النص الكامل لخطاب عضو مجلس السيادة صديق تاور الموجه إلى رئيسة الإتحاد الأوروبي

• نود بهذه المذكرة أن نعبر لكم بداية عن تقديرنا العميق للإهتمام الكبير الذي ظلت توليه بلدان الإتحاد الأوربي للسودان وشعبه، منذ إندلاع ثورته الشعبية في ديسمبر 2018م وحتى إنتصارها في أبريل 2019م. ثم إستمرار هذه الجهود السياسية والدبلوماسية والإقتصادية من أجل تعزيز مساعى السودانيين نحو التحول الديمقراطي والإستقرار السياسي والتقدم الإقتصادي.

بسم الله الرحمن الرحيم
جمهوريــــــة الســـــــودان مجلــس الســيادة الإنتقالــي
لعناية السيدة/ أورسولا فون دير لاين
بواسطة: سعادة سفير الإتحاد الأوربي بالسودان
السيد/ روبرت فان دن دوول
من: عضو مجلس السيادة الإنتقالي دكتور صديق تاور كافي
حول الأزمة السياسية في السودان

• نود بهذه المذكرة أن نعبر لكم بداية عن تقديرنا العميق للإهتمام الكبير الذي ظلت توليه بلدان الإتحاد الأوربي للسودان وشعبه، منذ إندلاع ثورته الشعبية في ديسمبر 2018م وحتى إنتصارها في أبريل 2019م. ثم إستمرار هذه الجهود السياسية والدبلوماسية والإقتصادية من أجل تعزيز مساعى السودانيين نحو التحول الديمقراطي والإستقرار السياسي والتقدم الإقتصادي.

• تعلمون سيادتكم أن الشعب السوداني بكل مكوناته السياسية والإجتماعية، قد قدم تضحيات غالية جداً في سبيل التخلص من أبشع نظام ديكتاتوري شهدته القارة الأفريقية خلال العقود الثلاث الأخيرة .. تحول فيها السودان إلى مسرح للحروب الداخلية والإبادة الجماعية والفظائع والإنتهاكات الجسيمة، وبؤر الإرهاب الدولي، وغسيل الأموال وتهريب الموارد، ومصدراً للإضطراب الإقليمي والدولي.
لقد كان لوقوفكم المستمر إلى جانب نضالات الشعب السوداني وحقه في وطن يعبر عن تطلعاته للحرية والكرامة الإنسانية والأمن والسلام، الأثر الواضح في صمود ونجاح ثورة شعبنا المجيدة، وإسقاط نظام عمر البشير الديكتاتوري.

• كما أن جهودكم ودعمكم القوي للسلطة الإنتقالية التي تكونت بعد 17 أغسطس/آب 2019م، على أساس الوثيقة الدستورية التي تمثل دستور الفترة الإنتقالية، وجهودكم الكبيرة في دعم حكومة الدكتور عبدالله حمدوك في مختلف المجالات، كان لها الأثر الملموس في تخطى تحديات حقيقية واجهت الفترة الإنتقالية في السودان خاصة على صعيد الإقتصاد وجهود السلام.

– لقد عاد السودان ضمن المنظومة الدولية بعد ثلاثة عقود من العزلة الخانقة، دبلوماسياً وإقتصادياً.
– وغادر السودان قائمة البلدان الراعية للإرهاب بكل تبعاتها المكبلة والمقيدة.
– وإنفتح السودان على المؤسسات الإقتصادية والمالية بصفحة جديدة من التعاون والمساعدة على التعافى الإقتصادي.
– نشأت ثقة ما بين الحكومة والشعب لم تكن متوفرة منذ ثلاثين عاماً، هيأت لتجاوب بقبول وإحترام السياسات التي إتخذتها الحكومة.
– تم إسكات صوت البندقية بتوقيع إتفاق السلام مع أغلب الحركات الحاملة للسلاح، وبالجهود المبذولة مع الحركات التي لم توقع بعد.
– حدث تحسن ملموس على صعيد الإقتصاد وعلى صعيد الخدمات الأساسية التي تقدم للمواطنين.
– بذلت جهود على صعيد القطاع الزراعي لم تحدث منذ إستقلال السودان.
– تمت خطوات أساسية على صعيد محاربة الفساد وضبط المؤسسية والشفافية في مؤسسات الدولة.
– جرت إصلاحات واضحة على صعيد الخدمة العامة وضبطها وتطويرها.
كل ذلك على الرغم من أنه أدنى من طموح حكومة الفترة الإنتقالية، قد تم خلال العامين المنصرمين دون ضجيج أو دعاية، وفي ظل تحديات داخلية حقيقية على رأسها الجانب الأمني.

• في الوقت الذي كانت فيه الحكومة المدنية تقوم بهذه الجهود، كان المكون العسكري يوظف هيمنته على المنظومة الأمنية لهزيمة هذه الجهود بأساليب مختلفة، مثل التراخى في مواجهة التفلتات الأمنية وحماية منشآت الدولة من التخريب مثل الميناء والبنوك والطرق القومية والسكك الحديدية والمطارات ومواقع إنتاج النفط، خاصة الإحتجاجات ذات الطابع القبلى والإحتجاجات المصحوبة بالعنف المسلح، والتراخى في محاربة تجارة العملة ومحاربة تهريب السلع الأساسية وتهريب الذهب وتهريب الوقود والدولار وغير ذلك.
كما عمد من خلال وجوده في المجلس السيادي إلى عرقلة إستكمال هياكل السلطة الإنتقالية الواقعة تحت مسؤولية المجلس مثل المحكمة الدستورية والسلطة القضائية والمراجع العام والمفوضيات مثل مفوضية الدستور والعدالة الإنتقالية، إضافة للتقاعس في بند الترتيبات الأمنية الخاص بإتفاقية السلام.

• إستباقاً للإنتقال الدورى لرئاسة مجلس السيادة من المكون العسكرى للمكون المدنى في 17 نوفمبر 2021م، بحسب ما حددته الوثيقة الدستورية، أقدم المكون العسكرى على الإستيلاء على السلطة بالقوة، وحل مجلس السيادة والحكومة التنفيذية وكل إدارات المؤسسات الحكومية، بعد أن ألغى من طرف واحد العمل بالوثيقة الدستورية وأعلن حالة الطوارئ، وشرع في حملة إعتقالات واسعة بدءاً من أعضاء مجلس السيادة ورئيس الوزراء و وزراء وقادة الأحزاب السياسية وقيادات قوى إعلان الحرية والتغيير ولجان المقاومة الشبابية. كما شرع في تعيين جهاز حكومي جديد بإبدال وإحلال من أعوان نظام عمر البشير بالدرجة الأساس.

• لقد تمت في هذه الفترة الوجيزة إنتهاكات جسيمة للحقوق الأساسية للمواطنين، في التعبير السلمى عن رفضهم للإنقلاب العسكرى وإجراءاته .. فقد قوبلت التظاهرات السلمية بعنف وحشي غير مسبوق، بالرصاص الحي والرصاص المطاطى والقمع العنيف ( سقط 15 شهيد في 25/10/2021م، و 7 شهداء في 30/10/2021م، و 6 شهداء في 13/11/2021م، و 14 شهيد في 17/11/2021م ) .. وتخطى عدد المصابين الــ 200 مصاب، أما المعتقلون فلا حصر لهم حتى الآن.

• لم تستثنى المداهمات والإعتقالات المصابين في المستشفيات والمراكز الصحية أو الكوادر الطبية العاملة فيها، وتقوم بهذه الممارسات اللا إنسانية ضد المواطنين بقايا منظومة المخلوع عمر البشير الأمنية، في ظل تعتيم وتضييق خانق للإعلام وقطع خدمة الإتصالات كلية.

إن هذا الإنقلاب العسكرى الغادر يشكل خطورة حقيقية على الأوضاع السياسية والإستقرار في السودان وفي المنطقة الإقليمية ..

1- فهو أولاً يبدد كل التضحيات التي بذلها السودانيون من أجل مغادرة صفحة الديكتاتوريات والإستبداد والفساد، ويعيدهم لذات الصفحة وبصورة أسوأ بكثير مما كان.
2- يهزم كل ما تحقق خلال العامين الماضيين ويعيد السودان مرة أخرى للعزلة الدولية والأقليمية وللعقوبات الإقتصادية والحصار.
3- يمزق ما تم إنجازه على صعيد السلام بتمزيق الوثيقة الدستورية، حيث أن إتفاق السلام أصبح جزءاً من الوثيقة الدستورية، ومرتبطاً عضوياً بعملية التحول الديمقراطي .. إضافة لما ينجم عن عزوف الأطراف الداعمة للعملية السلمية في السودان.

• بإسمى وبإسم زملائي في الحكومة الشرعية الذين هم ما بين الإعتقالات والإقامة الجبرية والملاحقات الأمنية والمضايقات، نعبر لكم مرة أخرى عن تقديرنا لموقفكم الواضح والمعلن مع عودة الوضع الدستورى للبلاد وإستعادة الشرعية .. ونؤكد من جانبنا أن ما جرى هو جريمة لا تغتفر، بحق الشعب السودانى وتطلعاته المشروعة من أجل وطن يضمن مستقبل أجياله ويحقق لهم كرامتهم الإنسانية .. كما نؤكد تمسكنا مع شعبنا بالحكومة الإنتقالية الشرعية ورفضنا الكامل للإنقلاب وسلطته غير الشرعية.

د. صديق تاور كافي
عضوٍ المجلس السيادي الانتقالي

– صورة إلى دول الترويكا
– صورة إلى مجلس السلم والأمن الأفريقي