مواطنون في شوارع مدني وهم يحملون امتعتهم لمغادرة المدينة بحثا عن الامان في الولايات الاخري المجاورة

ود مدني: رفاعة، 18 ديسمبر 2023: راديو دبنقا

تعيش ولاية الجزيرة أوضاع أمنية وإنسانية صعبة في أعقاب هجوم قوات الدعم السريع على مدينة ود مدني من جهة الشرق. وتضاربت المعلومات حول حقيقة الوضع العسكري بعد استئناف المعارك العنيفة منذ الساعات الأولى من صباح الاثنين 18 ديسمبر. وفيما أكدت قوات الدعم السريع عبر عدد من مشاهد الفيديو المصورة أنها استولت على مقر اللواء الأول مشاة في حنتوب وعلى المدخل الشرقي لكبري حنتوب، نفت مصادر في القوات المسلحة السودانية هذه المعلومات وأكدت أنها قامت بإخلاء هذه المواقع في إطار إعادة تمركز قواتها للدفاع بشكل أفضل عن عاصمة ولاية الجزيرة.

الدعم السريع يوسع نطاق هجماته

لكن مصدر لراديو دبنقا أكد واقعة استيلاء الدعم السريع على المدخل الشرقي لكبري حنتوب، وكذلك اقتحام قواته لمدينة رفاعة وأن الهدف القادم لهذه القوات على ما يبدو هو مدينة الحصاحيصا الواقعة على الضفة الغربية للنيل الأزرق على الطريق الرئيسي الذي يربط الخرطوم بود مدني. ورصد المصدر تقدم قوة كبيرة للدعم السريع تتشكل من حوالي 200 سيارة تاتشر من مناطق شرق النيل في اتجاه الجنوب ويعتقد أن اتجاه هذه القوة ليس ود مدني ويرجح أنها ستكون للقضارف لمنع تقدم أي قوة عبر الطريق البري من شرق السودان لإسناد القوات الموجودة في ود مدني.

موجة نزوح جديدة

على الصعيد الإنساني، تسبت المعارك في ولاية الجزيرة في زيادة تدفقات الفارين من مدن الولاية وخصوصا مدينة ود مدني بصورة كبيرة متجهين نحو مناطق غرب الجزيرة وولاية سنار كنتيجة لاشتداد المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع، فيما يواصل الطيران الحربي قصف ارتكازات قوات الدعم السريع بصورة مكثفة وادعت قوات الدعم السريع بأنها نجحت في إسقاط طائرة من طراز ميج صباح الإثنين.

وقال أحد الفارين لراديو دبنقا أن قوات الدعم السريع عبرت بالمراكب من الناحية الشرقية لمدينة ود مدني بعد أن أغلق الجيش كبري حنتوب.

وأضاف خرجنا من المدرسة التي كنا نقيم فيها داخل ود مدني في عملية نزوح جماعي، مبيناً أن كل النازحين بمدارس الإيواء خرجوا بعد ان أصبحت المعارك وأصوات البنادق والمدافع قريبة، وقال هربنا من القتل وتركنا معظم أغراضنا.

وتابع قائلا إن عناصر الشرطة التي كانت معنا في المدرسة هربت ورأينا أفراد من القوات المسلحة يحملون أسلحة الكلاشنكوف يهربون من أرض المعركة أمامنا بالإضافة لأفراد يلبسون الزي المدني هم من المستنفرين هم بجوارنا ولا يذهبون الي أماكن الاشتباكات ولا أدري لماذا هم معنا والا إذا كانوا يستخدموننا دروعاً بشرية.

 واوضح أن الاتجاه الوحيد المفتوح هو اتجاه سنار، وقال نسير على الأرجل ولا ندري الي أين نذهب ونسير بلا أي هدف. وأكد ان الدعم السريع دخل ود مدني، وقال ان هناك نزوح جماعي كبير بأعداد ضخمة.

اقتحام مستشفى وسوق مدينة رفاعة

على صعيد آخر، أصدر محامو الطوارئ بيانا هجوم قوات الدعم السريع على مدينة رفاعة صبيحة الاثنين 18 ديسمبر. واتهم البيان القوة المهاجمة باقتحام المستشفى وبترويع المدنيين وإطلاق النار داخل المستشفى ما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة آخرين وتكسير المستشفى وترويع الكادر الطبي العامل. وذكر البيان أن القوة هاجمت السوق وقسم الشرطة وأصيب العديد من المدنيين بالرغم من عدم وجود أي تشكيلات عسكرية أو قوات مسلحة في رفاعة.

 وحذر محامو الطوارئ قوات الدعم السريع من أن هذا السلوك مخالف لقواعد القانون الدولي الإنساني ومعاهدات جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين وأن المستشفيات ومساكن المدنيين هي من الأعيان المدنية المشمولة بالحماية وأي اعتداء ممنهج عليها يعتبر من جرائم الحرب التي تجعل مرتكبيها عرضة للمثول امام المحكمة الجنائية الدولية.

ولاية سنار تستقبل عشرات الألاف من النازحين

نفى مهلب حسن سليمان، عضو لجان طوارئ ولاية سنار، أن تكون هناك موجة نزوح عكسي من سنار بعد تداول المعلومات عن دحر الجيش لهجوم الدعم السريع على ود مدني. وأكد في حديث لراديو دبنقا أن أعداد كبيرة ما زالت تتدفق باتجاه ولاية سنار وأن حالة التوتر وعدم الثقة تجعل العودة غير متاحة الآن. وأوضح أن كثير من النازحين يعتبرون سنار معبرا نحو القضارف وبورتسودان بعد إغلاق كبري حنتوب، فيما يتجه آخرون نحو ولاية النيل الأزرق خصوصا وأن قرب المسافة بين ود مدني وسنار يقلل الإحساس بالأمان.

وذكر مهلب حسن سليمان بأن المدارس هي مراكز الإيواء الرئيسية وقد تم افتتاح خمسة منها يوم الأحد 17 ديسمبر وأضيف مركزين آخرين يوم الاثنين 18 ديسمبر ويتم توزيع الوافدين عليها. وشدد على أن 90% من جهود استقبال الوافدين يقوم بها المواطنون، بالمقابل لا تعيق الجهات الرسمية هذه التحركات وتحديدا فيما يتعلق بتخصيص المدارس وأن لجان الطوارئ تعمل على منع أي احتكاكات بين الشباب المتطوعين والجهات الرسمية.

وأشار إلى أن جهود تبذل حاليا لحصر أعداد الوافدين، عدد الأسر، الأطفال والمرضى للعمل على توفير احتياجاتهم وأن المنظمات التي كانت تعمل وسط النازحين في ود مدني تحركت وبدأت تعمل في سنار وإن كان التنسيق بين مختلف الجهود ضعيفا حتى الآن. ونوه مهلب حسن سليمان إلى أن سنار مدينة صغيرة لا تتيح خيارات كثيرة في السكن وأن مراكز الإيواء تكاد تكون الخيار الوحيد ما دفع البعض لمغادرة المدينة نحو سنجة والسوكي والدندر.

وحول التحديات التي تواجه الولاية بمحلياتها السبعة، اعتبر مهلب حسن سليمان أن ضعف البنى التحتية هو المشكلة الرئيسية وأن المدارس غير مهيئة لاستقبال الأعداد الكبيرة خصوصا لجهة المرافق الصحية، كما أن الضغط على نظام الخدمات الصحية الذي يعاني أساس من مصاعب كثيرة ونقص في التجهيزات لغسيل الكلى والتعامل مع الأمراض المزمنة. وحتى في حال التنسيق مع ولاية النيل الأبيض المجاورة فإن القدرات لن تكون كافية يضاف إلى ذلك أن مخزون الغذاء في سنار محدود ومن المهم أن تسارع المنظمات الدولية والمحلية بنقل كميات كافية خلال الأيام القادمة لأن لجان الطوارئ يمكنها إدارة الأمر ليوم أو يومين فقط. وأعاد مهلب حسن سليمان التأكيد على أن الأولوية في ظروف فصل الشتاء هي للإيواء ومن ثم الطعام وبعد ذلك تعزيز قدرات المستشفيات وتوفير جرعات الدواء لأصحاب الأمراض المزمنة.

وأشار عضو لجان طوارئ ولاية سنار إلى أن مشاكل توفر الوقود وزحمة السيارات في محطات الوقود ستستمر بالنظر للعدد الكبير من السيارات التي وصلت إلى الولاية وضعف المخزون الاستراتيجي الولائي من الوقود. واعتبر أن إعلان السلطات في الولاية لحالة الطوارئ مدفوع بهواجس أمنية حتى لا يتكرر ما حدث في ود مدني.