حكومة شعبية بوسط دارفور.. هل تدير الولاية بمعزل عن إملاءات الدعم السريع..؟

ولاية وسط دارفور - خرائط قوقل

زالنجي: الثلاثاء ٩ يناير ٢٠٢٤ : راديو دبنقا

تقرير: عبد المنعم مادبو

الاسبوع المنصرم تم الاعلان عن ما يشبه الحكومة لولاية وسط دارفور أطلق عليها “اللجنة الشعبية لتسيير مهام الولاية” وهي ولاية تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع بعد ان استولت عليها في مطلع نوفمبر الماضي.
اللجنة اسندت رئاستها لمدير عام وزارة التخطيط العمراني في عهد الانقاذ يوسف عبد الكريم ونائبه الأمير عبد الغني هرون اللذين عكفا على اختيار ما يشبه الطاقم الوزاري لحكومة الولاية.

الاختيار والتشكيل

يقول رئيس اللجنة الشعبية يوسف عبد الكريم- في مؤتمر صحفي عقده بمدينة زالنجي لاعلان تشكيل هياكل اللجنة- ان اختياره ونائبه لقيادة اللجنة والعمل المجتمعي والاداري والخدمي بالولاية بواسطة لجنة تحضيرية تضم مكونات المجتمع المدني بوسط دارفور، ولم يشر الى دور لقوات الدعم السريع صاحبة القرار بالولاية.
بينما اوضح محمد رزق الله رئيس اللجنة التحضيرية التي اختارت الرئيس ونائبه ان اللجنة مكونة من الادارة الاهلية للولاية، ورأت ان من واجبها في هذه المرحلة ان تكون للولاية ادارة شعبية مستقلة تدير شئونها وتقدم ما يمكن تقديمه للمواطن، وأضاف: لذلك تحركنا وسط منظمات المجتمع المدني على رأسها الادارة الاهلية، والمبادرات المجتمعية بمدينة زالنجي من بينها مبادرة مستشفى زالنجي، ومبادرة الجامعة، ومبادرة الاساتذة، وجمعية الخضر والفاكهة، والغرفة التجارية، والطرق الصوفية، وتابع “تواصلنا معهم ورأوا بالضرورة تشكيل لجنة شعبية لتسيير مهام الولاية”
واشار رزق الله الى انه في 16 ديسمبر المنصرم انعقد مؤتمر في مشتل مدينة زالنجي، وفيه تم عبر الانتخاب المباشر اختيار عبد الكريم يوسف رئيساً للجنة الشعبية لتسيير الولاية والأمير عبد الغني هرون نائباً للرئيس.

مهام حكومة

في المؤتمر الصحفي قال رئيس اللجنة عبد الكريم يوسف انه بعد تكليفهما عكف مع نائبه على وضع خارطة عمل للمرحلة المقبلة، لتمثل الدليل العملي للجنة، وابان انهم استهدفوا في خارطة العمل كل قضايا المجتمع والمسائل التي تعين المواطن على استعادة خدماته في مجالات الصحة، المياه، التعليم، والكهرباء، اضافة الى مجالات الامن والسلام الاجتماعي لتحصين المجتمع من أي انزلاقات سالبة، وأكد أن اللجنة ستستعين بكل من تتوقع ان يعينها في مهامها، سواء ان كان رئاسة الولاية او المحليات.
ولم تغفل اللجنة القضايا الانسانية لمواطني الولاية فقد أكد يوسف ان خطة عملهم تشتمل على معالجات لأوضاع النازحين، القدامى والجدد الذين تكتظ بهم المدينة، اضافة الى انهم سيعملون على فتح الطرق التجارية المحلية والعابرة للولاية، اضافة الى تأهيل واعادة اعمار المؤسسات التي دمرتها الحرب وذلك باستنهاض مجتمع الولاية، واعادة تفعيل وحدات الشرطة وقال سنبذل الجهد مع رجال الشرطة الموجودين في الولاية لإعادة اقسام البلاغات.

تشكيل الدوائر “الوزارات”

من جهته اعلن نائب اللجنة الأمير عبد الغني هرون في المؤتمرالصحفي عن تشكيل حكومة مصغرة اطلق عليها دوائر، فتم تكليف عبد الرؤوف مصطفي بدائرة القانون وحقوق الانسان، و الامير محمد رزق الله بدائرة الخدمات الاساسية، وأوكلت دائرة المال والاقتصاد للسيد عمر سليمان محمد عبد العزيز، ودائرة الشئون الاجتماعية للأمير عبد الله محمد حسين، ودائرة الزراعة والثروة الحيوانية للرشيد ادم الله جابو، بينما كُلف علي عبد الله محمد بدائرة الثقافة والاعلام، وخالد اسماعيل محمد بدائرة العمل الطوعي والانساني، وابراهيم ابوبكر مرسال بدائرة الرعاة والمزارعين.

دوائر لم تكتمل

نائب الرئيس قال ان عدد الدوائر التي تم الاتفاق عليها 15 دائرة ما يعني ان هناك 7 دوائر لم يتم تكليف أشخاص بإدارتها، وعزا ذلك الى عدم اكتمال المشاورات حولها بسبب ما وصفها بالظروف، وأعرب عن شكره لمنظمات المجتمع المدني ومكونات الولاية التي أولتهم الثقة لإدارة شئون الولاية، ووصف المرحلة التي تمر بها وسط دارفور بأنها مرحلة حرجة جداً لجهة ان الولاية خارجة للتو من حالة حرب للسلام- على حد تعبيره- مؤكداً انها مرحلة تتطلب تضافر جهود كل مجتمع الولاية.

شكوك وامنيات مشروعة

أحد المراقبين بولاية وسط دارفور قال لراديو دبنقا ان ما تم الاعلان عنه هو عبارة عن حكومة، وذكر انها لن تستطيع ان تقدم لإنسان الولاية شيء، وانما ستكرس للفساد بالولاية، وأشار الى ان رئيس اللجنة كان مديراً عاماً لوزارة التخطيط العمراني في عهد النظام السابق وكانت تحوم حوله شبهات فساد.
بينما استبعد خبير في المجال الاقتصادي والخدمة المدنية نجاح اللجنة في مهمتها، واشار لراديو دبنقا الى ان ما تم تشكيله عبارة عن جسم لسد الفراغ الناتج عن غياب الحكومة في وسط دارفور، وقال انها أمنيات مشروعة، لكنها لن تنجح لأنها ستواجه حزمة من التحديات والتعقيدات على ارض الواقع، أبرزها غياب مؤسسات الدولة بشقيها المدني والقوات النظامية، اضافة الى ان هذا الجسم لن يستطيع استقطاب كوادر للعمل معه في مؤسسات الخدمة العامة، وبالتالي ستكون “الدورة الدموية” لهيكل الدولة في وسط دارفور متجمدة، ما يعني موت المؤسسات الحكومية، علاوة على ان هذا الجسم ليست له موازنة للإيرادات والصرف على مؤسسات الدولة حتى يستطيع ان يغطي مساحة وسط دارفور، واكد الخبير في المجالات الاقتصادية والخدمة المدنية- الذي فضل حجب اسمه- انه لا يمكن بأي حال ان يحل جسم محل الدولة، لجهة ان المؤسسات الاتحادية تدار من بورتسودان فلا يمكن ان تدير جزء من البلاد بمعزل عن الحكومة المركزية، واشار الى ان هذا النموذج يمكن ان ينجح في حال انه يعمل في ظل منظومة مؤسسات الدولة.
لكن الصحفي المستقل المتواجد بإقليم دارفور علاء بابكر يرى انه وفقاً للوضع الاستثنائي- وضع الحرب- فإن اللجنة التسييرية لوسط دارفور ستدين بالولاء لقوات الدعم السريع، وقال انها لجنة أشبه بالمجلس العسكري الذي تم تشكيله عقب سقوط نظام الانقاذ، تم تشكيلها وفق مهام متخصصة في المجالات الخدمية الا انه أشار الى ان هذه اللجنة تم تشكيلها وفقاً لتمثيل القبائل وليس تمثيلاً سياسياً وفي نفس الوقت تقوم بمهام سياسية.
بينما قال مستشار قائد الدعم السريع مصطفى محم ابراهيم ان تشكيل هذه اللجنة جاء بسبب عدم استعداد حكومة الولاية في مباشرة مهامهم، واضاف لراديو دبنقا “اذا أمين الحكومة والمديرين العامين للوزارات ومدراء المحليات لديهم الاستعداد لتشغيل دولاب العمل، نرحب بهم ويجب مساعدتهم في ذلك” يذكر ان جنوب دارفور تعمل الآن بطاقم حكومي يرأسه الوالي بشير مرسال المكلف من قائد الجيش الفريق اول عبد الفتاح البرهان وعقدت اليوم الثلاثاء اول اجتماع لمجلس وزرائها بمدينة نيالا التي يسيطر عليها الدعم السريع.

ما بين وسط وغرب دارفور

بالمقارنة ما بين الوضع في ولايتي وسط وغرب دارفور بعد تشكيل هذه اللجنة يقول الصحفي علاء الدين ان الوضع في غرب دارفور يختلف من حيث ان الوالي “كرشوم” تسلم مقاليد السلطة بحكم منصبه قبل مقتل الوالي السابق خميس عبد الله ابكر، وعندما جاء قرار اعفائه بواسطة وزير الحكم الاتحادي خرج مجتمع الولاية ورفض القرار وأجمع عليه لإدارة الولاية، لذلك هو والي يمارس سلطاته بشكل تقليدي بينما وسط دارفور ستديرها لجنة معينة من قبل قوات الدعم السريع- على حد قوله- واستبعد في الوقت نفسه نجاح اللجنة لجهة ان الخدمات الأساسية غائبة وليس هناك دور للدولة، وضرب مثلاً بأن الخدمات الأساسية في مينة الجنينة تقوم بها المنظمات، لكنه عاد وأكد ان وجود اللجنة أفضل من عدمها، لكون أن هناك سلطة لجأ لها المواطنون.