جنود من الدعم السريع أمام الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون - المصدر الفيسبوك


يبدو ان نهاية معركة الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون ربما تصبح نهاية معركة امدرمان بسيطرة الجيش عليها في تحول جذري لمسار الحرب التي اندلعت في 15 الماضي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
لا شك ان السيطرة على مقر الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون انجاز عسكري ومعنوي كبير لقوات الجيش السوداني وسيكون تأثير حاسم عن مجريات المعركة في امدرمان والعاصمة القومية وينقل قوات الجيش فعليا من مواقع الدفاع التي اضطر اليها خلال الأشهر العشرة الماضية إلى مواقع الهجوم والمبادرة والعمل على السيطرة على العاصمة بأكملها.
راديو دبنقا طلب من اللواء (متقاعد) أمين إسماعيل مجذوب، الخبير العسكري والأمني، التعليق على دلالات استعادة الجيش للسيطرة على مباني الإذاعة والتلفزيون، والذي ابتدر حديثه بالقول أن ما قامت به القوات المسلحة عند فجر اليوم من تطهير لمبنى الإذاعة والتلفزيون يعتبر نصر معنوي وعسكري كبير لأنه يفتح الطريق الآن، وبعد تأمين مدينة أمدرمان بكاملها وقطع طرق إمداد الدعم السريع من الناحية الغربية، للانفتاح نحو الخرطوم والخرطوم بحري.
ونوه اللواء أمين إسماعيل مجذوب إلى التأثير المعنوي لاسترداد مبنى الإذاعة والتلفزيون على الشعب السوداني وبما يؤكد وقوف الشعب السوداني وبمشروع المقاومة الشعبية خلف القوات المسلحة. كما يؤثر ذلك على قوات الدعم السريع التي فقدت واحد من المواقع التي كانت ترتكز إليها. كما أن ذلك قد يقود لتواصل المعارك بالرغم من قرار مجلس الأمن الذي لم يلتزم به الطرفان بالنظر لوضع كل طرف لشروطه من أجل الالتزام بالهدنة. وجاءت هذه المعركة في اليوم الأول من رمضان والذي كان محددا لدخول هذه الهدنة حيز التنفيذ.
وأشار الخبير العسكري والأمني في حديثه لراديو دبنقا إلى أن المعارك ستستمر ومعها معاناة الشعب السوداني الذي يعاني كثيرا من الناحية الغذائية والإنسانية بسبب استمرار هذه الحرب. ومضى مناشدا الأطراف جميعا بالتوصل إلى اتفاق يوقف هذه الحرب.
وشدد اللواء أمين إسماعيل مجذوب على أن الأهمية العسكرية لمدينة أمدرمان أنها تقطع سلاسل الإمداد لقوات الدعم السريع من غرب السودان وبالتالي يتم تأمين العاصمة تماما بقطع الإمدادات عن قوات الدعم السريع المتواجدة في العاصمة الخرطوم وفي منطقة شرق النيل. كما أن القوات المسلحة تقوم بتجميع كل القوات من شرق السودان وشمال السودان في قاعدة عسكرية في أمدرمان تعتبر رأس جسر يمكن منه الانطلاق إلى بقية الولايات التي تأثرت بالحرب وتحرير بقية مناطق العاصمة.
واعتبر الخبير العسكري والأمني أن الإذاعة والتلفزيون هي معاني أكثر منها مباني لجهة أن الشعب السوداني يتأثر بانطلاق صوت هنا امدرمان والقناة القومية السودانية من المباني الرئيسية لذلك هو نصر معنوي كبير بجانب تأمين المحور الشرقي. فالإذاعة والتلفزيون وحي الملازمين تجاور نهر النيل وبالتالي تأمين هذا الطريق المحاذي للنيل ما يعني انفتاح الاتصال بين جنوب أمدرمان وشمال أمدرمان ووسطها بسهولة وتطهيرها من بقايا الدعم السريع.
وحول استمرار تواجد الدعم السريع في بعض مناطق أمدرمان مثل أمبدة والفتيحاب والصالحة وتأثيره على المعارك الدائرة، أوضح اللواء أمين إسماعيل مجذوب أن هناك إنسحاب للقوات من الإذاعة والتلفزيون بكثافة اليوم وتبعتها انسحابات بسيطة في الفتيحاب وفي الصالحة متوقعا أن يكون هناك اندفاع من سلاح المهندسين ومنطقة كرري العسكرية نحو هذه المناطق التي تشهد معارك أصلا. كما أن الدعم السريع يعاني من مشاكل في القيادة والسيطرة وأصبح مقسما لمجموعات تتحرك كل منها حسب توجيهات وتقديرات القائد الموجود على الأرض، لذا اعتقد أن أمر أمدرمان قد انتهى ويجب التركيز على المناطق الأخرى.
وتوقع الخبير الأمني والعسكري أن تمتد العمليات إلى الخرطوم لتطهير القصر الرئاسي والقيادة العامة ومن ثم شرق النيل حتى يتم تأمين ولاية الجزيرة من الناحية الشرقية ومن الطريق الغربي.
وتتمتع مباني الإذاعة والتلفزيون في امدرمان بمعاني رمزية مهمة أخرى حيث انها كانت تاريخيا الموقع الذي يبدأ منه تأكيد السيطرة على السلطة المركزية في السودان وإبلاغ المواطنين بها عبر موجات الاثير.
على امتداد التاريخ منذ الاستقلال كانت الانقلابات العسكرية المتتالية، الناجحة منها والفاشلة، تبدأ بالسيطرة على القيادة العامة للجيش ومبنى الإذاعة والتلفزيون وغالبا ما نجح من يسيطر على الموقعين في السيطرة على السلطة في السودان.
يضم حوش الإذاعة والتلفزيون، كما يسميه العاملون فيه، حاليا استوديوهات الإذاعة والتلفزيون وإدارة الفنون الشعبية ويقع في ركنه الجنوبي الشرقي مبنى المسرح القومي أحد اهم المعالم الثقافية الوطنية في امدرمان ويضم الحوش أيضا قناة النيل الأزرق ومسرح الفنون الشعبية ومسرح الأكروبات ومباني هيئة الملكية الفكرية. ويقع جنوبه مباشرة عبر شارع يبلغ عرضه خمسين مترا منزل الراحل السيد الصادق المهدي زعيم حزب الامة وحي الملازمين التاريخي.