السودان نحو الحرب الاهلية..مجازر وانتهاكات واختفاء قسري تحت ذريعة الخلايا النائمة

خريطة جمهورية السودان - المصدر ويكيبيديا

كمبالا: الخميس 28 ديسمبر 2023: راديو دبنقا

 تقرير: عبد المنعم مادبو

 بدأت ملامح اكثر خطورة للحرب التي تشهدها السودان بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع بمحاولات جر البلاد الى الحرب الاهلية، بعد ان ارتفع خطاب الكراهية والدعوات العنصرية عقب دخول قوات الدعم السريع الى مدينة ود مدني وسط السودان وباتت ولايات في شمال وشرق السودان مهددة بالاجتياح، الأمر الذي دفع الاستخبارات العسكرية وقوات الأمن والشرطة الى ارتكاب مجاذر وانتهاكات ضد أبناء غرب السودان الذين يقطنون في تلك الولايات الأمر الذي اثار موجة انتقادات واسعة.

ففي اليوم السابق لسقوط مدينة ود مدني في أيدي الدعم السريع بثت منصات تابعة للقوات المسلحة مقطع فيديو لعشرات الشباب المدنيين يرتدون زياً مدنياً تمت تصفيتهم بصورة بشعة بعد ان ألقي القبض عليهم بواسطة استخبارات الجيش السوداني، وتحدث ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي عن اعتقالات واسعة طالت أبناء دارفور وكردفان في “مدني وسنار وكسلا، والقضارف، وبورتسودان” بينما نشر المكتب الصحفي للشرطة السودانية يوم 19 ديسمبر الجاري صوراً لأكثر من 10 شاب تبدو ملامحهم من غربي السودان تم القبض عليهم بواسطة شرطة نهر النيل بتهمة انهم خلايا نائمة تتبع لقوات الدعم السريع.

استغاثات وقلق

 حصل راديو دبنقا على تسجيلات صوتية لشباب من جنوب دارفور يعملون في مناطق الذهب في ولايتي نهر النيل والشمالية يبلغون ذويهم بالمخاطر التي تحيط بهم جراء استهداف ابناء غرب السودان خاصة من القبائل العربية، وذكر أحدهم ان حياتهم في خطر، وأن مجموعة من زملائهم ذهبوا من المنجم الذي يعملون فيه الى المدينة فتم القبض عليهم، ولم يدروا عنهم شئ بعد ذلك، بينما هناك مجموعة أخرى من الشباب تمت تصفيتهم، واضاف: علمنا ان هناك حملة سيتم تنظيمها في مناجم الذهب للقبض على كل ابناء دارفور من القبائل العربية.فيما قال منبر دارفور للعدالة انه يتابع بقلق شديد حملات الاعتقالات التي استهدفت مواطنين سودانيين ينحدرون من غرب السودان في ولايات “نهر النيل- القضارف- كسلا- بورتسودان” تحت زريعة الخلايا النائمة.  

ونبه المنبر- في تعميم صحفي حصلت عليه راديو دبنقا- الى انه ازاء هذا الاستهداف والحملات الممنهجة فقد عدد كبير من المواطنين المتواجدين فى الشمال والشرق الاتصالات بأسرهم ما يعني انهم يواجهون مصيراً مجهولاً، واشار الى ان عدداً من العاملين في مناجم الذهب بمناطق شمال السودان بعثوا رسائل استغاثة مفادها: انهم يواجهون خطر الاعتقال والتصفية وأخبروا زويهم بأنهم فى حال وجدوا هواتفهم مغلقة فان ذلك يعني اعتقالهم اوتصفيتهم من قبل الجيش أو بواسطة متطرفين قبليين تدعمهم السلطات فى تلك المناطق.

ولم تتوقف الانتهاكات ضد الشباب من الغرب في ولايات شمال السودان وانما وصلت مدن “سنار وكسلا والقضارف، وبورتسودان” خاصة في الايام التي سبقت سقوط مدينة ود مدني وبعد سقوطها، وقال شاب من مدينة كسلا لراديو دبنقا “ان استخبارات الجيش في كسلا نفذت يوم سقوط مدني حملة ضد كل الشباب القادمين من غربي السودان، فيما كشفت ناشطة مجتمعية متواجدة في بورتسودان ان السلطات نفذت حملات عنصرية ضد الشباب القادمين من ولايات غربي السودان، وذكرت لراديو دبنقا ان الحملات استهدفت الشباب الذي يعملون في الاعمال الهامشية في الاسواق- اصحاب الدرداقات والطبالي- على اساس اثني وجهوي فقط لأنهم من دارفور وكردفان.

استهداف ابناء الشرق

تجمع شباب بني عامر والحباب شرقي السودان كشف كذلك عن اعتقالات تعسفية على اساس إثني قامت بها الاستخبارات العسكرية للجيش السوداني ببورتسودان بعد سقوط مدينة ود مدني طالت عدداً من الشباب العاملين في مصنع للمواد البلاستيكية بمنطقة الشاحنات “بالمنطقة الصناعية” واحد المخابز بسبب أنهم ينتمون الى مكون بني عامر والحباب، واتهمتهم بالانتماء لقوات الدعم السريع، وطالب التجمع القوات المسلحة بإطلاق سراح الشباب وايقاف جرائمها على أسس القبلية والجهوية.

خطاب كراهية واختفاء قسري

ويقول المركز الحقوقي الموحد ان حملات خطاب الكراهية والتمييز على اساس عنصري عرقي تصاعدت بصورة تنبء بوصول الاستقطاب الى مستويات خطرة قد تنقل الصراع في السودان من اطاره السياسي بين قوتين عسكريتين الى صراع على اساس الهوية.

واشار الى انه رصد بث عدة جهات تابعة لطرفي الحرب- أبرزها غرف اعلامية تتبع للنظام السابق- مقاطع فيديو لاعتقالات وتعذيب لمدنيين من خلفيات عرقية وجهوية معينة، كما رصد خطابات رسمية مزيفة تأمر باعتقال كل من ينتمي لمجموعات معينة، وذلك بالتزامن مع اعلان حالة الطوارئ في عدة ولايات، وقال المركز- في تقريره لشهر ديسمبر- ان مدن وولايات تقع تحت سيطرة القوات المسلحة شهدت حملة اعتقالات لمجموعات مدنية تنحدر أصولها من اقاليم دارفور وكردفان.

ونبه التقرير الى تزايد جريمة الاختفاء القسري للمدنيين في شهر ديسمبر بشكل ملحوظ وخطير، في ظل اتهامات يوجهها الجيش للذين يقفون ضد الحرب بأنهم يتعاونون مع الدعم السريع، وكذلك قوات الدعم السريع تقوم باعتقال المدنيين تحت دعاوى وتهم التبعية للقوات المسلحة، واشار الى ان القوات المسلحة نفذت اعتقالات على أسس جهوية اختفى على اثرها على كبير من المدنيين في ولايات سنار والقضارف وبورتسودان ونهر النيل بعد أحداث مدني. واضاف: وردنا عدد هائل من البلاغات لحالات الاختفاء القصري، خاصة بعد سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة ود مدني.

اصوات مناهضة

في ظل هذه الدعوات التي صنفت بأنها عنصرية تعالت الاصوات المناهضة لها والتحذير من عواقب هذه الممارسات العنصرية، في مقدمة هذه الاصوات تحذيرات بيان صادر من أبناء شندي والمتمة بولاية نهر النيل الذين اعلنوا فيه رفضهم للاستهداف العرقي والجهوي لابناء غرب السودان، وقال البيان “نشعر بالغضب والأسي والحزن جراء مسلك الإستهداف الإثني والقبيلي في ولاية نهر النيل لمواطنين سودانيين يجمعهم معنا الوطن يعيشون بشكل سلمي إنساني لسنين مضت جراء تعرضهم للإعتقال أو إغلاق وقطع مصادر أكل عيشهم.

وطالب البيان الجهات المرتكبة لهذا الفعل- الذي وصفه بالبغيض ولا يشبه أهل المنطقة المعروفين بإكرام الضيف ونجدة الملهوف- بأن يتوقفوا فوراً عن هذا السلوك وعليهم ان يتحملوا وحدهم وزر هذا المسلك، ويمتنعوا عن صنع أجواء الكراهية وإحياء النعرات البائدة، ودعا الي الإلتزام بتنفيذ الإجراءات القانونية على كل من لديه جرم دونما النظر الى الأصول الإثنية أو القبلية، كما طالب الجهات المعنية بولاية نهر النيل بإطلاق سراح كل الأبرياء الموقوفين جراء هذا الاستهداف غير المبرر، وتقديم كل مشتبه فيه إلى محكمة عادلة تتوفر فيها كل حقوقه كمتهم برئ حتى تثبت إدانته.

بينما اصدر المكتب القيادي لمؤتمر البجا المعارض عقب اجتماع امس الاثنين بياناً اعرب فيه عن رفضه للانتهاكات التي يرتكبها طرفا الحرب ضد المدنيين في السودان، وادان البيان- الذي حصلت عليه راديو دبنقا- ما وصفها بالانتهاكات التي يتعرض لها المدنيين من قبل طرفي النزاع وخصوصاً القتل على اساس الهوية، وقال ان وقف الانتهاكات لن يتحقق إلا بوقف الحرب نفسها.

حملة حرية وعودة

في الاثناء اطلق محامون وناشطون حملة اطلق عليها “حرية وعودة” للتضامن مع المعتقلين والمختفيين قسرياً ومناهضة جريمة الاختفاء القسري ودعت ذوي المعتقلين واسرهم والفاعلين ومنظمات المجتمع المدني ومجموعات حقوق الانسان المحلية والدولية لرصد وتوثيق هذه الانتهاكات التي تخالف اتفاقية مناهضة التعذيب والاختفاء القسري والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والقانون الدولي الانساني الذي يلوم اطراف المتحاربة بحماية المدنيين وعدم تعريضهم للخطر.