محمد الشابك، الخبير في الشؤون الإنسانية والموظف الدولي،


أمستردام: الجمعة 23 فبراير 2024 (راديو دبنقا)
قال محمد الشابك، الخبير في الشؤون الإنسانية والموظف الدولي، أن الأمم المتحدة تتحدث حاليا عن أن نصف سكان السودان، أي 24 مليون شخص من أصل 48 مليون نسمة، يحتاجون إلى إعانات إنسانية وأن هناك 18 مليون منهم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد حسب خطة الاستجابة الإنسانية الأخيرة.
ونوه محمد الشابك في حديث لراديو دبنقا لتصريح للمدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمية في شرق أفريقيا، مايكل دانفورث، قبل أيام بأن لديهم معضلة كبيرة في الوصول إلى البيانات للتأكد من معدلات الجوع في السودان وأنهم قادرين على الوصول إلى 10 في المئة من الأشخاص الذين يحتاجون للمساعدة، وأضاف أنهم لن يستطيعوا إعلان المجاعة في السودان لأن لديهم نقص في البيانات. كما ذكر مايكل دانفورث أن 5 مليون شخص هم على شفا الكارثة بسبب نقص الغذاء.

ثاني أسوأ تصنيف لحالات الطوارئ:
واعتبر محمد الشابك في حديثه لراديو دبنقا أن هذا هو ثاني أسوأ تصنيف يعتمده برنامج الأغذية العالمية لحالات الطوارئ. أسوأ تصنيف هو المجاعة، لكن عندما يصل الحديث إلى حد أن 5 مليون سوداني يعانون من سوء التغذية وعلى شفا كارثة بسبب نقص الغذاء ويعتبر هذا المعدل عالي جدا.

ومضى محمد الشابك قائلا إن هناك دلائل تؤكد هذا الواقع وفي مقدمتها فشل الموسم الزراعي في بعض المناطق، وحتى من نجحوا في زراعة أراضيهم عاجزون عن حصاد انتاجها، هناك مناطق كثيرة من دارفور تؤمن الغذاء المحلي لفئات واسعة لم تستطع زراعة أراضيها ومن استطاع أن يزرع فشل في أن يحصد. وهناك صعوبة في إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين في مناطق النزاع وخصوصا في دارفور وجنوب وغرب كردفان. كل هذه العوامل تعطي مؤشرات على أن هناك أزمة غذاء أو أن كارثة إنسانية سوف تحدث في السودان في الفترة القادمة.


ضرورة فتح الممرات الإنسانية:
وفي إجابته على سؤال راديو دبنقا عن فتح الممرات الإنسانية، أكد محمد الشابك أن هناك تجارب عملية في هذا المضمار. في الفترة الأولى بعد اندلاع الحرب ومع بداية مفاوضات جدة تكونت آلية من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة وكانت تعمل من جدة وبمشاركة طرفي النزاع. لكن نجاحها كان محدودا بسبب صعوبات في تطبيق الاتفاق بالرغم من حدوث تنسيق مع مكتب الأمم المتحدة الموجود في بورتسودان. الاحتياجات بالطلبات اللوجستية بالحوجة لممرات آمنة كانت تقدم عبر تجمع مجموعة من وكالات الأمم المتحدة وتقديم طلب بأنهم يرغبون في تحريك قوافل إلى كوستي أو الفاشر. لكن التنسيق كان أمر صعبا خصوصا لجهة تنزيل الاتفاق من مستوى القيادات العليا في جدة إلى الأرض بسبب تحديات كثيرة من بينها استبدال القادة الميدانيين وكل قائد يأتي برؤية وفهم جديد، تنفيذ الاتفاق من نقطة مرور إلى أخرى كان من الأمور الصعبة التي تستهلك وقتا طويلا. ورغم أن هذه الآلية لم تكن عملية، لأن تحريك 20 قافلة كانت يستغرق حوالي أسبوعين، إلا أن النجاح كان محدودا وكان يتحسن من فترة إلى أخرى. المحصلة النهائية كان توقف هذه الآلية.

تجربة عملية شريان الحياة:
وأشار محمد الشابك إلى أن السودان لديه تجربة واسعة في هذا المجال عبر عملية “شريان الحياة” التي انطلقت في بداية التسعينات وتوقفت بعد توقيع اتفاق السلام الشامل في العام 2005م. لكن فتح الممرات الإنسانية يحتاج لإرادة سياسية وتواصل دائم مع طرفي النزاع بالحديث المستمر مع كل طرفي الحرب، كما أن توفر الرغبة لدى الطرفين شرط ضروري لأن المجتمع الدولي لا يستطع فرض فتح الممرات الإنسانية. الحديث عن ممرات إنسانية بدون تنسيق مع طرفي الحرب يتم في العادة في حالات الحرب الدولية أو فرض المناطق العازلة، لذلك في الحالة السودانية لا نستطيع الحديث عن فتح ممرات إنسانية بدون الحديث مع طرفي النزاع وتكوين ألية تعمل على مدار الأربعة وعشرين ساعة.

آلية للتواصل والتنسيق:
وأضاف محمد الشابك في حديثه لراديو دبنقا أنه انطلاقا من عمل الآلية يمكن أن يتطور اتفاق أو إطار كما حدث في عملية “شريان الحياة” في التسعينات وبداية الألفية، بالرغم من الانتقادات التي وجهت لهذه العملية الإنسانية، لكنها الممرات الوحيدة التي اتاحت للمانحين والمنظمات الإنسانية أن يجتمعوا ويقرروا وينسقوا مع طرفي النزاع وتوصيل المساعدات الإنسانية. صحيح كانت هناك العديد من الاتهامات بأنه قد تم استغلال هذه العملية من جهات كثيرة، لكنها بالمقابل أنقذت أرواح كثيرة. وإذا كان المجتمع الدولي جاد، فعليه الضغط الآن لفتح أي شكل من أشكال الممرات الإنسانية لأنها تمثل أولوية قصوى في ظل الوضع الإنساني غير المسبوق الموجود الآن في السودان.