صور متداولة عن قصف الصعين مساء الاثنين المصدر:فيسبوك

أمستردام:22 فبراير 2024: راديو دبنقا

تشهد الأوضاع الميدانية تصعيدا غير مسبوق على مختلف الجبهات وخصوصا في أمدرمان والخرطوم بحري بعد فشل المبادرات الإقليمية والدولية في دفع الطرفين في التوصل إلى وقف لإطلاق النار يمهد لتوصيل المساعدات الإنسانية ولوقف العدائيات وصولا لوقف إطلاق النار الشامل، ويستعد الجيش حسب تصريحات قادته لشن هجوم واسع على عدة محاور لاستعادة السيطرة على ولاية الجزيرة.

مقابل هذا التصعيد الميداني، تتزايد الانتهاكات التي تطال المدنيين، حيث يواصل الجيش السوداني استخدام الطيران والمسيرات بكثافة في قصف مناطق سيطرة الدعم السريع وما يرافق ذلك من سقوط ضحايا وسط المدنيين مثل ما حدث مؤخرا في الضعين وشرق النيل.

كما يواصل الطرفان وخصوصا في ولاية الخرطوم تبادل القصف المدفعي بكل ما يسفر عنه من خسائر في الأرواح والممتلكات. كما عادت قوات الدعم السريع إلى مهاجمة القرى في ولاية الجزيرة ونهب ممتلكات المواطنين ما تسبب في سقوط أكثر من 80 قتيلا في أقل من أسبوع وفق بعض التقارير المتداولة.

جرائم وفق القانون الدولي

ويجرم القانون الدولي الإنساني مثل هذه الأفعال ويعتبرها جرائم حرب تستوجب المحاسبة والعقاب. راديو دبنقا سأل الدكتور العبيد أحمد العبيد، المدير السابق لمركز الأمم المتحدة للتدريب على حقوق الإنسان في الدوحة والممثل السابق لمجلس حقوق الإنسان في اليمن حول تكييف هذه الجرائم وفق القوانين الدولية فأجاب بأن القوانين الدولية مثل القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الدولي العام تحظر استهداف المدنيين مباشرة أو بشكل عشوائي أو كأحد أنواع العقوبات التي تفرض على المدنيين بعد اتهامهم بالتعاون مع أي من الأطراف المتحاربة.

تمنع القوانين الدولية كذلك تجويع المدنيين أو مهاجمة منشئاتهم كالمنازل وأماكن العبادة والمستشفيات وتحظر كذلك التعدي على سبل حصولهم على الغذاء وماء الشرب باستهداف مناطق الزراعة أو الماشية ومرافق مياه الشرب والري.

صورة:العبيد أحمد العبيد

استثناءات محدودة

وأوضح الخبير الدولي في مجال حقوق الإنسان في حديثه لراديو دبنقا أن هناك استثناءات ضيقة جدا ومحدودة يتحول عبرها المدنيين إلى محاربين وبالتالي يمكن أن يفقدوا الحماية التي يوفرها القانون الدولي. المثال الساطع لهذه الحالة هو تجنيد المواطنين في مليشيات للمشاركة في الحرب، ألخ… وشدد الدكتور العبيد أحمد العبيد أنه في حالة السودان فإن غالبية الضحايا هم من المدنيين الذين يستوجب حمايتهم تحت القوانين الدولية. ومن الواضح من الأوضاع في السودان أن كل أطراف النزاع تقوم بأعمال تشكل انتهاكا صريحا لحياة المدنيين والتي يمكن أن تتم مقاضاتها في المستقبل كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بما في ذلك جريمة الإبادة الجماعية.

وذكر الخبير الدولي في حقوق الإنسان في حديثه لراديو دبنقا بعض نماذج هذه الجرائم على سبيل المثال وليس الحصر والتي يمكن مقاضاتها بعد إحلال السلام في السودان.

الجرائم ضد المدنيين في الحرب في السودان

الجريمة الأولى هي القصف العشوائي للمدنيين سواء أن كان ذلك للمنشئات المدنية أو المدنيين نفسهم أو الأسواق من الطائرات والمسيرات والمقذوفات الأرضية. ومن الواضح أن في حرب السودان الآن أن الجيش ومعه بعض المليشيات الإسلامية هم من يقومون بالقصف العشوائي بواسطة الطائرات. فيما يستخدم الطرفان المسيرات في القصف، بينما الدعم السريع هو الأكثر استخداما للقصف بالمقذوفات الأرضية واستهدف المدنيين لكن ذلك لا يعني أن الطرف الآخر لم يستخدم نفس الطريقة في قتل المدنيين أو في جرحهم أو في تشريدهم.

ومضى الدكتور العبيد قائلا الجريمة الثانية هي القتل العمد أو المقصود خارج نطاق القانون وعلى أسس عرقية وغيرها والتي قد تكون في بعض الأحيان أسس مزاجية. الأسس العرقية واضحة وما تم في دارفور يعتبر إبادة جماعية وإعادة لما حدث في عامي 2006 و 2007 حيث حدثت الإبادة الجماعية الأولى في دارفور. وبجانب القتل العمد والمقصود، قد تكون هناك أسس كافية لمحاكمة بعض الأشخاص على أساس القتل على أسس عرقية أو إبادة جماعية.

وأضاف الخبير الدولي في حقوق الإنسان في حديثه لراديو دبنقا إن الجريمة الثالثة والمهمة تتعلق بشمول المنشئات المدنية بالحماية بالقانون الدولي. هناك تدمير كبير للمنشئات المدنية في السودان بما في ذلك المنازل والمستشفيات ودور العبادة وأماكن الخدمات والمنشئات الحكومية والمنشئات التجارية وغيرها وهذه أيضا تعتبر من جرائم الحرب في حال توفر شروط محددة.

الجريمة الرابعة وهي الأكثر إزعاجا في الحرب الحالية في السودان هي استخدام العنف الجنسي سواء أن كان ذلك متمثلا في الاغتصاب أو أي أنواع من العنف الجنسي الآخر ويكيف القانون الجنائي الدولي جريمة الاغتصاب كجريمة حرب لذلك يعتبر هذا من التطورات الخطيرة في الحرب في السودان.

ويقول الخبر الدولي في مجال حقوق الإنسان في حديثه لراديو دبنقا أن النوع الخامس من الجرائم والمتمثل في إجبار المواطنين على النزوح وتجويعهم واستغلال منازلهم أو الاستيلاء عليها وهي من الجرائم التي نشهدها في النزاع السوداني.

واختتم الدكتور العبيد أحمد العبيد حديثه لراديو دبنقا بالقول إن ارتكاب كل هذه الجرائم في إطار الحرب الدائرة في السودان يستوجب توفير الحماية للمدنيين وبموجب نصوص القانون الدولي.