محمد ضياء الدين: الرقابة الأمنية (إنتهاك لحرية الفرد والمجتمع)

تلجأ الأجهزة الأمنية في ظل الأنظمة الديكتاتورية، القيام بجملة إجراءات تستهدف الحد من النشاط السياسي المعارض وإجهاضة …

محمد ضياء الدين

*تلجأ الأجهزة الأمنية في ظل الأنظمة الديكتاتورية، القيام بجملة إجراءات تستهدف الحد من النشاط السياسي المعارض وإجهاضة بإجراءات إستباقية معلومة منها الإعتقالات التحفظية وتشديد كافة أشكال  المراقبة على الناشطين أفرادا وتنظيمات*. 
*
ضمن هذه الإجراءات الإحترازية تلجأ الأجهزة الأمنية لاتباع أسلوب مراقبة الأفراد وهذا ما نحن بصدد تناوله* . 
*
إذ تعتبر مراقبة الأفراد، والتي هي رصد حركة الفرد* *المستهدف (الهدف) تدخلا في حريات الأشخاص رغم أنف* *القانون الذي يلزم جميع أجهزة الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية بإحترام الحريات الفردية وحياة الأفراد في المجتمع، وكما هو معلوم أن بلادنا يحكمها دستور 2005 ولما كانت وثيقة الحقوق* *الواردة بالدستور قد نصت على عدم المساس بالحقوق والحريات، بل ألزمت الدولة بحمايتها، وضمن تلك الموجهات أجيز قانون الأحزاب السياسية لسنة 2007 ليعطي الأحزاب السياسية المسجلة ومنسوبيها حق ممارسة النشاط السياسي في إطار التمتع بتلك الحقوق الواردة في الدستور
*
عليه فإن وضع كوادر وقيادات الأحزاب المعارضة وكذلك الناشطين السياسين تحت المراقبة الدائمة أو المتقطعة يعتبر إنتهاكا صريحا للدستور وتجنيا على حرية الأحزاب والأفراد بل وعلى حرية العمل السياسي برمته*.  
*
ولمزيد من التوضيح حول ماهية  المراقبة الأمنية للأفراد وأنواعها ومستهدفاتها نشير  للآتي*:

*( أ ) المراقبة السرية
*
تستهدف جمع المعلومات بكل الطرق والوسائل، لتحليلها ومقارنتها للمساعدة في إتخاذ القرارات السياسية والإقتصادية والأمنية.. الخ، لذلك يخضع الكثير من المعارضين لسياسات النظام للمراقبة السرية التقليدية والتقنية وذلك من خلال وضع هواتفهم تحت المراقبة، ويتم التنصت عليها خاصة عند الأحداث والأحداث المتوقعة، ويمثل التجسس الإلكتروني السلاح السري الذهبي الذي يوفر المعلومات بكل يسر وسهولة للأجهزة الأمنية، خاصة عندما تمارس عناصر المعارضة حالة الاسترخاء الأمني وإيثار السهولة وعدم تقدير خطورة التعامل مع الوسائط الإكترونية، رغم علم الجميع بأن أجهزة أمن النظام أصبحت تمتلك أحدث وسائل التقنية التجسسية*.

*(ب) المراقبة المكشوفة
*
تسمى أيضا بالمراقبة العلنية، ويستهدف هذا النوع من المراقبة، الحد من تحرك الشخص المراقب (الهدف)  بالإضافة إلى معرفة نمط نشاطاته الخاصة وحتي الإجتماعية منها*. 
*
علما بأن المراقبة المكشوفة تنشط تلقائيا عند رفع حالة التأهب الأمني، والذى يصحبه التشدد في المراقبة الثابتة والمتحركة، بعد إشعار (الهدف) المراقب أو إخطاره بشكل مباشر بأنه تحت المراقبة.* 
*
المكشوفة والتي تتم عبر وسيلتين*. 
*
الأولى / من خلال أتيام المراقبة*. 
*
الثانية / وهي مكملة وداعمة للأولى وتتم بواسطة الأجهزة الفنية (تصوير.. تنصت..مراقبة الهاتف.. تشديد الرقابة على الوسائط…. الخ.)* 
*
وبما أن الرقابة المكشوفة تعتبر إجراء ذو أهمية بالنسبة إلى الأجهزة الأمنية للحد من نشاط وتحركات (الأهداف) المراقبة، والتي يتم إنتقائها بشكل دقيق وليقدم الأمن خلالها رسالة لغيرهم من الناشطين المعارضين بأن الجميع تحت المراقبة وأن (الأمن صاحى) ذلك لأن أجهزة الأمن مهما إمتلكت من قوى وتقنيات فنية لن تستطيع مراقبة كل أفراد المعارضة وتنظيماتها* . 
*
من جهة أخري تجتهد الأجهزة الأمنية في إنتقاء أفراد هذا الواجب من العناصر الأمنية التي تتمتع بمواصفات محددة ودقيقة للقيام بهذه المهام وعلى رأسها (الصبر.. الطاعة.. الهدوء.. إجادة قيادة السيارات والمواتر .. اللياقة البدنية.. الذاكرة الجيده.. عدم وجود علامات مميزة… الخ)* 
*
تعتبر أتيام المراقبة الأمنية المكشوفة هي القوى الفاعلة ميدانيا مسنودة عمليا وتقنيا بالقيادة الفنية والمكتبية المخططة والآمرة عبر تنسيق ومتابعة لتنظيم الجهد الأمني الذي يستهدف تعطيل الحراك السياسي للثوار والوصول للمعلومات المساعدة لإنجاز ذلك، وجمع المعلومات تمثل كما أشرنا أحد أهم هواجس الأمن في مواجهة خصومة السياسيين*. 
*
غير أن هناك وسائل أخرى تلجأ لها أجهزة الأمن للحصول على المعلومات عبر شرائها من جهات تبيع لمن يدفع، ومن المصادر والمخبرين ، وهناك معلومات تبادلية بين الدول وأجهزة المخابرات الصديقة، بالإضافة إلى الحصول على المعلومات من خلال المراقبة بكافة أنواعها وكذلك من خلال التحقيق المباشر مع الأفراد*. 

*السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لجأت الأجهزة الأمنية مؤخرا لتشديد على وسيلة المراقبة المكشوفة على المعارضين السياسيين رغم تكلفة هذا الإجراء من نواحي عدة* ؟ 

1/ *هل غيرت الأجهزة الأمنية إستراتيجيتها في التعامل مع المعارضين؟
2/ *
هل هناك ضغوط دولية دفعت تلك الأجهزة لإعتماد تكتيك جديد لتجاوز تلك الضغوط ومن ثم العودة إلى مربع الإعتقالات التحفظية وهو الإجراء الأسهل والمجرب ؟
3/ *
هل كان تقييم الأجهزة الأمنية لتجارب المراقبة المكشوفة للمعارضين إيجابيا؟ بمعنى هل حدت المراقبة المكشوفة من النشاط المعارض وبالتالي تم إعتمادها لنجاعتها في الوصول إلى ما هو مطلوب؟

*دون الدخول في تفاصيل الإجابة على الأسئلة أعلاه، لعدم الغرق في الإستنتاجات والتفاصيل.* 
*
على أية حال ما يهم المناضل الثوري ضمن مهام واجباته النضالية هو كيفية التعامل مع مثل هذه الإجراءات الأمنية،  وإنتهاج الوسائل المضادة التي تقوم على قاعدة (التأمين والفعالية)* . 
*
على المناضل المستهدف بالمراقبة المكشوفة أن يدرك أن نجاحة في آداء واجبه الوطني يعني قدرته على إفشال ما خطط ضده، وذلك بإعتماده للخطط  ماده التي تعمل على الحد من نشاطة السياسي ، ولكي ينجح في ذلك عليه أن يدرك أولا  مستهدفات الخطة الأمنية من المراقبة المكشوفة، وأن يدرك أيضا أن الوسيلة الوحيدة الناجعة ليحقق النجاح المطلوب هو الإستمرار في آداء واجبة النضالي دون الوضع في الإعتبار من يراقبه من الخلف، على المناضل (المكشوف أمنيا) أن لا يكترث للمراقبة والمضايقة ، وعليه أيضا أن لا يفتعل أي مشكلة مع أتيام المراقبة حتى لو جنحوا نحو ذلك*. 
*
على المناضل القيام بواجباته النضالية ضمن كل الظروف وأن يترك للأجهزة الأمنية أن تتخذ ما تراه مناسبا.*

*من جانب آخر ننبه لأهمية تنسيق الجهد المطلوب للأحزاب السياسية والمنظمات الديمقراطية والحقوقية والأفراد لتكثيف العمل للحد من هذه الممارسات البغيضة التي تنتهك الحريات الفردية وحياة الأفراد في المجتمع…*