثر من خمسمئة لوحة للأطفال على مدى سنوات، ثم اختاروا منها حوالي 40 لوحة لكي تضمن في الكتاب.

وقدمت للكتاب فاتو بنسودا المدعية العامة السابقة للمحكمة الجنائية الدولية، حيث أعربت عن امتنانها لدعم منظمة “شن السلام” لتحقيقات المحكمة بشأن الجرائم التي ارتكبت في إقليم دارفور.

وأعربت عن اعتقادها بأن المئات من رسومات الأطفال التي جمعتها المنظمة “هي روايات شهود عيان مروعة تمثل دليلا سياقيا على الجرائم الفظيعة المرتكبة في دارفور”، حسبما قالت في تقديم الكتاب.

وأضاف قمر أن فكرة الكتاب تطورت عام 2018 عندما طبقت نفس التجربة في معسكر (إيدا) للاجئي جبال النوبة بدولة جنوب السودان، حيث جمعت كذلك رسومات من الأطفال.

وتابع قائلا إنه في عام 2019 أضيفت لوحة جديدة من طفل في الخرطوم عن مجزرة فض اعتصام القيادة العامة.

وأشار إلى أن الفكرة برزت فيما بعد لاستخدام هذه الرسومات للتوعية وإخبار العالم بما يجري في السودان، ومن ثم عملت المنظمة على جمع بعض الصورة المنتقاة من كل المجموعة التي توفرت لهم.

سيوف ضد الطائرات
وتظهر بعض الصور طائرات تطلق قذائفها على قطاطي مشتعلة، بينما تظهر أخرى رجالا على ظهور الخيول والجمال وهم يوجهون أسلحتهم النارية ضد آخرين يحملون سلاحا أبيض، في إشارة إلى عدم تكافؤ القوة وقلة حيلة الطرف الثاني.

وأشار قمر إلى أنه كانت هناك إشكالية في اختيار الصور، مشيرا إلى أن العدد الكلي كان اكثر من 600 لوحة، بينما اختيرت بضعا وأربعين فقط منها.

وقال إنهم راعوا اختيار اللوحات الأكثر والأقوى تعبيرا عما حدث ويحدث في مناطق الحروب والنزاعات، كما أضافوا لها بعض اللوحات ذات المحتوى الثقافي، ومن بينها لوحة عن رقصة الكمبلا في جبال النوبة.

وقال قمر إن غالبية اللوحات تحدثت عن اسلحة الحرب والانتهاكات التي صاحبتها والهجمات التي استهدفت القرى.

لكنه أشار كذلك إلى أن بعض اللوحات تتحدث عن الثقافة المحلية ومشاهد من معسكرات اللاجئين.

ومن بين اللوحات، واحدة تظهر عائلة أثناء تناول الطعام في قرية بمنطقة جبال النوبة، وأخرى تظهر الحياة اليومية الطبيعية في قرية بإقليم دارفور من طبخ وزراعة وعناية بالدواب.

وأضاف قمر أنه وضع تعريفا مختصرا لمحتوى كل رسمة باللغتين العربية والإنجليزية، بحيث تكون الكلمات مختصرة ومعبرة من دون أن توجه القارئ أو المشاهد في اتجاه محدد، حتى يستخلص اكثر ما يمكن من معان عبر مشاهدة اللوحة فقط.

وقال إن هدفهم الأول من نشر الكتاب هو لفت انتباه المجتمع الدولي والإعلام العالمي بصورة أكبر لما يجري في مناطق الحروب والانتهاكات في السودان.

واعتبر أن تلك الرسومات تعكس تماما الانتهاكات التي وقعت في جبال النوبة وإقليم دارفور ومجزرة القيادة العامة.

واعتبر أن الإعلام بشأن ما يدور في السودان لا يزال ضعيفا وأنهم كانوا في حاجة “لشرارة لكي نوجه الانتباه لما يدور في السودان”.

وبينما جمعت منظمة “شن السلام” محتوى هذا الكتاب من الحروب السابقة التي شهدها السودان في دارفور وجبال النوبة، فإن إصداره يأتي بينما تدخل حرب السودان الحالية عامها الثاني، ولا شك أنها، أي الحرب الأخيرة، قد خلفت مثل سابقاتها الكثير من المشاهد المؤلمة والذكريات المريرة التي ربما تحتاج إلى كتاب