د. اديب: لا قيمة للحديث عن أية حقوق دون احترام حق الحياة

كمبالا: 20مارس2024: راديو دبنقا

تقرير: عبد المنعم مادبو

أكد دكتور اديب عبد الرحمن المختص في فض النزاعات، والي وسط دارفور السابق، ان الحصول على المساعدات يوفر الحق في الغذاء وبالتالي الحق في الحياة، وأضاف “لأنه اذا انتفى الحق في الحياة تصبح بقية الحقوق، المدنية والسياسية والاجتماعية، التي نص عليها القانون الدولي الانساني لا قيمة لها. وأكد اديب ان الحق في الحياة مرتبط بالأكل، المعيشة، الصحة، والحماية وهذه كلها مرتبطة بالمساعدات الإنسانية في المناطق التي تشهد نزاعات مثل السودان.

واشار دكتور أديب، الذي ظل يعمل في تقديم المساعدات منذ اندلاع الحربـ أن الواقع على الأرض في غاية السوء، ويزداد سوء يوما بعد يوم، وقال ان سوء الحال في معسكرات النزوح والمدن ومجتمعات الرحل هذه حقائق مجردة، والذي تتحدث عنه المنظمات الحقوقية من واقع آخر، والكلام الذي يصدر من مجلس الأمن من واقع مختلف.

ودعا اديب إلى أن يرفع المواطنون المحتاجون للمساعدات والمتضررين من هذا الوضع صوتهم للمطالبة باحتياجاتهم، لأن غالب المساعدات تدخل إلى السودان بواسطة المنظمات الدولية والامم المتحدة لكن هناك تعقيدات أخرى تعيق وصولها للمستهدفين.

واضاف “لذلك لابد ان يعلي المتضررين صوتهم للمطالبة بحقوقهم من الجهة المسيطرة على المناطق التي يعيشون فيها، سواء ان كان الجيش او الدعم السريع”

وأبدى اديب اسفه لهذا الوضع وقال في الحرب الأوكرانية توجد ممرات آمنة واحترام لوقف اطلاق النار للأغراض الانسانية، لكن هذا الامر غير موجود في السودان، رغم ان تلك حرب بين دولتين وهنا في السودان حرب بين طرفين من شعب واحد في دولة واحدة.

عراقيل وصعوبات تواجه نقل الغذاء

وتشكو المنظمات الانسانية منذ اندلاع الحرب في السودان من صعوبات تواجهها في سبيل ايصال المساعدات الانسانية إلى المواطنين السودانيين بسبب عقبات تضعها الحكومة السودانية، التي سمحت في مطلع مارس الجاري بتحديد معابر “الرنك في جنوب السودان، والطينة في تشاد، اضافة إلى الخط البري الرابط بين بورتسودان وعطبرة ومليط والفاشر، ومن مصر عبر طريق البحر الأحمر بورتسودان، ومعبر وادي حلفا دنقلا، إلى مطارات الفاشر والابيض وكادوقلي.

شدد دكتور اديب على ان هناك ادوار يجب ان تلعبها منظمات المجتمع المدني في السودان وهي التنوير بخطورة الوضع الانساني في السودان، ومناصرة قضية ايصال المساعدات، بان يتحدثوا مع الاطراف والممولين باستمرار لتوضيح الوضع الانساني وما يمكن سيحدث اذا تفاقم الوضع، عليهم أن يأتوا بالمتضررين ليحكوا عن اوضاعهم، وقال انه على يقين بان هناك معلومات مهمة عن الوضع الانساني غائبة عن الأطراف. وشكك اديب، في الوقت نفسه، في جاهزية المجتمع الدولي لتقديم المساعدات وقال “الكلام عن ان العالم جاهز لتقديم المساعدات هذا يحتاج إلى مراجعة لأنه هناك كثير من المنظمات الدولية ووكالات الامم المتحدة تقول انها ليس لديها المال الكافي.

وأضاف “عندما نتكلم عن سوء تغذية في شهري فبراير ومارس هذا أمر خطير، ولدينا احصائيات عن حالات سوء التغذية في مناطق مختلفة في دارفور وهي مؤشر لنقص الغذاء يمكن يقود للمجاعة، لذلك من الضرورة ايصال المساعدات الانسانية والتزام المجتمع الدولي بالبرتوكولات الانسانية.

مناطق منسية

اشار دكتور اديب إلى ان الاوضاع الإنسانية في دارفور مختلفة عن بقية الأوضاع في السودان وأكثر سوءً، لأن دارفور كان يعيش فيها 2,7 مليون نازح قبل حرب ابريل 2023 ومن ثم جاء النزوح الجديد، لذلك فان دارفور استثناء في وضع استثنائي. هناك ضرورة ملحة لوصول المساعدات الإنسانية اليها فهي الأكثر حاجة لأنها الأكثر تضررا بالحروب مقارنة ببقية ولايات السودان وهناك مناطق منسية تماما مثل “بندسي ومكجر” لا يتكلمون عنها وتتم المقارنات بمناطق اخرى.

 واضاف: اذا افترضنا ان دارفور فيها صراع يعيق احياناً دخول المساعدات، ماذا عن كردفان التي لا يتحدث عنها احد وهي تعاني من وضع انساني متردي ومسكوت عنه، خاصة غرب وشمال كردفان.

واوضح ان السودانيين في الولايات التي نزحوا اليها كذلك يعيشون مشاكل انسانية كبيرة، فهم يقيمون في مدارس ومراكز ايواء، لا تصلح للسكن، وتابع “انا ارى لا يوجد ما يمنع ان يكون للنازحين والنازحات خيم محترمة مثل التي وزعت للنازحين واللاجئين السوريين بدل السكن المدارس والمؤسسات كل 10 أشخاص في فصل، واصفاً هذا الوضع بأنه غير اللائق، وهذا يعني ان حتى النازحين إلى الولايات ما لا يجدون مساعدات.

اللاجئون السودانيون

وقال دكتور اديب انه زار كل الدول التي لجأ اليها السودانيون عدا ليبيا، ووجد كذلك ان اللاجئين السودانيين في تلك الدول لا يهتم بهم احد ولا يجدون اي معونات، ورأى ان العالم غير جاهز لمساعدة السودانيين او عنده أولويات أخرى، واضاف “لا يمكن ان تقارن الاهتمام بالسودان بما يحدث في غزة مثلا.

وكان مجلس الأمن الدولي قد عقد جلسة صباح أمس الأربعاء، بحث فيها مسألة انعدام الأمن الغذائي في السودان في إطار بند “حماية المدنيين في الصراعات المسلحة”. واستمع المجلس إلى إفادات من منظمة الأغذية والزراعة “الفاو” و مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، برنامج الأغذية العالمي.

كما اصدر مجلس الأمن قد اصدر قراراً قبل شهر رمضان يدعو فيه لإيقاف اطلاق النار بين الطرفين وايصال المساعدات الانسانية للمدنيين، لكن طرفي الحرب لم يلتزما بالقرار وتواصلت معاركهما في الخرطوم والجزيرة والفاشر وكردفان.

مراقبة المساعدات

وحول امكانية ترك عمليات مراقبة ايصال الاغاثة إلى اطراف الصراع كل في منطقة سيطرته يقول دكتور اديب ان هذا الامر غير ممكن بسبب ان المعونات الإنسانية قد تعبر مناطق سيطرة طرفي الحرب في طريقها للمحتاجين، لذلك من الصعوبة، ما لم يحصل وفاق بين الطرفين في عبور المساعدات عبر ممرات آمنة.

وقطع اديب بأن مسألة الممرات الآمنة لا يمكن ان تنفذ إلا بموافقة واتفاق طرفي الحرب، وقال الممرات الآمنة هي موضوع قائم بذاته له قواعد وقوانين وغايات، لذلك مقترح ان يوفر المسيطر ضمانات لإيصال المساعدات غير عملي.

الحلول عبر قواعد فض النزاعات

اشار المختص في فض النزاعات دكتور اديب عبد الرحمن ان إلى هناك وسائل وسبل وآليات وتقنيات خاصة بقواعد فض النزاعات يمكن ان تسهم في اقناع طرفي الحرب بضرورة السماح للمساعدات الانسانية بالوصول إلى المدنيين من بينها “الضمير الانسانية” عبر مخاطبة الانسانية في الطرفين، بأن هذه المساعدات ستذهب لأطفال وعجزة ونساء حوامل وما إلى ذلك، اضافة إلى ضرورة اتخاذ الحياد وعدم التحيز، بحيث يكون العاملين في مجالات توصيل المساعدات محايدين حياداُ كاملاً حتى لا يصنفوا من قبل احد طرفي النزاع، فضلاً عن النزاهة بحيث يكون مشروع المساعدات معروفة غاياته واساسياته علاوة على الاستغلالية والخدمة الطوعية.

وقال ان هذه الآليات يمكن ان تستغل لإقناع الجهات الممانعة لإيصال المساعدات او تلك التي تستغل الاغاثة لتحقيق غايات سياسية. مؤكداً ان هذه الاليات يمكن ان تلعب دوراً في تغيير الوجدان والقرارات الخاصة بإيصال المساعدات.