جولة المبعوث الأمريكي الجديد، هل تحمل جديدا؟

المبعوث الامريكي االخاص للسودان توم بيريلو

لندن، 12 مارس 2024، راديو دبنقا

تقرير: عمر عبد العزيز

اعلنت الولايات المتحدة أن مبعوثها الخاص إلى السودان توم بيريللو سيزور سبع دول عربية وأفريقية خلال الشهر الحالي، في محاولة أمريكية جديدة لدفع الملف السوداني باتجاه الحل.

ومن المقرر أن تشمل الجولة، وفقا لموقع الخارجية الأمريكية، كلا من السعودية والإمارات ومصر وجيبوتي واثيوبيا وكينيا واوغندا.

“نشطاء ومدافعون”

ويرى الأستاذ فيصل الباقر من منظمة “صحفيون لحقوق الإنسان – جهر” أن زيارة الدول الأفريقية على وجه التحديد تهدف إلى لقاء نشطاء المجتمع المدني السودانيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، إضافة إلى مقابلة المسؤولين الحكوميين.

واعرب الباقر، في مقابلة مع راديو دبنقا، عن اعتقاده بأن بيريللو يريد أن يستمع للآراء المختلفة بشأن الحلول الممكنة، خاصة أن البلاد وصلت إلى مرحلة “الدخول في مجاعة بسبب الحرب”.  واعتبر أن القضايا الأساسية، بالنسبة لهم كمدافعين حقوقيين، هي وقف الحرب والمسائلة وعدم الافلات من العقاب، معربا عن اعتقاده بأن جولة بيريللو لن تسهم كثيرا في هذه الملفات.

“العودة إلى جدة”

وتأتي جولة بيريللو مع اقتراب الحرب في السودان من إكمال عامها الأول وبعد فشل العديد من المنابر الأفريقية والاقليمية في احداث اختراق في الأزمة السودانية، مما يطرح العديد من التساؤلات عن الجديد الذي يمكن أن يقدمه المبعوث الأمريكي.

لكن الباقر يرى أن جولة بيريللو ربما تساهم في عودة الطرفين إلى طاولة المفاوضات في منبر جدة مرة أخرى عقب رمضان. ويرى الباقر أن العودة إلى منبر جدة أمر هام، لكنه يستدرك قائلا أن هذه العودة “يجب ألا تكون بمعزل عن القضايا الحقيقة للشعب السوداني”، حسب وصفه.

واعتبر أن القضايا الأساسية، بالنسبة لهم كمدافعين حقوقيين، هي وقف الحرب والمسائلة وعدم الافلات من العقاب، معربا عن اعتقاده بأن جولة بيريللو لن تسهم كثيرا في هذه الملفات.

“مكسب معقول”

وتتزامن جولة بيريللو مع شهر رمضان، الشهر الذي اندلعت فيه الحرب العام، كما تأتي عقب صدور قرار من مجلس الأمن يدعو إلى «وقف فوري للأعمال العدائية قبل رمضان»، ويطلب من «جميع أطراف النزاع البحث عن حل دائم عبر الحوار».

ويرى الباقر أن بيريللو إذا استطاع اقناع الطرفين بوقف القتال فيما تبقى من شهر رمضان والذهاب إلى منبر جدة “يكون قد حقق مكسبا معقولا”. لكنه استدرك قائلا إن أي حلول تعيد البلاد إلى الرابع عشر من مارس العام الماضي فقط، أي اليوم السابق للحرب، “ستكون حلولا مرحلية جدا”، حسب وصفه.

“ثقل الإيغاد”

وكان منبر جدة ومساعي دول منظمة الإيغاد ومبادرة دول الجوار قد فشلت جميعها خلال ما يقرب من عام في التوصل إلى حل للأزمة السودانية أو وقف الحرب.

ويرى الباقر أن اشتمال زيارة بيريللو على أربع من دول الإيغاد يسعي إلى إعادة إشراك المنظمة في حل الأزمة السودانية خلال المرحلة المقبلة. واعتبر أن وجود الإيغاد أمر مهم، لأنها دول لديها ثقل، مشيرا إلى حديث الكثير من الأفارقة عن أن مشاكل القارة يجب أن تحل داخل افريقيا.

“ضغوط حقيقية”

لكن بعض المراقبين للشأن السوداني اعتبروا أن الدول العربية الثلاث التي سيزورها بيريللو خلال جولته، الإمارات ومصر والسعودية، ستكون هي الاكثر أهمية.

واعرب الباقر عن أمله في أن يمارس بيريللو “ضغوطا حقيقية على الإمارات” لوقف مساندة الدعم السريع بالسلاح والإمداد اللوجستي. وأشار الباقر أنه تحدث منذ وقت طويل عن أن الحوار يجب أن يكون مع الإمارات وتركيا ومصر، واصفا إياها بالدول التي تدعم الطرفين، حسبما قال.

المصالح الأمريكية”

وكان العديد من المحللين المتابعين للشأن السوداني قد انتقدوا ما وصفوه بتباطؤ الولايات المتحدة في التعامل مع الشأن السوداني، حتى أنها لم تعين مبعوثا خاصا إلى السودان إلا بعد ما يقرب من عام على اندلاع الحرب.

لكن الباقر يرى أن الولايات المتحدة تأكدت الآن أن استمرار الحرب في السودان سيؤثر على مصالحها، مما يدفعها لبذل المزيد من الجهد لإيقافها. وأشار إلى أن لدى واشنطون مصالح يمكن أن تتضرر “في السودان والبحر الأحمر وفي المنطقة بشكل عام”. واعرب عن اعتقاده بإمكانية التوصل إلى حلول للأزمة السودانية عبر الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية.

“غزة واوكرانيا”

ويرى الباقر أن الأولويات بالنسبة لواشنطن لا تزال في غزة واوكرانيا، لكنه اعتبر جولة بيريللو مؤشرا على أن الولايات المتحدة “بدأت تستشعر أهمية أن يكون لها دور مهم في الإقليم”، في إشارة إلى منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي.

كثرت المنابر والمبادرات والزيارات والجولات الساعية إلى احداث اختراق في الملف السوداني المتعثر، وآخرها جولة المبعوث الأمريكي بيريللو.

ربما لم يعد الكثير من السودانيين يعولون على هذه الجولات والمنابر المتعددة بعد ان استطال أمد الحرب وفشلت كل المحاولات السابقة في اسكات صوت البنادق، لكن الدبلوماسيين عادة يواصلون سعيهم الدؤوب في كل الظروف.