الخبير الزراعي الدكتور محمد أحمد عمر مغ مراسل راديو دبنقا باديس ابابا الزميل أشرف عبد العزيز - تصوير راديو دبنقا

رفض الحكومة إيصال العون الإنساني للمتضررين في المناطق التي تقع تحت سيطرة الدعم السريع حكم مسبق عليهم بالإعدام…!!

أديس أبابا: الخميس 29 فبراير 2024: راديو دبنقا

أجرى الحوار – أشرف عبد العزيز

رسم الخبير الزراعي والمختص في مجال الأمن الغذائي د. محمد أحمد عمر صورة قاتمة للوضع الزراعي وموقف الأمن الغذائي في السودان، وحذر من خلال لقاء أجراه معه (راديو دبنقا) من مجاعة قادمة في السودان حال فشل حصاد الموسم الشتوي الحالي وعجز الحكومة عن التحضير للموسم الصيفي.

ذكر وزير الزراعة البشرى في تصريحات أن السودان ليست لديه أزمة غذاء والمخزون الاستراتيجي به 3 مليون طن من الذرة؟


تصريح وزير الزراعة غير حقيقي، وسأتحدث بالأرقام لتأكيد صحة ذلك، احتياج السودان للذرة ليضمن الأمن الغذائي حوالي 5 مليون طن، 95% من إنتاج الذرة يأتي من القطاع المطري، الإنتاج لهذا العام قليل جداً، والسبب في ذلك خروج مساحات كبيرة جداً في دارفور، وهذه نقطة مهمة، فولايات دارفور نقطة تمركز لزراعة الذرة، والعجز في الإنتاج هذا العام يفوق 60%، وليست دارفور وحدها هي التي تأثرت بالحرب، فحتى الولايات الآمنة تأثرت نسبة المساحة المزروعة فيها لضعف التمويل والإهمال الحكومي، كذلك لم تدخل استثمارات كبيرة في زراعة الذرة، وهذا الواقع يؤكد عدم صحة حديث الوزير.
أما لو تحدثنا عن استهلاك السودان للدخن فهو يستهلك مليون طن، ومناطق الزراعة الرئيسية في دارفور تأثرت بالحرب وبالتالي هناك شح كبير في الدخن في السودان، حاولنا تعويض المساحات المزروعة التي فقدناها في دارفور، على أن يزرع الدخن في مناطق (جبل موية بسنار) وكسلا، ولكن المساحات التي زرعت ليس ذات أثر.
استهلاك السودان للقمح بفوق ثلاثة ملايين طن، وفاتورة الاستيراد تصل إلى مليار دولار حسب أرقام بنك السودان، الوضع الغذائي في السودان خطير ومحاولات التضليل الحكومي لن تحل الأزمة، الوضع كارثي وعلى الدولة مواجهة شعبها والمجتمع الدولي بأرقام حقيقية، الوضع سيزيد خطورة إذا فقدنا حصاد الموسم الشتوي في الجزيرة وبقية الولايات هذا العام، يبدأ حصاد الموسم الشتوي عملياً بعد أسبوعين أي في 15 مارس، والآن لا توجد حصادات، والأمن غير متوفر، الوضع كارثي جداً فيما يتعلق بالأمن الغذائي.


تتحدث الأمم المتحدة واليونسيف وغيرها من الجهات المهتمة بالوضع الغذائي في السودان عن أرقام مخيفة فيما يتعلق بنقص الغذاء هل هذه الأرقام مضخمة أم حقيقية؟


الأرقام حقيقية، نحن في منصة السودان للزراعة والأمن الزراعي والممثل فيها كل المختصين في مجال الأمن الغذائي نتفق مع هذه المؤشرات. لتبسيط الحقائق للمواطن دعنا نضرب مثالاً بمشروع الجزيرة، السودان يحتاج 3 مليون طن قمح سنوياً، يستورد حوالي 70 % من احتياجه للقمح، أما 30% فهي نتج محلياً، ومشروع الجزيرة ينتج حوالي 60% من الإنتاج المحلي. يقع مشروع الجزيرة الآن تحت سيطرة الدعم السريع، ويحتاج كل 1000 فدان لحاصدة ولن يستطيع الدعم السريع استجلاب الحاصدات من مناطق سيطرة الجيش (ميناء بورتسودان)، و لن يستطيع المزارعون القيام بذلك أيضاً. ليست هناك طرق آمنة لوصول الحاصدات أو حتى الوقود الذي تعمل به، كذلك (الخيش) أيضاً يأتي من بورتسودان، وبالتالي الدعم السريع لن يستطيع حصاد الموسم الشتوي ولا الحكومة لها المقدرة في الدخول للإشراف على عمليات الحصاد.


في المقابل من الواضح أن الفترة من شهر يوليو حتى أكتوبر ستكون عصيبة وهي التي ستحدث فيها المجاعة في عموم السودان.
لماذا؟


-لأن في تلك الفترة مفترض أن يقوم المزارعون بالتحضير للموسم الصيفي، والتحضير للموسم الصيفي يعتمد على التمويل وبسبب الحرب هذا من الصعب بمكان، وفشل الموسم الصيفي يعني الفشل في إنتاج الذرة والدخن، يضاف إلى ذلك فشل الموسم الشتوي والذي يعني فشل حصاد القمح وبالتالي زيادة فاتورة الاستيراد لأكثر من مليار دولار والحكومة ليست لديها المقدرة في دفع فواتير الغذاء أو تمويل الموسم الزراعي، وكل هذه الأسباب تؤكد أن البلاد تسير نحو المجاعة.


الحكومة أيضاً رفضت إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين في مناطق سيطرة الدعم السريع ما أثر ذلك عليهم؟

  • هذا حكم بالإعدام على كل المناطق التي تحتاج لعون إنساني، وسيفاقم شح الغذاء في كل مناطق السودان، والمجاعة في هذه الحالة في ستبدأ من الجزيرة ودارفور وهي المناطق التي يسيطر عليها الدعم السريع، وتاريخ المجاعات في السودان مرتبط بالحروب، ونحن متجهون وفقا كل المؤشرات لمجاعة غير مسبوقة تفوق كل المجاعات السابقة فبالضرورة يجب أن تعدل الحكومة من موقفها ويجب أن يكون هناك ضغط شعبي والمنظمات الدولية أيضاً لن تتفرج حتى يحكم على الشعب السوداني بالإعدام.
  • قطع الاتصالات ومدى تأثيره على إيصال المؤن للمتضررين؟
  • نحن على تواصل مع الأفراد والمنظمات الذين يصلهم دعم عن طريق (الموبايل بنك) وذلك لتجهيز (وجبات جماعية) عن طريق المطابخ الخيرية المنتشرة، لكن إيصال المساعدات توقف نتيجة قطوعات الاتصال، وحتى الأفراد اللذين يعتمدون على إعانات من ذويهم المقيمين بالخارج عانوا من قطوعات الاتصالات، وهناك تقارير أشارت إلى أن بعض المواطنين أكلوا حتى العلف الحيواني، كذلك قطوعات الاتصالات أثرت على العملية الإنتاجية، أغلب المزارعين في الجزيرة مثلاً في غياب الإدارة يعتمدون على التواصل بشأن المعلومات الفنية عن طريق الاتصالات، وأنا كمستثمر زراعي انقطع الاتصال بيني وبين من يديرون مشروعاتي الزراعية منذ 3 أسابيع، وبالتالي يجب أن لا تدخل الاتصالات ضمن أدوات الصراع لأن المتضرر هو المواطن.