الخبير في قضايا السلام عبدالله ديدان يدعو لتدخل دولي ووحدة القوى المدنية لوقف الحرب ومجابهة تجييش المدنيين  

الخبير في قضايا السلام وفض النزاعات ـ عبدالله ديدان ـ مصدر الصورة مواقع التواصل الاجتماعي

نيروبي: الجمعة 12/يناير/2024: راديو دبنقا
دعا الخبير في قضايا السلام وفض النزاعات عبدالله ديدان إلى تدخل دولي عبر قرار من مجلس الأمن الدولي، وعزا ذلك لضعف آليات دول الإيقاد في الزام قائدي الجيش والدعم السريع للجلوس للتفاوض، واعتبر أن المساعي الإقليمية والدولية لإيقاف الحرب تواجه بالكثير من العقبات.أبرزها أن الطرفين المتقاتلين لا يملكان القرار. ورأى بأن سبيل لوقف الحرب إلا التفاوض مؤكدًا استحالة أنتصار أحد الطرفين، مشيرًا إلى أن الطريق لوقف الحرب يتطلب وحدة القوى السياسية والمدنية والتعويل على دور أكبر للمجتمع المدني في تجسير العلاقة بين القوى السياسية، وتوحيد مواقفها لإنهاء الحرب داعيًا إلى تأجيل أي صراعات من أجل مصلحة الوطن، معددًا فرص نجاح المجتمع المدني الذي قال بأنه يتميز بصفات، تتمثل في استقلاليته من أي انتماء سياسي أو قبلي أوطائفي، وتحريره من ماسماه بالايدولوجيا، فضلًا عن تمثيل الشعب السوداني بمختلف مكوناته والتعبير عن مصالحه، ودعا القوى المدنية لمواجهة ما وصفه باستغفال المواطنين بشعار المقاومة الشعبية بتجييش وتسليح المدنيين منبهًا إلى أنه سينتج دعم سريع آخر، متهمًا الحركة الإسلامية باشعال الحرب ومحذرًا من أن تؤدي إلى حرب أهلية شاملة تؤدي إلى هلاك السودانيين وتفكيك السودان”، وحذر من انتقالها لدول الجوار الإقليمي وتهديدها للأمن والسلم الدوليين.وكشف عن أن الأوضاع الإنسانية السيئة التي يعيشها السودانيون داخل وخارج البلاد،  داعيًا إلى تدخل دولي عاجل من قبل المنظمات الإنسانية، لمقابلة احتياجاتهم الأساسية من غذاء ودواء ورعاية صحية وتعليم.

جولات ماكوكية وتهرب من اللقاء:
واعتبر الخبير في قضايا السلام وفض النزاعات عبدالله ديدان الذي شغل منصب مدير مكتب رئيس الوزراء السابق د.عبدالله حمدوك، أن مساعي الإيقاد، والاتحاد الأفريقي، الإدارة الأمريكية والحكومة السعودية لإيقاف الحرب تواجه بالكثير من العقبات. وفصَّل أولى هذه العقبات في أن الطرفين المتقاتلين لا يملكان القرار. وقال ديدان  في مقابلة مع “راديو دبنقا” أن كل طرف خلفه قوة ما تؤثر على موقفه من العملية التفاوضية والانخراط فيها. وأضاف أن القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق عبدالفتاح البرهان تتبع وتتلقى أوامرها وتعليماتها من الحركة الإسلامية، وقال إن هذا الأمر ظهر خلال عملية التوقيع على يبان وقف العدائيات في مفاوضات جدة وذكر بأن ما تم الاتفاق عليه لم يتم تنفيذه أيضًا.كما أشارإلى العقبة الثانية في تهرب الطرفين من الذهاب إلى جيبوتي حسب مقررات اجتماع  الأيقاد الأخير. والتأجيل الذي طلبه الجنرال قائد الدعم السريع الخاص بلقائه بالبرهان، واستهجن في ذات الوقت انخراطه في جولة مكوكية في الإقليم شملت الدول الأعضاء في الإيجاد، وقال بأنها ذات الجولة التي سبقه إليها البرهان قبل انعقاد قمة الإيجاد الأخيرة.وقال ديدان إنَّ كل طرف يريد أن يكسب مساحات للعمل مع دول الإيقاد ويقوي من موقفه التفاوضي عبر التأثير على مراكز القوة في دول الإيجاد، رأى أن ذلك بالضرورة ليس في مصلحة عملية صناعة السلام في السودان معتبرًا أن ذلك يعني التأجيل المستمر لأن الأمر واضح هو كيفية الوصول لوقف إطلاق نار.لكنه استدرك، صحيح، هنالك بعض التفاصيل متعلقة بعملية وقف إطلاق النار مثل المطالب التي يطرحها البرهان، بانسحاب قوات الدعم السريع من المناطق  التي سيطرت عليها في ولاية الجزيرة وغيرها من الولايات والأعيان المدنية، كما سماها، ومنازل المواطنين، وأشار أيضًا إلى أن قائد الدعم السريع يضع شروطًا تتعلق بالقبض على المعتقلين الإسلاميين من قيادات سلطة الإنقاذ وإرجاعهم إلى السجون، فضلًا عن مطالب أخرى.
تدخل دولي: 

وخلص الخبير في قضايا السلام وفض النزاعات عبدالله ديدان إلى أن كلا الطرفين يضعان شروطًا لمواجهة بعضهما البعض، مشيرًا إلى أن الشعب السوداني لا يستفيد منها، ونوه إلى أن وقف الحرب أو حتى وقف إطلاق نار بالحد الأدنى أصبح ضرورة ملحة جدًا، حتى ولو بتجميد قوات الطرفين في أماكنها حاليًا. كخطوة أولى ثم عدم استخدام السلاح نظرًا لمعاناة الناس. لكنه راى استحالة تنفيذ أي اتفاق إلا بتدخل دولي ونشر قوات دولية بتفويض من مجلس الأمن عازيًا ذلك لعدم وجود ثقة الآن في الطرفين المتقاتلين، كما أشار إلى وجود انفلات من قواتهم، وأن الطرفين لا يستطيعان السيطرة الآن على القوات التي تقاتل باسمهما سواءً كان الدعم السريع أوالقوات المسلحة، واعتبر ذلك أصبح واضحًا بعد دعوات الاستنفار وما وصفه بالتجييش المليشيوي للمواطنين، ونبه إلى أنه إعادة لإنتاج الأزمة نفسها، وقال يعني إعادة إنتاج دعم سريع جديد بواسطة القوات المسلحة والإسلاميين، ووصف عملية تجيش المواطنين بالفوضى العارمة في قوات الطرفين، وقال حتى عملية وقف اطلاق النار وخروج الدعم السريع من منازل المواطنين مطلب ضروري لكنه استبعد حدوثه دون وقف الحرب حتى يتمكن المواطنين من العودة إلى منازلهم.

العصا للطرفين والداعمين:
وأوضح ديدان في حواره مع “دبنقا” أن ايقاف الحرب في جيوبي يواجه عقبات تتعلق بعدم القدرة على فرض القرار لإيقاف الحرب، وقال أن الإيقاد ليس لديها ما سماه بـ”أسنان لأيقاف الحرب” ليس لديها ما وصفه بالعصا للضغط على الطرفين وأضاف بأنه ليس لديها قوة مجلس الأمن، واعتبر أن هذا يضعف من قدرة الايقاد لتستعجلهم للجلوس للتفاوض، وذكر بأن الطرفين يتهربان من عملية التفاوض وخاصة البرهان مشيرًا إلى أنها لاتستطيع أن تفعل حياله شئ، واردف: “ليست لديها الادوات والآليات اللازمة لفرض إرادتها بالقوة لاجبارهما للجلوس للتفاوض”.واعتبر أن هذه واحدة من المعضلات  المتعلقة ببعض التحالفات الإقليمية وقال حتى الاتحاد الإفريقي، عجز عن فرض إرادته على الطرفين المتقاتلين لإيقاف الحرب عبر مجلس السلم والأمن الإفريقي ورأى بأن هذه التحالفات تحتاج إلى مراجعة. ونبه القيادي المدني عبدالله ديدان إلى القول بأن هنا يبرز دورالقوى السياسية في إنها تضغط على الاتحاد الافريقي بأن يستعمل مجلس الأمن والسلم، قراراته ولديه تجربة في الصومال عندما تدخلت القوات الإفريقية المشكلة بأمر من مجلس السلم والأمن لفرض السلام بالقوة الجبرية الإفريقية المسلحة، وقال إنَّ هذه التجربة مطلوبة بشدة في السودان، لكنه استدرك بأن تعقيدات الحرب السودانية أكثر وأشد عسكرية مما كان يحدث في الصومال، لكنه أكد بوجود طرق لذلك بالتعاون مع مجلس الأمن الدولي وشدد على ما سماه باستخدام العصا مع الطرفين، واستخدام العصا الاقليمية والدولية مع الأطراف التي تدعم الطرفين والتي تمسك بخيوط اللعبة سواءً كانت أطراف إقلمية أودولية أو داخلية مثل تنظيم الحركة الاسلامية الذي يصفه بالإرهابي وقال بأنه يستثمر في هذه الحرب ويعمل بكل جهده على استمراريتها.

وحدة القوى السياسية ودور المجتمع المدني:

ورأى عبد الله ديدان أن الطريق إلى وقف الحرب يتطلب وحدة القوى السياسية المدنية، لتقوم بدورها في الضغط وبشدة على الفاعلين الأساسيين في هذه الحرب من المجتمع الإقليمي والدولي، واعتبر أن ذلك هو السبيل لممارسة الضغط على الطرفين المتقاتلين من أجل إيقاف هذه الحرب التي قال بأنها حرب خطيرة على السودان وعلى الإقليم برمته وعلى دول الجوار بشكل أخص. ولفت إلى دور منظمات المجتمع المدني السودانية، وقال أن المجتمع المدني لديه  إمكانية أن يلعب دور أكثر مما هو عليه الآن، منوهًا إلى أنه يمكنه تجسير العلاقة بين القوى السياسية السودانية المتناقضة الآن في بعض مواقفها ورؤيتها في إيقاف الحرب.وبعث الخبير في قضايا السلام وفض النزاعات، بنداء إلى القوى السياسية بإن هذه المرحلة من تاريخ السودان لا تحتاج إلى صراعات سياسية، ولا تباينات أيدلوجية، وإنما تحتاج إلى توحيد موقف سياسي وطني هدفه الأساسي إيقاف الحرب وإنقاذ السودانيين من الهلاك والسودان من الدمار الأبدي، وإنتشاله من الحرب الأهلية التي لاتبقي ولاتذر وحذر من أن تمضي إلى أبعد من ذلك لتصير إلى حرب ذات طابع إثني، قبلي وجهوي. واعتبر أن المجتمع المدني يمكنه لعب دور محوري وأكبر بوضع الدراسات والبحوث العاجلة والقراءات لمآلات هذه الحرب، ومسيرتها والتوقعات المستقبلية حال لم تقف وبالتالي الخروج برؤية موحدة لكيفية إيقاف الحرب، وطرحها على كل القوى السياسية الفاعلة بحيث تتوافق عليها والعمل مع بعضهما البعض “القوى السياسية المدنية والمجتمع المدني” من أجل تحقيق حلم الشعب السوداني بوقف هذه الحرب. وأكد على دور المجتمع المدني لكونه يتميز بصفات تمكنه من لعب هذا الدور، وقال أولى هذه الصفات تتمثل في الاستقلالية التي تمكنه من لعب هذا الدور كونه، متحرراً من الآيدولوجية، من الموقف السياسي والانتماء الطائفي والقبلي والجهوي والجغرافي. مشيرًا إلى أن هذا الأمر يعطيه الصفة الثانية المتمثلة في القدرة على التمثيل، وقال أن ذلك يجعله يمثل كل السودانيين ويعبر عنهم وعن مصالح كل الشعب السوداني المتضرر وهو الضحية الرئيسية لحرب الجنرالين.

رؤية لوقف الحرب:

ووضع ديدان عدد من الموجهات تمثل خطة عمل لمعالجة قضايا الحرب والسلام مشددًا على أن دور المجتمع المدني مطلوب وبشدة وفق الرؤية التي طرحها والقائمة على محاور أساسية تتمثل في آليات وقف الحرب، مشيرًا إلى أنها لن تقف إلا عبر التفاوض، وعزا ذلك إلى استحالة أن يقضي أي طرف من المتقاتلين على الآخر أو يحقق انتصارًا، ورهن تحقيق عملية التفاوض بتوحيد القوى المدنية حوله بتأثير وبرؤية واضحة ومدروسة ومفصلة من المجتمع المدني، وحول كيفية وضع أسس للتفاوض بين الاطراف المتقاتلة لإيقاف الحرب فقط دون الدخول في قضايا آخرى.واعتبر أن المحور الثاني يتمثل في العون الإنساني وكيفية تقديم المساعدات الإنسانية بكآفة أشكالها للسودانيين وكيف يتم تقديمها للشعب السوداني، مشيرًا إلى أنهم فقدوا كل شئ وتشردوا مابين نازحين ولاجئين، ولم يعد لديهم رعاية صحية ولاتعليم وقال إنَّهم لاتوجد لديهم حتى مصادر دخل لكسب العيش اليومي، وأضاف إنَّ هذا كله يدخل في مفهوم بناء هذه الرؤية ويجب تأسيسها أيضًا للتدخل حتى لفترة مابعد إيقاف الحرب. وأشار إلى أن المحور الثالث يتركز في نزع السلاح الذي قال بأنه بات منتشرًا في أيدي الجميع، واتهم الإسلاميين بتوزيعه تحت ستار المقاومة الشعبية، ونبه إلى أن هذه واحدة من المخاطر المهددات الكبيرة التي ستواجه عملية نزع السلاح،  وتوقع أن تسهم في زعزعة الأمن والاستقرار بعد إيقاف الحرب، وقال إنَّ السلاح بات منتشرًا عند القبائل وطرفي القتال يسلحان المواطنين متهمًا الإسلاميين بالاستمرار في تسليح المدنيين أيضًا باعتبارهم الممسكين بخيوط اللعبة وهم يقودون الحرب ويوجهونها كيفما يشآون.وحدد ديدان المحور الرابع والمتمثل في العدالة وعدم الإفلات من العقاب والمحاسبة وغيرها ورأى باستحالة تحقيقها حال لم تتوقف الحرب، وقال ذات الأمر يتعلق بالحديث عن المحاسبة والمسائلة واذا لم تتوحد القوى المدنية السياسية فإنه لايمكن المحاسبة ولا يمكن ايقاف الحرب أيضًا. وحذر من مغبة ترك قضية إيقاف الحرب في يد الجنرالين المتقاتلين ومن خلفهما جماعة الإسلام السياسي، وقال إنَّها لن تقف لأنهم يعملون على تغذيتها ويجتهدون من أجل نقلها إلى حرب أهلية تؤدي إلى تفكيك السودان، واتهم جهات إقليمية دولية لم يسمهم قال بأنهم لاعبيين أساسيين فيها ولديهم تأثير في هذه الحرب، مطالبًا بضرورة مخاطبتهم بشكل واضح إن كانت لديهم مصالح فلايمكنهم تحقيقها بتفكيك السودان ولايمكن تحقيقها بهذه الحرب.

الحاجة إلى تدخل إنساني عاجل:
وصف الخبير في قضايا السلام وفض النزاعات عبدالله ديدان في حديثه لـ”راديو دبنقا” وضع اللاجئين السودانيين  في دولة جنوب السودان، بأنه معقد داعيًا منظمات الأمم المتحدة العاملة في قطاع العون الإنساني وشركائها في المنظمات الدولية، للتدخل السريع وإجراء دراسات عن الوضع الإنساني.وأشار ديدان إلى الحاجة الماسة للتدخل السريع لمعالجة آثار الحرب النفسية على اللاجئين والتي بادية عليهم رجالًا ونساءً وأطفالًا، وقال إنَّ جميعهم يعانون من حالات نفسية سيئة، ورأى بأن العمليات السياسية التي تتم الآن من أجل إيقاف الحرب مثل مبادرة القوى المدنية “تقدم”، يجب أن تضع القضايا المتعلقة باللاجئيين والعون الإنساني في أجندتها الأساسية، لتوفير حلول للاجئين في المعسكرات في جنوب السودان أو في شرقي تشاد غربي إثيوبيا أو في يوغندا.  وأوصى بضرورة أن يعمل المجتمع الدولي في إطار تقديم الدعم والعون الإنساني للاجئين السودانيين، عن طريق بناء شراكات مع منظمات المجتمع المدني المحلية وعزا ذلك السبب إلى أنها لديها القدرة على الانتشار أكثر وسط المحتاجين، ولديها القدرة في حصر أعداد اللاجئين السودانيين وأماكن انتشارهم وتحديد احتياجاتهم توطئة لتقديم المساعدات الإنسانية.