عام من الحرب.. انتهاكات وآثار كارثية دون ضغوط دولية كافية

ندوة في كمبالا -أبريل 2024- راديو دبنقا

كمبالا: 15 ابريل2024: راديو دبنقا
تقرير: عبد المنعم مادبو

أكد المشاركون في منتدى التداعيات الإنسانية والسياسية للحرب في السودان التي نظمته المنظمة الأفريقية للعدالة والتنمية، بالعاصمة الأوغندية كمبالا اليوم الاثنين، أن الشباب السوداني اكثر شرائح المجتمع تأثراً بالحرب التي مضى عليها عام كامل، من خلال محاولات تصديهم لآثار الحرب إضافة إلى أن شريحة الشباب تعد وقود الحرب الجارية الآن.

وقالت دكتورة ميسون عبد الله التي قدمت ورقة حول تأثير حرب 15 أبريل على الأوضاع الإنسانية وحقوق الإنسان إن الحرب أدت إلى فقدان الشعب السوداني لكافة حقوقه المكفولة بموجب القانون الدولي، وذكرت انه في الجانب الصحي توقفت 80% من المستشفيات وما يعمل الآن يقوم عليه شباب من مبادرات غرف الطوارئ.

أكملت الحرب التي اندلعت بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع عامها الأول وقد خلفت دماراً كبيراً في جميع المجالات في البلاد، وأدت إلى مقتل نحو 15 ألف من المدنيين إضافة إلى نزوح ولجوء نحو 9 ملايين من مناطقهم.

وذكرت أن البلاد الآن لا توجد بها أدوية لتلبية الوضع الصحي، وقالت حتى التي تأتي من الخارج تباع بأسعار باهظة ويوجد فساد كبير يصاحب علمية توزيعها، إضافة إلى الصعوبات والتعقيدات التي يفرضها طرفا الحرب في إدخالها إلى البلاد، وأضافت: “الجيش والدعم السريع يصادرون الأدوية بحجة أنها أدخلت للطرف الآخر.”

تفشي الأوبئة
وأشارت دكتورة ميسون إلى أن انهيار الوضع الصحي في البلاد وانتشار الجثث في على نطاق واسع أدى إلى تفشي الأوبئة في عدد من المناطق مثل حمى الضنك، بجانب ان انتشار الجثث أدى إلى ظهور حالات لمرض السعر لدى الكلاب الضالة، وأظهرت مقاطع فيديو في الأيام الماضية كلاباً تأكل من الجثث المنتشرة في عدة مناطق في الخرطوم. وأوضحت أن انتشار الجثث وتحللها تسبب في تلوث مياه الشرب، إضافة إلى إن هناك مناطق ليست بها مياه صالحة للشرب، وأخرى لا توجد بها منظمات توفر مواد لتنقية المياه.

عقبات أمام الإغاثة
خلفت الحرب أوضاعا مأساوية ونقصاً حاداً في الغذاء بالبلاد، لكن رغم ذلك فأن طرفي الحرب يعرقلان وصول المساعدات والمواد الغذائية إلى المناطق التي تعاني من نقص الغذاء، وأشارت دكتورة ميسون إلى إن إيصال المواد الغذائية يواجه عقبات وصعوبات بجانب الرسوم الباهظة المفروضة على المواد الغذائية التي تأتي عبر الشمال من دولة مصر، ومن الشرق إلى بورتسودان إضافة إلى طرق أثيوبيا وتشاد، وحذرت في الوقت نفسه من أن تؤثر الانتخابات التي ستجري في دولة جنوب السودان في الأشهر المقبلة على تدفق المساعدات والمواد الغذائية إلى السودان، وقالت التوقعات بحدوث توترات بسبب انتخابات دولة جنوب السودان بدأت تشكل هاجساً كبيراً لسكان المناطق المتاخمة لدولة جنوب السودان، ونبهت إلى ضرورة ان  تضع المنظمات الإنسانية خططاً بديلةً للتعامل مع الوضع الذي يمكن ان تفرزه الانتخابات في جنوب السودان.

ونوهت دكتورة ميسون إلى أن كل البلاد تواجه معاناة في الحصول على الغذاء، وأضافت حتى المناطق الآمنة جزئياً لديها مشاكل كثيرة، فضلاً عن أنها تشهد تكدساً للنازحين في المرافق الحكومية او لدى المجتمعات المستضيفة لكنهم لا تصلهم اي مساعدات بسبب ضعف استجابة المنظمات الإنسانية في ظل عدم وجود مصادر دخل للأسر.

استمرار الانتهاكات
وأشار المشاركون في المنتدى إلى أن حجم الانتهاكات التي ترتكب في جميع أنحاء البلاد خلال هذا العام من الحرب وذكروا أن هذه الانتهاكات تسببت في مشاكل نفسية وصدمات لدى قطاع واسع من السودانيين، ونبه عبد العظيم مصطفى الذي قدم ورقة تأثير الحرب على الشباب إلى أن الانتهاكات التي يرتكبها  طرفا الحرب لا زالت مستمرة، إلا المجتمع الدولي لا يضغط على الطرفين لإيقافها، ونبه إلى أن تلك الانتهاكات ظلت تستهدف حتى الشباب المتطوعين في مناطق سيطرة الأطراف، الأمر الذي أدى لتشريد عدد كبير من المتطوعين، بينما هناك متطوعون محتجزين للآن في مناطق غير معلومة.

وضع اللاجئين
أدت الحرب إلى تشريد 8.9 مليون سوداني ما بين لاجئين في دول الجوار ونازحين في المناطق التي لا تشهد اشتباكات بين الطرفين، لكن بحسب ميسون عبد الله فإن اللاجئين الآن في دول الجوار يقيمون في مخيمات لا تليق بالإنسانية، حيث لا توجد حتى الخدمات الأساسية مثل العيادات والمدارس ومياه الشرب، وأشارت إلى أن اللاجئين يلاحقون بالانتهاكات في الطرقات أثناء فرارهم من جحيم الحرب، وأشارت إلى أنها قابلت عدد من الضحايا من بينهن امرأة ثلاثينية فقدت طفلها الذي أنجبته في المخيم بسبب انه يعاني من حالة مرضية تستدعي إجراء عملية جراحية وهي لا تملك تكاليف العملية، بجانب أخرى تعرضت لاعتداء جنسي أثناء فرارها من منطقتها”، وقالت: فوق ذلك فإن الإغاثة والمساعدات الإنسانية في المخيمات غير كافية بسبب ضعف استجابة المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولية والبيروقراطية المصاحبة لإجراءاتها.

ومنذ مايو الماضي بادرت المملكة العربية والسعودية والولايات المتحدة الأمريكية في إطلاق مبادرة منبر جدة لإيجاد حلاً للازمة السودانية لكنها لم تفلح في ذلك رغم الجهود الكبير التي تبذل، كما أنهى المبعوث الذي تم تعيينه في فبراير الماضي توم بيريللو جولات مكوكية شملت عدة عواصم لأجل الجلوس مع السودانيين لبلورة فكرة لحل الصراع، وكان من المقرر أن تنعقد مجدداً مفاوضات منبر جدة في 18 أبريل الجاري لكن اعلن المبعوث الأمريكي انها تم تأجيلها مرة أخرى لترتيبات تخص الجانب السعودي.