د. حامد التجاني: يجب مصادرة كل أملاك الدعم السريع ومن شارك في إشعال الحرب من الساسة

الدكتور حامد التجاني علي الخبير الإقتصادي - المصدر من صفحته على الفيسبوك

الدوحة – 14 يناير 2024: راديو دبنقا

اجري الحوار : محمد سليمان

*حرب الخامس عشر من أبريل أدت الي تدمير البنية الإقتصادية والمرافق الحيوية وتحتاج لجهود كبيرة لإصلاحها ما هو تقيمك؟

ما كان لهذه الحرب أن تحدث في السودان لولا قصر نظر الساسة الذين أداروا الفترة الإنتقالية بكل فشل، وأطماع “مليشيا الدعم السريع” والحاضنة السياسية والقوي الإقليمية المساندة كان هدفهم السيطرة على الدولة السودانية، وإحلال الشعب السوداني بشعب آخر وتدمير البنيات الاقتصادية وإفقاره، وهذه كانت من السياسات الموجودة والواضحة، والآن التدمير الذي تم للبنية التحتية والاعتداء المباشر على أرواح وممتلكات المواطنين من قبل “المليشيا” كانت سياسة مدروسة وممنهجة.
 ولترويض الشعب السوداني كان لابد من إفقاره كما حدث في دارفور والقوة الحية لدارفور موجودة الآن في معسكرات النزوح واللجوء وفي فقر وإرادتهم إصبحت مختطفة، وبهذه الطريقة يحاولون اختطاف إرادة الشعب السوداني ويتم طردهم إلى داخل المدن وخارج البلاد، حتي يصبح السودان خالي لهم وهذه سياسة إحلال وإبدال وإفقار.

أما الدمار الذي حدث في السودان فإننا نحتاج إلى عشرين عاماً حتي نعود إلى ما كنا عليه قبل الحرب، البنية الاقتصادية وقطاع البنوك والتعليم والقطاع الصحي والمستشفيات تم تدمريها وتكاد تكون المؤسسات الحيوية التابعة للدولة، التي تؤثر على حياة المواطن تكاد تكون قد دُمرت  بفضل أن الساسة لديهم قصر نظر، ولأن الموجودين في الساحة السياسية لا يستحقون أن يحكموا الشعب السوداني العظيم والشعب السوداني لا يستحق هؤلاء.

كم خسر السودان جراء تدمير المرافق الإقتصادية والحيوية؟*

هناك تدمير للثروة وافتكر أن التدمير الذي تم لثروة السودان ولأصول الدولة وللقطاعات الانتاجية والسرقات التي تمت لا تقل عن 120 مليار دولار، وتحتاج إلى دارسات دقيقة جداً وتقييم دقيق وهذا ما يعادل ميزانية 12 عاماً. وهو مبلغ ضخم وإذا صرف في التنمية لتغير وضع السودان. السياسة في السودان أصبحت عامل هدم وليس عاما بناء وأي إتجاه لتقليل الاحتكاك السياسي العنيف هو مطلوب، ولابد للدولة أن تدار بأسس علمية وتكنقراط وفنيين وسيساعد ذلك في حل مشاكل البلاد لكن ترك البلاد لهؤلاء الساسة الموجودين في الساحة السياسية لا يرجي منهم خير بالنسبة للسودان.

  * كيف يتعافي السودان في ظل هذا الدمار والخسائر الكبيرة في الموارد المادية والبشرية؟:

أولاً الشعب السوداني الـ 98% التي تضررت مصالحه الآن بدأ يدافع عن نفسه وبدأ الآن يحرك تعبئة شعبية وقوي شعبية وحشد شعبي، ونريد من الحشد الشعبي أن يخرج ببرنامج سياسي، قتصادي، اجتماعي وبرنامج للمصالحات وهذا يتأتي عندما يتم تكوين أنفسهم بطريقة طبيعية، وأن يتجردوا من الحزبية وأن يكونوا سودانيين لمصلحة السودان ويخرج منهم برنامج وقيادات، همها الأول هو إعادة البناء لأن مشكلة السودان الأساسية هي مشكلة فقر. ويتحدثون عن العدالة وتوزيع الثروات والمشكلة أنه لا يوجد انتاج “تنتج ثم توزع ” لتكون التنمية متوازنة، كذلك لابد للأقاليم أن تحاول أن تبحث عن معادلة ليكون السودان ستة أقاليم في إطار النظام الفدرالي، والتقليل من الصرف الإداري وإخراج القبيلة من المعادلة السياسية، وتجريم استخدام القبيلة في العمل السياسي وبناء مشروع تنموي للسودان عبر نظم عادلة لتوزيع الثروة لكل السودان، وفق معادلات علمية لنخرج من تقديراتنا وأهوائنا الذاتية.

 الآن ومع الثورة المعلوماتيه يمكن أن نعمل هذه المعادلات عبر الذكاء الإصطناعي، ليخرج لنا نسبة كل إقليم من الموارد واحتياجاته بلا تدخل العنصر البشري لتحريف العملية. ولدينا قوة بشرية هائلة جداً ومدربة وموجودة في السودان ودول العالم وتنتج، إذا توفر إستقرار في الدولة، بمكن أن تعود هذه القوى وتساعد في تنمية البلد، ونركز على أشياء مهمة أهمها لابد من بناء الأنسان السوداني كأولى الأولويات، لأنه الآن الناس يعانون من أمراض نفسية وصحية وفقر، والمدارس التي دمرت فلابد من البدء بالقطاعات الصحية وقطاعات التعليم، ومصادرة كل أموال وأملاك الدعم السريع وكل من شارك في إشعال هذه الفتنة ويوزع للشعب السوداني كتعويض، كذلك القوي السياسية التي تورطت في الانتهاكات أن تصادر أملاكهم وتؤول الي الشعب السوداني، نحن في حاجة  إلى إجراءات صارمة لمصلحة الإنسان السوداني. وتجريم الرشاوي السياسية لأن معظم النخب الآن التي تنشط في الساحة السياسية تؤثر عليهم بعض الدول وتصرف عليهم و تدفع لهم المرتبات ويتم تحريضهم وهم ينفذون ما يملى عليهم،  أفتكر لابد من وضع حد نهائي لذلك.
مصلحة الإنسان السوداني في الداخل يستطيع عن يخلق قيادات نزيهة تضع برنامج اقتصادي، سياسي واجتماعي لنهضة البلد، وننتهي من مشكلة القبلية والعنصرية الموجودة في السودان، لابد من إنهائها ولا نريد سياسيين يتكلمون بالعنصرية والقبلية والجهوية لبناء مجد سياسي على حساب الشعب السوداني.

  * بعد نهب البنوك والسرقات.. الدولة إتجهت لوضع حل للمشكلة بطباعة عملة جديدة هل هذا الإجراء يساعد على حل المشكلة

هذا إجراء مسكِّن لأن لديك مشكلة عميقة، على سبيل المثال أنت لديك صداع ومصاب بالسرطان وتأخذ علاج الصداع للتخفيف لكنه لا يعالج المشكلة.

 الإجراء عندما يكون هناك إستقرار والوضع آمن يمكن تغير فئات العملة بفئات جديدة وتدمر الفئات القديمة، والذين سرقوا الأموال فهناك إجراء تبديل العملة وهذا يحتاج إلى تحقيق لمن يريد أن يستبدل العملة، لأنه لا يمكن أن يكون لمواطن سجله التجاري كان لا يملك شيئاً ويأتي بمليارات، ويقول يريد أن يستبدل أمواله فهذا مشكوك فيه، الجانب الآخر إذا كانت هناك طريقة فلابد من عمل عملة الكترونية، أفضل من العملة الورقية في هذه الحرب بالذات من المفترض الذهاب نحو العملة الإلكترونية. صحيح في بعض الأماكن توجد صعوبة للعملة الإلكترونية، لأنه لا يوجد شبكات وغيره ولكن الإتجاه الأفضل والأمثل أن السودان يتجه نحو العملة الإلكترونية، في فترة الحرب حتي لا تكون هناك أموال موجودة في مكان وحتي لا يأخذ الناس أوراق. الشيئ الآخر إذا كانت هناك طباعة فلابد من طباعة الفئات الصغيرة، حتي إذا حدثت سرقة وسطوا في مكان ما فتكون الأموال كثيرة ولكن قيمتها قليلة فشحنها يتطلب إمكانيات لنقلها. لذلك لابد أن يكون الإتجاه نحو العملة الإلكترونية هو الخيار الأمثل وحتي مع حالات النزوح وغيرها يتم التحويل على الموبايل فهذا أفضل خيار.

  *هناك بعض الولايات كولايات دارفور وبعض المناطق في السودان لا توجد بها شبكات فكيف يتم ذلك وهذا سوف يخلق تحديات جديدة؟

يمكن أن تعمل الأتي في المناطق التي توجد بها شبكة إتصالات تتداول فيها العملة الإلكترونية، وفي المناطق التي تعاني من انقطاع شبكة الإتصال أو لا يوجد بها فإنه يتم التداول بالعملة الورقية، لكن إذا وجدت طريقة لتبديل هذه العملات بفئات أخري لأن العملات المتداولة الآن اتضح أن المليشيا سرقت الأموال من البنوك، وهناك عملات لم تدخل التسلسل الرقمي لعملات البنك المركزي وهناك عملات ذهبت إلى مناطق لم يتم تقطيعها، وحاولوا أن يضعوا لها أرقام وهذه أفسدت حتي قيمة العملة لانها أصبحت عملة مشبوهة، فلذلك يمكن أن تعمل مرحلة انتقال بالتداول بالإلكتروني والورقي والبنوك كذلك إستطاعت أن تضبط الأمور بالتحويل الإلكتروني لبعض الناس.

 الحل أن يستعد الشعب السوداني ويجهز نفسه عندها ستصبح هذه المليشيات قطرة في وسط المحيط، وغالبية الشعب السوداني عازم على حل المشكلة ولابد من مواجهة هذا الرعب الموجود برعب آخر، حتي يكون هنالك توازن قوة. لكن الإستسلام وإنتظار أن يأتي الحل من المليشيا فهذا بالاتفاق مع أي طرف حل غير متوقع، فلابد من هزيمتهم وإخراجهم من المناطق الحيوية لاعادة الحياة بطريقة تدريجية، والدولة بنفس القدر تقوم بتقديم الخدمات البنكية والمصرفية في كل مكان يكون فيها استقرار أفضل، والناس تكيف حياتها مع الواقع وأغلبية الشعب السوداني معتمدين على المغتربين في الخارج، لأن السودانيين تكاد تكون مدخراتهم قد انتهت والطبقة الوسطي تكاد تكون انتهت، لأنه لا يمكن أن تكون الطبقة الوسطي متماسكة لمدة أكثر من ستة شهور، بدون عمل والناس معتمدين على التحويلات من الخارج.
لذلك لا يمكن أن تستمر هذه الاحوال بنفس هذه الطريقة ولابد للناس من إتخاذ موقف، وإذا اكتملت تجهيزات الشعب السوداني يستطيعوا تنظيف المليشيا من المناطق الحيوية، حتي تخرج من البلد ولا يمكن للناس أن ينتظروا ستة أو سبعة شهور فلابد من هزيمة المليشيا وحلفائها والحاضنة السياسية، بأسرع وقت وهذا يعتمد على تجهيزات الشعب السوداني وبيده لا بيد الآخرين.

* هل هزيمة المليشا كما ذكرت يمثل الحل سواء للأزمة الاقتصادية أوخلافه ؟

الحل هو لابد من هزيمة المليشيا وحلفائها وبعدها نستطيع أن نخطط لأن الاقتصاد والمال بطبيعة الحال “جبان”،لا يتعايش مع الطلقة مثل الطيور في مكان به رصاص وضرب لا ينمو ولا يكون هناك اقتصاد حي، ولا يمكن أن يأتي مستثمر في تلك البلاد.
 لذلك لابد من حسم هذه الحرب وبأسرع الطرق وعلى الشعب السوداني الذي يملك المال عليه تقديم ماله، والذي يستطيع حمل السلاح فعليه حمل السلاح للقضاء على المليشيا، لأنها سرطان في جسد الشعب السوداني ونهبت أمواله والمدخرات التي تملكها المليشيا لابد من مصادرتها، وتعويض الشعب السوداني كما ذكرت آنفاً، والحاضنة السياسية لابد من أن تدفع القيمة السياسية والجنائية لمساندتها للمليشيا، وتقديمهم لمحاكمات داخل السودان حتي لا يتطاول أي سياسي للعب بأرواح الشعب السوداني، وإشعال الحرب ويكون ذلك عظة وعبرة لهم وللسياسين القادمين لحكم السودان، حتي لا يشعلوا الحرب مرة أخري في السودان.

  *كلمة أخيرة و”كروشتة” للخروج من هذه الحرب ومن الأزمة الإقتصادية وهذا الدمار بطريقة علمية وإقتصادية؟

كما ذكرت لابد من وضع حد لهذه الحرب بأجندة السودانيين بدون إملاءات خارجية، وخاصة منظمومة دول الإقليم، التي لديها أطماع في السودان والسودانيون يدركوا أن بلدهم به موارد وإمكانيات، لذلك كانوا يريدون اختطاف هذا البلد والمليشيا كانت واحدة من الأدوات.
الآن الشعب السوداني إستطاع أن يسترد جزء من عافيته وتمكن من معرفة عدوه الحقيقي والآن يستعد لمواجهته. الأمر الثاني حين تبدأ الهزيمة ظاهرة على العدو تكون هناك ترتيبات سياسية ودبلوماسية، ومفروض أن يخرج الآن من الحشد الشعبي قوى سياسية تطوف على دول الإقليم ودول الجوار، وتقدم “منفستو” الحل السوداني الداخلي.
الشئ الثالث على النخب السودانية التي لديها الإمكانيات والقدرات أن تساهم في بناء البلاد، لأن لديها دور حقيقي في فترة ما بعد الحرب، والتكنقراط دورهم بناء الإقتصاد ووضع خطط عن إعمار ما دمرته الحرب وترميم علاقات السودان مع المجتمع الدولي، ويستأنفوا علاقاتهم مع المؤسسات الدولية بنفس الطريقة التي بدأ بها الدكتور ابراهيم البدوي فيما سبق، لكن  بفضل هؤلاء الساسة الفاشلين لم يكمل برنامجه وخرج.

 لذلك لابد من التفكير بطريقة علمية في بناء الدولة والانتاج وتوزيع الموارد. ولا نريد سياسيين مرتزقة، يعيشون على الدول وعلى السياسة. وأن لا يدخل لمعترك السياسة ويضخم ثروته، كما حدث لبعض السياسيين في الفترة الانتقالية، كانوا لايملكون شيئاً كانوا مجرد موظفين في المنظمات، لذلك لابد للشعب السوداني أن يدخل في الساحة السياسية والعسكرية ويفرض أجندته، وليس أجندة أحزاب أو قوى خارجية إصطفت ضد إرادة الشعب السوداني. والشعب السوداني لابد أن ينتفض في ثورة لأن المليشيا في رمقها الأخير ولا يستطيعون وحلفائهم أن يفعلوا شيئاً، لاأن إرادة الشعب السوداني أقوي، ومتفائلين بأن هذه الحرب سوف تنتهي قريباً ويتمكن اللاجئين والنازحين من العودة الي منازلهم ومزارعهم، ولابد ان تتم بسرعة حتي لا تتطاول لأن هنالك لاجئين لديهم عشرون عاماً في المعسكرات ولم يعودوا حتي الآن. فالساسة الذين صعنوا الأزمة لا يمكن أن يحلوها.