توقيع اتفاق للتعايش المجتمعي بكسلا بين النظارات والمكونات..يوم 11 اكتوبر 2023..المصدر:فيسبوك

أمستردام: 21 مارس 2024: راديو دبنق

تناول سكان حي مكرام، الذي يرقد تحت سفح الجبل بشرق كسلا، طعام الإفطار الرمضاني، يوم الجمعة الماضي، على أصوات تبادل كثيف للذخيرة الحية، استمرت لأكثر من ساعتين، مما أثار حالة من الرعب والهلع قبل أن تهدأ الأوضاع في أعقاب تدخل قوة من الجيش والشرطة.

ذاكرة مثقلة بالصراعات الدامية
تحتفظ ذاكرة الحي بصراعات قبلية عنيفة خلال الأعوام الماضية أدت إلى مقتل العشرات ونهب واتلاف مئات المنازل، ومعظم تلك الصراعات نجمت عن مشاجرات في صف خبز أو حادثة سرقة عادية تطورت بفعل الاحتقان وانتشار السلاح إلى معارك عنيفة داخل الأحياء والمنازل.

ورغم أن الجيش والشرطة أفلحا في حسم الاشتباكات التي دارت يوم الجمعة في حينها، وسط تضارب الأنباء وتناسل الروايات حول أسبابها ونتائجها، إلا أنها تسببت في نزوح عدد من المواطنين، فيما عقدت لجنة أمن الولاية اجتماعات مع مختلف الأطراف والأحياء من أجل تدارك الأمر وعدم اتساع رقعته.

المزيد من معسكرات التدريب
ويحذر مراقبون من أن يؤدي أي صراع جديد إلى انفلات الأوضاع في ظل الانتشار الكثيف للسلاح ومعسكرات التدريب المتعددة داخل وخارج السودان. حيث تأتي التوترات بالتزامن مع أنشطة معسكرات التدريب لمجموعات المقاومة الشعبية، بجانب تدريب الحركات المسلحة داخل الولاية مثل حركة العدل والمساواة التي خرجت دفعة تتكون من أكثر من ألف جندي مؤخراً، فضلا عن تخريج قوات من جهات مسلحة سودانية في دولة ارتريا المجاورة أبرزها مؤتمر البجا بقيادة موسى محمد احمد، والجبهة الشعبية المتحدة بقيادة الأمين داؤود وقوات تحرير شرق السودان بقيادة ابراهيم دنيا.

كما يتزامن الحادث مع توترات من نوع آخر بين مكونات مجتمعية ووالي الولاية على خلفية اقالة وتعيين مسئولين بجانب تصريحات للوالي بشأن تكليف خبير لإعداد دراسة حول شق ترعة من القاش تمر شرق جبال التاكا في إطار البحث عن حلول للفيضانات المتكررة، الأمر الذي اعتبرته مكونات اجتماعية مضراً بمشروع القاش الزراعي ونظمت وقفات احتجاجية في فبراير الماضي وتطورت إلى إغلاق الطريق القومي، حيث يطالب المحتجون بإقالة الوالي.

وفي فبراير الماضي، اقتحم مواطنون، اجتماعا في وزارة التخطيط العمراني احتجاجاً على تعيين مسئولين، كما شهدت الولاية حرب بيانات بين مجموعات مؤكدة للوالي وأخرى رافضة له مما أدى لتوتر الأوضاع في المدينة.

وثيقة مجهولة المصدر
وفي الأثناء تداول ناشطون في وسائل التواصل الاجتماعي وثيقة مجهولة المصدر حول نصيب شرق السودان في السلطة حيث أشارت إلى عدم مشاركة شرق السودان في مستويات مجلس السيادة والوزراء وولاة الولايات والمؤسسات القومية.

وأطلق ناشطون هاشتاق #صفر_السودان في إشارة إلى غياب شرق السودان عن المشاركة في السلطة والثروة.

ويقول إبراهيم جامع عضو مبادرة منصة نادي البجا لراديو دبنقا إن الحكومة تبرر تغييب الشرق بالخلافات بين مكوناته. مبيناً إن مسار شرق السودان هو الوحيد من مسارات اتفاق سلام جوبا الذي لم يتم تنفيذه بسبب الاعتراض عليه.

وقال إن مبادرة نادي البجا انطلقت قبل أربعة أشهر بهدف توحيد رؤى مواطني شرق السودان حول قضايا الإقليم، وأشار إلى مناقشة أطروحات تتعلق بالفيدرالية وتقرير المصير.

وأنهت المبادرة، زيارة إلى كسلا يوم الخميس، التقت خلالها بعدد من نظار القبائل والقيادات المجتمعية من بينها نظار الهدندوة والحلنقة بجانب والي الولاية. وقال جامع إن الخطوة المقبلة تتمثل في زيارة ولاية القضارف وعقد لقاءات مع مكوناتها.

ويشير جامع إلى عقدهم اجتماعاً مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان مطلع الأسبوع الجاري بهدف اطلاعه على تطورات قضايا شرق السودان.

وحول طبيعة علاقة مبادرتهم مع المبادرات الأخرى مثل مبادرة أبناء البجا في الخدمة العامة، قال جامع إنهم عقدوا اجتماعا مع ممثلي المبادرة في كسلا مبينا إنها تنشط في مجال رتق النسيج الاجتماعي وأعلنت في اللقاء بين ناظري الهدندوة والبني عامر بعد قطيعة استمرت لوقت طويل، بينما تنشط مبادرة نادي البجا في توحيد الرؤى.

في البحر الأحمر أيضا
وشهدت ولاية البحر الأحمر خلال الأسابيع الماضية توتراً في الموانئ ومجتمع الولاية على خلفية قرارات أصدرتها الحكومة بشأن تبعية إدارات معينة في هيئة الموانئ إلى الوزارات الاتحادية، الأمر الذي رفضه العاملون ورفعوا بموجبه مذكرة إلى مجلس السيادة قبل أن يوجه البرهان بإلغاء القرار. كما يستعرض تحالف أحزاب وحركات شرق السودان بقيادة شيبة ضرار، الذي يشغل في الوقت نفسه موقع رئيس اللجنة الشعبية لدعم القوات المسلحة، قواته بين الفينة والأخرى ويدلي بتصريحات نارية.

وليس بعيداً عن هذا تشهد ولاية القضارف توترات بسبب الهجوم المتكرر من قوات الدعم السريع على منطقة الفاو الأمر الذي يثير حالة من الذعر وسط المواطنين، فيما أعلن والي ولاية القضارف في وقت سابق استعداد السلطات لترخيص أي سلاح لدى المواطنين.

خلاصة القول إن الأوضاع في شرق السودان تنذر بالخطر في ظل انتشار السلاح والمليشيات مع استمرار الحرب الدائرة في البلاد، وإن المخرج الوحيد من الأزمة الماثلة هو وقف الحرب والانخراط في الحوار المجتمعي.