د. محمد عبد الحميد: أسرة المهدي ممنوع الإقتراب والتصوير ..

أثار التسجيل المصور لمريم المنصورة بنت الصادق المهدي مع بعض الثوار وهم يتحاورون معها في شأن عام يخص موقف والدها من مليونية 30 يونيو غضب…

الصادق المهدي وابنته مريم وابنه بشرى(ارشيف)

بقلم: د. محمد عبد الحميد

أثار التسجيل المصور لمريم المنصورة بنت الصادق المهدي مع بعض الثوار وهم يتحاورون معها في شأن عام يخص موقف والدها من مليونية 30 يونيو غضب بعض منسوبي حزب الأمة، وقد دبج أحدهم مقالا بلغة صاخبة تعبر عن انفعال عاطفي لشخص أبسط ما يمكن أن يوصف به انه Velnerable وهي صفة تنطبق علي الانسان شديد الحساسية للنقد لا يطيقه ولا يتقبله ، بل ولا يسمع له. والأشخاص من هذه الشاكلة يكونون عادة من ذوي الولاء المطلق للسادة يجلونهم ويعظمونهم ولا يرضون أي نوع من الحديث عنهم بأي نوع من النقد ، وقد ينطبق ذلك علي الجماعات الدينية حيث تحف القائد قداسة من نوع خاص يراه أتباعه فوق النقد ، ويرون كل من " يتطاول " عليه بالنقد بأنه مارق عن الملة وذو ميول شاذ قد تورده سؤ مظنته في القائد الديني موارد التهلكة والهلاك. فمن سؤ طالع من يدافعون عن آل المهدي أن سادتهم قد اختاروا أن يكونوا قادة سياسيين وأئمة دينيين في نفس الوقت ، وهذا من شأنه أن يفتح بابا للنقد واسعا أمام كل من يشتغل بالهموم السياسية العامة أن يوجه النقد للإمام الديني طالما أصبح لديه موقف سياسي يختلف معه البشر أو يتفقون دون أن تحصنه قداسته من سهام النقد، فالناس تفهم الموقف السياسي في إطاره السياسي ولا يخصها مكانة الإمام الدينية بل ولا تكترث لها.
فبالرجوع لذلك الموقف مع مريم الصادق وهو في الأصل منظر يذكر بالدراما الهندية حيث يظهر الاقطاعي راكبا سيارته الفارهة وحوله الفلاحون الغلابة الذين يحتجون علي سؤ أوضاعهم في ملكوته ، ثم يأتي بعد أن تنصرف سيارته من عُصبته من يحمل العصا ويعمل بها تهديدا ووعيدا في اؤلئك الغلابة ، وهذا ما كان من شأن صاحب المقال المتشنج ولكن بفارق واحد وهو أن صاحب المقال يظهر كحامل لدرجة الدكتوراة ليصف من خلف سطوة ذلك اللقب العلمي الرفيع مَن تناقش مع مريم المنصورة بأنهم:( غوغاء اليسار ناعقي الصراخ رعاع البشر ) كل هذا الهياج اللفظي الحاد منبعه أنهم قالوا لمريم تلك المنصورة أن أباها الإمام يتخذ مواقف رمادية من الثورة. وأنه أي الإمام قد رفض رفضا قاطعا في مؤتمر صحفي مشهود ومنقول أنه ليس مع موكب مليونية 30 يونيو ، وهو ذات الموقف الذي أحرج حلفاءه في قوي الحرية والتغيير عندما كانوا يُسألون عن موقف حليفهم ( المهدي) المناهض للمليونية، فيلوذوا بلغة سياسية دبلوماسية فحواها ( أن للرجل تقديراته الخاصة). وهذا تبرير يدرك أصحابه قبل الآخرين انه فارغ من أي محتوي ولكنه مشحون بدوافع الحفاظ علي التحالف وعدم شق الصف. وطالما الشيء بالشيئ يُذكر فإن موقف المهدي من تلك المليونية نابع من نرجسية سياسية أذهلت كل المتابعين، وقد ذكر بأنه يؤيد المليونية إذا كانت تريد الخروج لإدانة ما حدث يوم 30 يونيو من العام 1989م أما ماعدا ذلك فهو يراه تصعيداً لا قيمة له وهو ضده ، و النرجسية هنا تنبع من كون أن ذلك الحدث المشؤوم قد مرت عليه 30 / 30 يونيو أي بلغة الحساب 30 عاماً ، لم يفتح الله علي الإمام بدعوة للناس أن يخرجوا في مليونية تدين اغتصاب السلطة منه. فكل ما فعله كان في مجمله أفعال لا تدل إلا عن عجز مفضوح ليست بها رافعة إلا ثبوت النون في (تهتدون وتفلحون ) و ما تبعها من مشاوير في مطاردة سرابية في جيبوتي قال عنها (أنه ذهب يصطاد أرنبا فإذا به يصطاد فيلاً ) ، وما ظهر في نهاية المطاف أنه لا أرنبا اصطاد و لا فيلاً طعن في ظله. فقد أدخل إبنه في قصر المغتصب مستشاراً وهو ذات القصر الذي دخلته مريم المنصورة محمولة علي أعناق الثوار حيث داست علي ذات السجاجيد التي داس عليها أخوها من قبل مفاوضة لا مُروَضّة وكل ذلك بفعل الثورة المجيدة. والثورة في الأصل هي تصعيد لبلوغ غاية لا ميدان يعلب فيه كبير القوم دور الحكيم ، فالثوار الذين التقوا مريم المنصورة وهي في فارهتها لم يكونوا غوغاء كما وصفهم الدكتور المنفعل، وإنما مشفقين علي مصير ثورة من أسرة تتقاسم الأدوار بعناية كأنما علي رؤوس الثوار ريشة تشي بالبلاهة والخبالة. أو كأن هذه الأسرة الدينية السياسية عندما يستوجب نقدها النقد تصبح منطقة محرمة لا يجب علي الثوار الإقتراب منها أو التصوير.