احتمال توقف “استارلينك”.. استمرار حرب الاتصالات ومخاوف من طوق العزلة

جهاز "استارلنك" ـ صورة من مواقع التواصل الاجتماعي

أمستردام: الخميس 18 أبريل 2024: راديو دبنقا

تقرير: سليمان سري
فوجي مشغلو خدمة “استارلينك” لخدمات الانترنت الفضائي في السودان بمنشور متداول على نطاق واسع، صادر من شركة “SpaceX” الأمريكية أطلقت فيه تحذيرًا لمستخدمي الانترنت الفضائي في عدد من الدول، من بينها السودان، بأن خدمات الانترنت عبر الأقمار الصناعية بخطة “التجوال الإقليمي” (Regional Plan) سوف تتوقف بنهاية الشهر الجاري بسبب انتهاك شروط وأحكام الاستخدام. وشمل التحذير أيضًا دول ليبيا وأثيوبيا وإرتريا وزيمبابوي.

لكن الشركة بمثل ما وضعت هذا التحذير قدمت معالجة تمثل مخرجًا للدول التي تستخدم خدمة “استارلينك”، وقالت يمكن لمن يرغب في تجاوز الحظر والاستمرار في الاستفادة من خدمات الانترنت الفضائي ترقية الخطة من الإقليمية إلى العالمية (Global Plan)، ولكن ذلك يتطلب زيادة في رسوم الاشتراك الشهري من (50-100) دولار إلى 200 دولار أمريكي (حوالي 250 ألف جنيه سوداني) وبذلك يمكنه استخدام الجهاز والتنقل به دون قيود في أي بقعة من العالم.

تضاربت آراء عدد من الذين استطلعهم “راديو دبنقا” حول إنهاء الخدمة، وما إذا كان الاشتراك في خدمة التجوال الدولي بدلاً من خدمة التجوال الإقليمي، الموضحة في منشور الشركة، بزيادة سعر الخدمة، يمثل حلاً لهذه الأزمة.

تحويل الباقة لاستمرار الخدمة:
بداية استبعد المهندس حسام عثمان محجوب، الذي عمل بعدد من شركات الاتصال في السودان من بينها شركة زين للاتصالات، في حديث لـ”راديو دبنقا” أن يكون الاشتراك في خدمة التجوال الدولي التي تم تحديدها بمبلغ 200 دولار بديلاً ومعالجة لضمان استمرار الخدمة، وشكك في الأخبار المتداولة بالدعوة لاستخدامه وقال أنها غير مسنودة بمصدر في شركة استارلينك، وقال حتى لو كان الحل في الاشتراك في خدمة التجوال الدولي فمن المؤكد أن الشركة ستعمل على إيقافها بنفس الأسباب التي أوقفت بها خدمة التجوال الإقليمي.

واستبعد المهندس حسام محجوب أن يكون قرار شركة “استارلينك”، بايقاف الخدمة، قد جاء استجابة لطلب من ما سماها بـ”حكومة الأمر الواقع” في بورتسودان وقطع بعدم تأثيرها على قرارات الشركة، لكنه لم يستبعد أن تكون هنالك شكوى مقدمة من إحدى الدول المتعاقدة مع “استارلينك”، ربما زيمبابوي وجنوب إفريقيا، قدمت اعتراضات لوقف الخدمة إلا أن المنظم لم يوافق.

غير أن المهندس عمار حمودة والذي عمل في شركات الاتصال أيضًا، يرى عكس ذلك وقال لـ”راديو دبنقا” أن الخدمة يمكن أن تستمر حال تم تطوير الباقة التي يشترك فيها العميل، بالانتقال لخدمة التجوال الدولي مع زيادة في الأسعار. بدلاً عن خدمة التجوال الإقليمي والتي ستنقطع بحسب قرار الشركة نهاية أبريل المقبل.

أما محمد أحمد الزبير، وهو من أوائل موردي أجهزة استارلينك قال لـ”راديو دبنقا” أن الأمر بسيط هو أن يحول مشغلي خدمة “استارلينك” من خدمة التجوال الإقليمي إلى التجوال الدولي، لضمان توفير واستمرار الخدمة.

الزبير امتدح الشركة واعتبرها احترمت عملائها وقال أنها اخطرت المستخدمين حتى نهاية شهر أبريل هو نوع من الاحترام، باعتبارهم عملاء لديها، وقال بدورنا سنعالج مشكلتنا بتنشيط خدمة التجوال الدولي. “قلوبالتي” وليس هنالك حلول أخرى.

شريان حياة:

واعتبر حمودة أن الحل والضمان الأمثل السماح لمقدم الخدمة لشركة “SpaceX” المشغل لـ “استارلينك”، أن تمارس وجودها بصورة قانونية داخل السودان، ليستفيد المواطنين من خدماتها خاصة من هم في المناطق النائية، التي تنقطع فيها الشبكة، ليكون فعلاً هنالك تواصل مشيرًا إلى أن السودانيين في وضع صعب جدًا.

وأشار إلى إنَّ هنالك مناطق ليس فيها خدمة انترنت لإجراء معاملات مالية أو التواصل والاطمئنان على الأهل، أوخلافه فالطريق الأقصر هو أن تحصل الشركة على وجود قانوني في السودان، واعتبر أن هذا الأمر يحل المسألة جذريًا، ولا حاجة حينها لتجوال إقليمي أو دولي، ويمكن لشركة “استارلينك” أن تقدم في الدولة خدمة أساسية وعادية.

وقال حمودة أن البعض يعتقد أن بإمكانه استخدام هذا الجهاز لمدة شهرين ثم يستبدله بجهاز آخر، احتمال أن يكون ذلك حلًا لكنه مؤقت، لكن الحل الأوفق أن يزيد سعر الاشتراك للحصول على خدمة التجوال العالمي، وبالتالي إذا اشترى الجهاز من أي مكان يمكن أن يستمتع بالخدمة من أي مكان.

واعتبر أن قطاع الاتصالات وغيره من القطاعات ليست هي في حد ذاتها مكانًا للنزاع لكن لارتباطها بخدمات مالية وربما ارتباطها بخدمات لها علاقة بالأمن وتتبع حركة المواطنين وغيره، جعلها ساحة لمعركة محتملة، وقال إذا كان للمتحاربين ذرة عقل واعتبار لمعاناة الناس من هذه الحرب هو أن يبتعدوا من هذه القطاعات التي تمثل شريان حياة للناس في قضاء معاملاتهم المالية تحديدًا والتواصل بين الناس والاطمئنان مع الذين تقطعت بهم السبل.

وعبر المهندس عمار حمودة عن اعتقاده بأن الاتصالات يجب أن تكون خدمة معنية بالمواطن أكثر من أن تكون ساحة للمعارك، أما قد تكون دخلت في هذه المواجهة، هنالك الأساليب الفنية والتفاهمات التي يمكن أن تتم لتقليل الأثر الذي يمكن أن يتركه دخول الحرب في هذا الجانب وعبر عن امله في ألا ندخل في هذه التعقيدات.

مورد استارلينك:

محمد أحمد الزبير، وهو أحد أوائل موردي أجهزة “استارلينك” ويقيم في فرنسا، وقال إنّه بدأ بإدخال هذه الأجهزة من 3 ـ 6 ثم وصل عددها إلى 12 جهاز، عبر جمهورية جنوب السودان لكنها فرضت رقابة قوية عليها ومنعت دخولها وصادرت منهم حوالي 6 أجهزة.

ونفى أن يكون لديهم تعامل مع قوات الدعم السريع لكنهم يبيعون لهم كأفراد مثل أي مواطن، وأوضح أن هنالك أجهزة تم بيعها لمواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش تمت مصادرتها وأعاد أفراد الجيش بيعها لأصحابها مرة أخرى.

ويقول إن تكلفة الجهاز في حدود 500 يورو بالإضافة إلى الاشتراك الشهري وهنالك نوعين من الباقة، قلوبال وسعر الاشتراك فيها بمبلغ 100 دولار وهي متاحة وتعمل في اي مكان لكن من عيوبها أنها لا تسمح لك بالبقاء في مكان واحد لمدة شهرين، ويجب على العميل عند تجديد الاشتراك أن يخرج من الدولة ويعود إليها مرة أخرى لبلده.

أما موبيل فإن سعر اشتراك الباقة 45 دولار وهذه هي الخدمة التي تم إيقافها لأنه غير مصرح بها وتحتاج تصديق من الشركة العالمية.

ويمضي الزبير قائلاً: بعد دفع الاشتراك يحصل الشخص على انترنت غير محدود ويغطي الجهاز خدمة 100 شخص، أما المدى الذي تغطيه الخدمة في حدود 200 متر لكن هنالك أجهزة متاح فيها تركيب أريل تعطي مدى يصل 400 متر.

وفي حين تبلغ تكلفة التشغيل لقيمة الاشتراك 100 دولار شهريًا مع الشحن بالطاقة الكهربائية أو بطارية شحن، بينما تتراوح أسعار بيع الخدمة للمواطنين من ولاية إلى أخرى ففي عدد من ولايات دارفور بعد أن بدأ السعر من 3 ألف للساعة الواحدة بدأ في الهبوط بعد توريد كميات كبيرة من الأجهزة حتى انخفض ألف و500 جنيه، وفي كردفان تتراوح أسعار الخدمة ما بين ألفين إلى ألفين و500، لكن في ولايات الجزيرة وصل سعر الخدمة إلى 4 آلاف جنيه.

الجيش والدعم السريع:
وقال الزبير إن الحكومة السودانية ممثلة في الهيئة القومية للاتصالات أصدرت قرارًا بمنع شراء وبيع واستخدام أجهزة استالينك، لكن بعد ذلك تراجعت عن قرارها وفتحت المجال للاستثمار في هذه الأجهزة وأدخلت الدولة كميات كبيرة في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش.

وأعتبر أن هذا ما تسبب في دفع الشركة لإيقاف الخدمة في السودان، وقال حتى خدمة قلوبال نفسها “التجوال العالمي” سيتم إيقافها في السودان، وأرجع ذلك إلى أن الجيش السوداني يستخدم هذه الأجهزة في الاتصالات بين أفراده مشيرًا إلى أن ذلك يخالف لوائح الشركة باعتبار توظيف أجهزة الاتصال لأغراض عسكرية واستخدامها في الحرب.

أما فيما يتعلق بقوات الدعم السريع فقال الزبير أن لديهم أفراد استثمروا في هذا المجال وكانوا يبيعون خدمة الانترنت الفضائي للمواطنين بالساعات، وبعض منهم ربط هذه الأجهزة في عرباتهم للتواصل مع بعضهم البعض، لكن في بعض الولايات كانت قوات الدعم السريع تقوم بحملات تفتيش ومصادرة للأجهزة من أصحاب ومشغلي أجهزة استارلينك، ومنعت استخدامها من المواطنين، بسبب تخوفهم من أن بعض المستخدمين يمثلون خلايا للجيش السوداني. ولديهم اتصالات بالجيش ولكن كلها مجرد اتهامات لم تثبت صحتها.

بديل لشركات الاتصال:
الصحفي عماد عبد الهادي قال لـ”راديو دبنقا” إنَّ جهاز استارلينك دخل السودان بعدة طرق عبر حدود السودان المفتوحة بتشاد، إفريقيا الوسطى، وليبيا وجنوب السودان، وقال أنه أصبح متاح ومتوفر وبكميات كبيرة وبسعات عالية.

وأعتبر أن خدمة “استارلينك” انقذت السودان في تفاصيله المختلفة من مشاكل كتيرة جدًا. أي أن المواطنين الذين شردتهم الحرب ولا يعلمون إلى أين يقودهم مصيرهم ولا يعرفون أين بقية أفراد أسرهم وأهلهم، استطاعوا التواصل عبر هذه الخدمة وقال إنَّ هذا الجهاز “استارلينك” ساهم في أن يربط كل هؤلاء مع بعضهم البعض.

بيد أنه اشتكى من ارتفاع الأسعار وقال إنَّها عالية، وكان سعر الساعة في البداية في حدود الألفين جنيه لم تكن فيها صعوبة شديدة، رغم الظروف الصعبة التي يمر بها البعض وحاجتهم للمال، لكن المبلغ يعتبر ضئيلاً مقابل التواصل مع الأهل في الشتات بأي شكل. لكن في المقابل لم تكن هنالك مشكلة في التواصل مع مشغلي هذه الأجهزة، حيث توفرت الخدمة في أي مكان مراكز اتصال أو بقالة أوغيره لم يجد الناس صعوبة في الحصول على الخدمة وأماكنها، وقال ( تستطيع أن تدفع مبلغ محدداً ليفتح لك صاحب الجهاز المجال للتواصل عبر هاتفك لفترات طويلة).
وقال عبد الهادي سمعنا أن الشركة ستوقف خدمة استارلينك نهاية الشهر الجاري لكنها وضعت شرط أسفل المنشور وقالت: بدلاً من أن يكون الاشتراك ضمن خدمة “التجوال الإقليمي” يمكن أن يتحول إلى خدمة “التجوال الدولي” بالتالي يمكن تجاوز موضوع قطع الخدمة وأن تتمتع بكل الميزات في الاتصال في شبكات الانترنت.
واعتبر أن “استارلينك” وفر خدمة كبيرة في الوقت الذي توقفت فيه كل خدمة شبكات الاتصال السودانية ” سوداني، زين، كنار وMTN” وحتى الآن هذه الشركات متوقفة عن عملها، والتواصل فقط عن طريق “استارلينك”، وحتى الصحفيين توفر لهم خدمة انترنت ممتازة جدًا يستطيعون من خلاله تحميل الصور والفيديوهات والدخول لكل المواقع المختلفة وتكون على تواصل مع مؤسستك في أي جهة في العالم.
وتواصل خدمة اتصالات زين وسوداني وام تي ان في الانقطاع من أجزاء واسعة بالبلاد.
وعبر الصحفي عماد عبد الهادي عن أمله في أن يقوم مشغلي الخدمة بتحويل الاشتراك من التجوال الإقليمي إلى خدمة التجوال العالمي، لأنه في المرحلة القادمة لن يكون هنالك خدمة من شركات الاتصال المعروفة في الفترة القريبة القادمة ولو توفرت خدمة الاتصال لن تتوفر خدمة الانترنت لأنه معدوم في مناطق كتيرة جدًا من أمدرمان وحتى غرب السودان، ولذلك لن يكون هنالك بديل لـ”استارلينك”، فمن أمدرمان وحتى غرب السودان لا يوجد شبكات لشركات الاتصال.