مدن تحت الحمم.. 160 قصف جوي ومدفعي في الخرطوم والولايات

تقرير محامو الطوارئ.. صورة الغلاف

رصد محامو الطوارئ 160 قصفا مدفعياً وجوياً جرى توثيقها والتحقق منها في العاصمة الخرطوم والأبيض ونيالا في الفترة الزمنية من 16 ابريل 2023م إلى 19 سبتمبر راح ضحيتها (954) قتيلاً من المدنيين فيما بلغ عدد الاصابات (2434) إصابة.

وقالت مجموعة (محامو الطوارئ) في تقرير أصدرته، مساء أمس الأربعاء، بعنوان (مدن تحت الحمم، ضحايا القصف الجوي والمدفعي في السودان) إن الهجمات شملت (129) قصفاً مدفعياً و(31) قصفاً جوياً بطائرات مقاتلة في مدن الخرطوم بحري امدرمان الابيض ونيالا.

وتعمل محامو الطوارئ، هي مجموعة عمل طوعي من المحامين جرى تكوينها في العام 2018 بعد انطلاقة ثورة ديسمبر على تقديم العون القانوني للضحايا ورصد وتوثيق الانتهاكات والدفاع عن حقوق الانسان.

ويقول المحامي محمد صلاح في مقابلة مع راديو دبنقا إن التقرير يهدف لتسليط الضوء على خطورة الحرب واستخدام أنواع الأسلحة بواسطة طرفي الصراع مثل سلاح شواظ الذي تؤدي لأضرار وسط المدنيين بدون مراعاة للقانون الدولي الإنساني.

 وأكد التقرير إن المجموعة استمعت لإفادات 253 من المصادر وشهود العيان والمصابين والخبراء، وأكدت المجموعة إنها تعمل حالياً لإنجاز ملحق للتقرير يتضمن حالات قصف جوي ومدفعي لم يتم التحقق منها تشمل الجنينة وزالنجي والفاشر وكادوقلي.

مئات القتلى والجرحى

ورصد التقرير مقتل (647) شخصاً، وإصابة (1646) شخصاً في العاصمة الخرطوم، ومقتل 79 حالة في الأبيض و (236) حالة إصابة، بجانب (228) حالة وفاة و (552) حالة إصابة في نيالا.

وأشار التقرير إلى مقتل (67) طفلاً 54 امرأة في الخرطوم بسبب القصف، بينما قتل (15) طفلاً، و18 امرأة في مدينة الابيض

أما في نيالا فبلغ عدد القتلى من الأطفال (48) حالة ، والنساء( 18) حالة.

ويقول المحامي محمد صلاح لراديو دبنقا إن عدد الوفيات والإصابات في نيالا كبير جداً بالمقارنة مع عدد السكان، وأشار إلى أن القصف الجوي خلف عدد كبير من الضحايا  مثل شرق النيل وجنوب الحزام ونيالا.

ونبه إن التقرير تضمن عدد المستشفيات والجامعات ودور العبادة التي استهدف بالقصف.

تسليح الجيش والدعم السريع

أكد التقرير إن القوات المسلحة تمتلك منظومة أسلحة جوية ومدفعية منشأها روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة مع القليل من الأسلحة الصينية. والطائرات التي يملكها الجيش هي سوخوي وميغ وانتينوف، والمسيرات. وتمتلك القوات المسلحة المدفعية المتوسطة وراجمات الصواريخ والصواريخ الاستراتيجية بعيدة المدى(شواظ) ويصل مداها حتى 250 كلم.

وأكد التقرير إن قوات الدعم السريع لا تمتلك طائرات مقاتلة ولم تكن تمتلك طائرات مسيرة قبل حرب 15 ابريل، واستخدام مسيرات في عدد من المعارك وهنالك تضارب حول حصوله عليها من مخازن مصنع اليرموك وهي طائرات الاستطلاع الصينية المعدلة وبين حصوله على طائرات مسيرة صربية الصنع معدلة خارج السودان.

وبحسب التقرير فإن قوات الدعم السريع لا تمتلك طائرات مقاتلة ولكن تم توثيق هجمات عبر الطائرات المسيرة الكترونيا ويصعب تحديد مواقع انطلاقها لتنفيذ هجمات على مدن الولاية المختلفة، وتنطلق طائرات لتنفيذ غارات من قاعدة وادي سيدنا الجوية لتنفيذ هجمات على مدن ولاية الخرطوم ومدن الأبيض ونيالا.

تبادل عشوائي

أثبتت الشهادات أن هنالك تبادل للقصف الجوي والمدفعي بشكل عشوائي حصد أرواح المئات من المدنيين لعدم دقة التصويب. وتستهدف القوات المسلحة الارتكازات أو المواقع التي تشتبه ان الدعم السريع تستغلها كمقار عسكرية او مواقع تجمع. بينما يستهدف الدعم السريع مقار ومواقع القوات المسلحة، وتطلق القوات المسلحة القذائف المدفعية من منطقة كرري العسكرية وقاعدة وادي سيدنا الجوية إلى مناطق متعددة بجانب انطلاق الطائرات المقاتلة وطائرات الاستطلاع من القاعدة الجوية قليل الأثر كما تنطلق القذائف من مدفعية منطقة أمدرمان العسكرية وسلاح المهندسين.

منصات انطلاق

وأكد التقرير إن قوات الدعم السريع تستهدف منطقة الشجرة العسكرية والمدرعات ومعسكر الدفاع الجوي بقذائف بالهاون بينما تبادلهم القوات المسلحة القصف باتجاه الارتكازات داخل الأحياء.

وأشار التقرير لمخاطر وجود مقرات ومعسكرات قوات طرفي النزاع في مراكز المدن وسط الأحياء السكنية، وإن الطرفين يتبادلان الاتهامات وتحميل المسئولية لبعضهما، ولا يتقيدان بمبدأ التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية ولا يملكان منظومة تسليح موجهة مزودة بتقنيات تحقق دقة الهدف.

أما قوات الدعم السريع فليس لها مواقع ثابتة للقصف، حيث تنصب مدافع الهاون في عدد من الارتكازات او مواقع أخرى يستغلها لأغراض عسكري داخل الأحياء شرق الخرطوم وأحياء وسط وغرب الخرطوم، وحي الفتيحاب والصالحة جنوب أمدرمان، ومناطق غرب بحري وأمبدة لقصف القاعدة الجوية بكرري.

 واورد التقرير أن القتال في نيالا والأبيض يتركز حول مقرات الفرقة 16 بنيالا والفرقة 5 بمدينة الأبيض حيث تقصف قوات الدعم السريع المقرات بينما يتحصن الجيش بمعسكراته.

إطار قانوني

أكد التقرير إن على حالات القصف المدفعي والجوي تنطبق عليها قواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي والعرفي الإنساني والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بشكل رئيسي. ويتضمن القانون الدولي الإنساني أربعة مبادئ أساسية هي مبدأ التمييز ومبدأ الاستخدام ومبدأ التناسب ومبدأ الاحتياطات اللازمة.

وينص مبدأ التمييز على التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية وتقييم الخسائر العارضة المتوقعة في أرواح المدنيين جراء الهجوم، ويحظر القانون قصف السكان المدنيين والوحدات الطبية والأعيان الثقافية وأماكن العبادة والمصانع والمنشآت والمواقع غير المحمية والمناطق المنزوعة السلاح. كما ينص مبدأ الاستخدام على أن أي وسيلة عنف يجب أن تبررها ضرورة عسكرية حقيقية ومباشرة وتكون موجهة إلى هدف عسكري وتتناسب مع التهديد القائم.

وأشار التقرير إلى استخدام القصف المدفعي والجوي والطيران المسير بطريقة غير مطابقة للمعايير العسكرية المحترفة أو بطريقة لا تتطلبها المصلحة العسكرية أو ردا على تهديد عسكري مفترض.

وينص القانون الدولي على ضرورة اتخاذ احتياطات مؤكدة لجعل امكانية تأثير تلك الأسلحة محدوداً على المدنيين والأعيان، وحظر المقذوفات التي يزيد وزنها على 400 جرام. كما ينص مبدأ التناسب بالتوازن بين الهدف والوسيلة والطريقة المستخدمة ويحظر القانون الدولي تنفيذ هجمات تهدف إلى عدم الإبقاء على أحياء والهجوم بدون رحمة والغدر والذعر والاعمال الانتقامية الموجهة إلى أهداف غير عسكرية.

ويحظر القانون الدولي استخدام الدروع البشرية أو ترحيل السكان لصالح الأعمال العدائية، الهجمات على الأعمال والمنشآت التي تضم قوى خطرة، الهجمات التي تهدف إلى احداث أضرار بالبيئة والهجمات على الأشخاص المحميين والأعيان المدنية

أما قاعد الاحتياطات اللازمة فتنص على تفادي إصابة المدنيين والأعيان المدنية والتحقق من أن الأهداف عسكرية.

وتعهد الطرفان بموجب إعلان جدة بالالتزام بحماية المدنيين في مايو 2023 بالتقيد بالقانون الدولي الإنساني ومقرراته والقانون الدولي لحقوق الانسان.

دعوة لوقف القصف

أوصى التقرير الجيش والدعم السريع بالتوقف عن عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق، والتمييز دائماً بين المدنيين والمقاتلين وبين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية وقف أي استهداف للمدنيين.

كما دعا التقرير طرفي الصراع احترام مبدأ التناسب في استخدام القوة، والتوقف عن شن أي هجوم يمكن أن يؤدي إلى قتلى أو جرحى في صفوف المدنيين أو إلى أضرار في ممتلكات المدنيين لتحقيق مكسب عسكري مباشر أو ملموس لا يتناسب مع هذه الأضرار.

وشدد التقرير على عدم استهداف الأعيان المدنية والمستشفيات ودور العبادة ومراكز الإيواء ومحطات الكهرباء والمياه والاتصالات

وأكد ضرورة استعداد الطرفين على كل المستويات للتعاون مع التحقيقات الدولية في انتهاكات القانون الإنساني الدولي بما في ذلك لجنة التحقيق المقترحة لاحقاً.

دعوة لتوسيع اختصاص المحكمة الجنائية الدولية

 ودعا التقرير للعمل من داخل مجلس الأمن لتوسيع اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ليشمل جميع مناطق السودان بالإضافة لدارفور والتحقيق في سقوط الضحايا المدنيين بسبب القصف المدفعي والجوي.

كما طالب مجلس الأمن باتخاذ إجراءات واضحة للطرفين بالوقف الفوري عن أي هجمات موجهة ضد المدنيين والهجمات ضد المرافق الطبية والمباني السيادية والمساجد ومنع وأي استخدام عشوائي للأسلحة من خلال القصف المدفعي والقصف الجوي.

وشدد على إيجاد طرق وآليات للتحقيق في الجرائم التي ارتبكت بواسطة الطرفين بسبب القصف المدفعي والجوي.

ودعا المجتمع الدولي الضغط على الطرفين من أجل إيقاف عمليات التهجير القسري الناجمة عن القصف العشوائي والتي تسببت في عالم حدة الأزمة الإنسانية في السودان، ودعم عمليات توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في السودان التي تكشف ممارسات الطرفين الفظيعة وتفضح استمراريتها، وانتهاكها المبادئ القانون الدولي.

وقال المحامي محمد صلاح لراديو دبنقا إن ممثلي محامو الطوارئ شاركوا في فعالية مؤخراً على هامش اجتماعات أممية بشأن حماية المدنيين وتعزيز المساءلة.