السودان.. هل بدأ تسطيح المنحنى؟

هذا التعبير الصحي المتصل بأزمة كوفيد-19، الذي يشير إلى استقرار مؤشرات الإصابة عند عدد معين لفترة محددة، سأستعيره هنا لوصف الحالة السودانية. وبداية، ينبغي الترحم على شهداء الثورة منذ انطلاقتها وحتى السبت الماضي، والدعاء بالشفاء لمصابيها، وثانيا، ينبغي الالتفات إلى حقيقة هامة وهي أن “تسطيح المنحنى” في حالتنا مرتبط بعدة عوامل، إذا استقرت ثبت المنحنى، وإذا تفاعلت بصورة معينة، فسيتغير تبعا لذلك منحنى الراهن السياسي السوداني، ولكن بصورة ما سيثبت المنحنى بناء على معطيات عدة، وهذا من صالح الفريق البرهان ومؤيديه، بلا شك.

 

بقلم / مختار خواجة

 

هذا التعبير الصحي المتصل بأزمة كوفيد-19، الذي يشير إلى استقرار مؤشرات الإصابة عند عدد معين لفترة محددة، سأستعيره هنا لوصف الحالة السودانية. وبداية، ينبغي الترحم على شهداء الثورة منذ انطلاقتها وحتى السبت الماضي، والدعاء بالشفاء لمصابيها، وثانيا، ينبغي الالتفات إلى حقيقة هامة وهي أن "تسطيح المنحنى" في حالتنا مرتبط بعدة عوامل، إذا استقرت ثبت المنحنى، وإذا تفاعلت بصورة معينة، فسيتغير تبعا لذلك منحنى الراهن السياسي السوداني، ولكن بصورة ما سيثبت المنحنى بناء على معطيات عدة، وهذا من صالح الفريق البرهان ومؤيديه، بلا شك.

فأول ما يمكن أن يقود إلى تسطيح المنحنى تشكيل الفريق البرهان لمجلس سيادة جديد، الذي ضم شخصيات محسوبة على قوى الحرية والتغيير، مع استمرار الترشيحات لرئاسة الوزراء، إذ عادت التكهنات تحوم حول اسم هنود أبيا كدوف، ومجلس السيادة الجديد يضم ممثلين لأقاليم السودان المختلفة، في حين أن كدوف رجل من جبال النوبا قانوني ضليع؛ فإن تولى كدوف المنصب، فسيكون أول نوباوي وغير عربي -ليست العربية لغته الأصلية- يتسنمه، وهذه ستكون خطوة لصالح قومية الدولة السودانية بلا شك، ولكن ليتها كانت في سياق مختلف.

 

كيف أعاودك وهذا أثر فأسك؟

 

المظاهرات -بدورها- ستكون جزءا من تسطيح المنحنى، إذ ستغدو إلفا وعادة، وسيديرها الناشطون بكفاءة، وسيجري قمعها كذلك بكفاءة. وفي المقابل، فإن للبرهان من يؤيده من الجمهور المغمور بعاطفة دينية هيجتها بعض تصريحات متطرفي اليسار. سياسيا، يواجه السياسيون المعارضون لقرارات البرهان أزمة وجودية؛ فانضمام قطاع عريض محسوب عليها إلى مجلس السيادة سيؤدي إلى تشوه في صورتها وسيرتها السياسية. ومن ناحية أخرى، فقد اتحدت بقية القوى، وكأني ببعض من لم يظفر من غنائم السلطة إلا بخفي حنين قد آثر العودة إلى ما يحسنه: المعارضة. ولكن "كيف أعاودك وهذا أثر فأسك؟"

ورغم كثرة المنضوين تحت لواء الحركة الجديدة، فإن حزب الأمة هو ركيزة هذه الحركة، والبقية إما أنها ستثبت، أو ستنشطر لوجود زعمائها في مجلس السيادة الجديد.

أفريقيًا، سيمضي موسى فكي لإيجاد حل من نوع ما، فهو ممن بذل جهده ووقته وسعى وأبدى اهتماما كبيرا بالاتفاق والوصول إلى الوثيقة الدستورية، فنتجت لحظة من الفرح المثالي المصاحب دائما للثورات، وجاءت بعد تلك السكرة أفكار، انتبه من انتبه، وغفل من غفل، وكل هذا سينضم أيضا لموضوع تسطيح المنحنى، ولن يكون الفريق البرهان في موقع المضطر لقبول شيء ما، خاصة أن الأفارقة تباطؤوا في المبادرة بحل، وفي إثيوبيا شغل كاف لهم الآن ولاحقا لبضعة أشهر.

أما عصا العقوبات التي يشهرها الأوروبيون والغربيون عموما، فهي ليست قضية هامة بالنسبة للفريق البرهان في ما يبدو، فالبدائل الدولية في المعسكر المقابل متاحة وموجودة، وستعمل على تخفيف أي عقوبات أو إجراءات؛ فروسيا بوصولها إلى البحر الأحمر ستكون قد نجحت في تحقيق حلم عمره 500 عام، غامرت لأجله في فارس القاجارية والبهلوية، وقاتلت العثمانيين، وخاضت الحربين الأولى والثانية، والباردة فوق ذلك، ووصلت للمتوسط في حميميم، والآن للبحر الأحمر أيضا. كما أن روسيا ستهتم بثروات السودان، أما الصين، فتأمل في معادن السودان خاصة، وترغب في تثبيت خريطتها الأفريقية للحزام والطريق كما ذكرنا سابقا.

إن تسطيح المنحنى سيكون موقوتا بما سلف من عوامل، وعلاوة عليه وضوح ونجاح أي برنامج اقتصادي، أو انفتاح سياسي مقبل، وعلى معارضي الفريق البرهان أن يعدوا العدة للانتخابات المقبلة، والعمل بجدية لها، وعلى البرهان العمل لتحسين الوضع الاقتصادي ليتمكن من تبريد احتقانات الشارع.. التي لا يؤمن متى تنفجر، فيفارق المنحنى تسطحه، ويعاود الصعود..