معدنون باحدي مواقع التعدين الأهلي ـ أرشيف دبنقا

حنوب كردفان : 4 مارس 2024 :(راديو دبنقا )

تقرير: امين رمضان

أبدت مجتمعات محلية بمحليتي التضامن وتلودى بولاية جنوب كردفان انزعاجها من الهجمة الشرسة للشركات العاملة في مجال معالجة مخلفات التعدين الأهلي (الكرتة) التي تستخدم فيها مواد ضارة بصحة الانسان والبيئة. وافاد ناشطون في مجال حماية البيئة في جنوب كردفان راديو دبنقا ان حجم انشطة التعدين التي تستخدم فيها مادتي السيانيد والسيوريا ارتفع بصورة مخيفة بعد اندلاع الحرب في ابريل 2023م .

(100) مصنع تعدين بتلودي والتضامن

وبلغ عدد الخلاطات والمصانع العاملة في معالجة (الكرتة) في محليتي تلودي والتضامن حوالي (100) مصنع موزعة على (10) مواقع للتعدين بالمحليتين. وأوضحوا ان هذه الأنشطة باتت تشكل خطورة حقيقية على صحة الانسان والحيوان والبيئة المحيطة وذلك جراء استخدامها مواد سامة وفي احواض مفتوحة وبالقرب من المواقع السكنية ومصادر المياه، كما انها باتت تشكل مهددا أمنيا خطيرا على المجتمعات المحلية بسبب السياسات التي اتبعتها السلطات مؤخرا لإدارة هذه الأنشطة. واتهموا الجهات الرسمية على المستويين المحلي والاتحادي بالوقوف وراء هذه الأنشطة بغرض سد عجزها في الإيرادات المالية التي تأثرت بالحرب الدائرة الان متجاهلة صحة الانسان وبيئته بولاية جنوب كردفان.

مناطق التعدين جنوب كردفان – راديو دبنقا

محلية التضامن مخاطر جديه

وكشف ناشطون ومنظمات في مجال حماية البيئة بمحلية التضامن عن وجود أكثر من (70) خلاطات ومصنع لمعالجة مخلفات التعدين الأهلي بالمحلية. وقال نشطاء في مجال حماية البيئة في المحلية لراديو دبنقا ان الأنشطة التعدينية منتشرة بصورة كثيفة في مناطق بلولة، منجم سفوره، ريبا والكمُور . واوضحوا ان هذه المواقع تقع على بعد اقل من (2) كلم من الاحياء السكنية والفرقان، وعلى مقربة ايضا من مجاري المياه.
واشاروا إلى ان من بين هذه المجاري خور الجيلاب الرئيسي الذي يصب مياهه الملوثة على مشاريع القرضة الزراعية شرق مدينة الترتر وهو ما قد يشكل مهددا للامن الغذائي لسكان المنطقة. واوضحوا ان من بين الاضرار المرئية لهذه الأنشطة ارتفاع نسبة حالات الإصابة بأمراض السرطان والحميات والاجنة المشوهة ونفوق الحيوانات والطيور بالمنطقة. واشاروا ايضا الى مضار اخري منها تسبب هذه الانشطة في تقسيم المجتمعات المحلية وتحولها الي نزاعات فيما بينها كادت في بعضها ان تؤدي الي وقوع نزاعات مسلحة مستشهدا في ذلك بما حدث في منطقة بلولة.

قمع الأجهزة الأمنية

وقال أحد الناشطين في مجال حماية البيئة في مدينة الترتر لراديو دبنقا ان المجتمعات المحلية والنشطاء واجهوا هذه الأنشطة بالرفض إلا ان الأجهزة الأمنية واجتهم بالاعتقالات والتحقيقات. واستشهد في هذا الخصوص بمحاولة السلطات اعتقال الدكتور بابكر لنشاطه البارز في حماية البيئة عبر تلفيق تهم زائفة في مواجهته من بينها اتهامه بموالاة الدعم السريع وتجنيد افراد لصالحها. واضاف (لولا تدخل الاعيان ومقابلة قائد الفرقة (14) في ابوجبيهة لتم اعتقاله) وأوضح ان منظمات المجتمع المدني في الولاية نجحت في وقت سابق في إيقاف أنشطة التعدين على مستوى الولاية (ولكن بعد انقلاب 25اكتوبر 2023م أتت الشركة السودانية للموارد المعدنية واقامت مؤتمرا استطاعت خلاله تزوير الأصوات الحقيقية للمجتمعات المحلية واعادت أنشطة التعدين مجددا.) على حد قوله. وأوضح انه وعقب زيارة الفريق شمس الدين كباشي الي المحلية في فبراير 2023م وجه بإيقاف كافة الأنشطة التعدينية بالمحلية، ولكنه الانشطة ظلت مستمرة ولم تتوقف (كما ان والي الولاية اخطرهم بان الفريق كباشي لم يصدر اي مكتوب بإيقاف انشطة التعدين بالمحلية.)

مناطق التعدين الاهلي بولاية جنوب كردفان – راديو دبنقا

غياب تام للسلطات المحلية:

في السياق نفسه كشف ناشطون من جنوب كردفان عن غياب تام لدور السلطات المحلية المتمثلة في الرقابة على الأنشطة. وقال أحد الناشطين في مجال حماية البيئة لراديو دبنقا انهم التقوا بالسيد فيصل المأمون المدير التنفيذي بالمحلية بخصوص مخالفة هذه الشركات لقوانين البيئة وسلامتها الا انه ارجع مسئولية هذه الأنشطة للشركة السودانية للموارد المعدنية وإدارة الموارد في الولاية. وقال ان السلطات (تتعذر الان بحاجتها للإيرادات المالية متجاهلين سلامة الانسان وبيئته.)
واتهم السلطات باللجوء إلى سياسات تقسيم المجتمعات المحلية بغرض تمرير اجندتها وذلك عبر التسويق لعدد من الخطابات منها الموافقة على عمل الشركات نظير حصول هذه المجتمعات على الخدمات ومشاريع البنية التحتية. وأشار إلى ان السلطات لجات كذلك للعمد (الادارات الاهلية) عن طريق تمكينهم من التعامل مباشر مع شركات التعدين عبر اصدارهم – العمد – تصاريح (خلو طرف) من النزاع على الأراضي التي تقع تحت سلطتهم ومنحها للشركات للاستثمار فيها مقابل عائد مادي للعمد وليس لمجتمعات على حد تعبيره.
ووصف الخدمات التي تقدمها الشركات للجمعات المحلية بانها (هزيلة) ولا تسوي شيئا مقارنة بالأضرار الصحية والبيئية الكبيرة الناجمة عن انشطة هذه الشركات التعدينية المقدمة مثل توفير الصيوانات وانشاء الحفائر. وقال ان معظم العمد مواليين للنظام السابق كما ان لجان المسؤولية المجتمعية المكونة على مستوي الولاية اغلبها من الامراء المعروفين بموالاتهم للنظام السابق.
واتهم النشطاء الذين تحدثوا لراديو دبنقا الشركة السودانية للموارد المعدنية بممارسة الخداع للمجتمعات المحلية: وقال ناشط في مجال حماية البيئة لراديو دبنقا انهم تلقوا وعود من الشركة السودانية بإيقاف انشطة التعدين إلا أن وعودها لم تر النور، بل زادت الأنشطة بعد اندلاع الحرب مشيرا الي انهم واجهوا الشركة السودانية للموارد المعدنية بمخالفات الشركات لقوانين البيئة واللوائح المنظمة لنشاط التعدين الا انها لم تتخذ أي إجراءات ضدها. وأوضح ان شركات التعدين تقوم بتسليح مواطنين في المنطقة لحماية مواقع أنشطتها وتمنع الأشخاص من الاقتراب منها.

مناطق التعدين الاهلي بولاية جنوب كردفان – راديو دبنقا

تلودي خطر داهم

وفي محلية تلودي اعلنت منظمات المجتمع رفضها لأنشطة التعدين التي تستخدم فيها مواد مضرة وطالبت بإيقافها فورا. وكشفت منظمات مجتمع مدني مناهضة لأنشطة التعدين بتلودي عن وجود أكثر من (30) خلاطا وعدد من المصانع الخاصة بمعالجة مخلفات التعدين الأهلي بالمحلية تستخدم فيها مواد ضارة بالصحة والبيئة.
وأفاد أحد الناشطين في مجال حماية البيئة بمدينة تلودي راديو دبنقا ان اجتماعا انعقد خلال الايام الماضية ضم الشباب ولجنة التنمية وبعض الاعيان والعمد بحضور ممثل الشركة السودانية للموارد المعدنية بالمحلية. واوضح ان الاجتماع امن على إيقاف هذه الأنشطة فورا. وقال ان الاجسام التي اجتمعت أبلغت لجنة الامن في المحلية على راسها المدير التنفيذي بقرار الاجتماع لكن تطبيق القرار قوبل بالمماطلة في وقت ظلت انشطة التعدين مستمرة. واتهمت السلطات المحلية بتورطها في هذه الأنشطة منها وحدات الجيش التي تقوم بترحيل المواد التي تستخدم في معالجة مخلفات التعدين بشاحناتها وقال ان هنالك نحو خمسة اطنان من السيانيد والسيوريا تم ترحيلها قبل أيام.
وكانت المجتمعات المحلية بمحلية تلودي عبرت مطلع فبراير الماضي عن مخاوفها جراء تكثيف شركات التعدين من أنشطتها في المحلية مستغلة ظروف الحرب الدائرة في البلاد.