أهم الطائرات في ترسانة القوات الجوية السودانية

ميغ-29 - سلاح الجو السوداني

شادي عبد الحافظ

في الخامس عشر من أبريل الماضي رُصدت(1) طائرة مقاتلة من الجيل الرابع من طراز “ميغ-29″، أو “فلكروم” كما تُلقب في حلف الناتو، وهي تحلق على ارتفاع منخفض في سماء العاصمة السودانية الخرطوم وتطلق صواريخ جو-أرض، في أثناء مواجهات مع قوات الدعم السريع، المواجهات التي تسببت إلى الآن في سقوط مئات القتلى وآلاف المصابين مع شلل تام في الخدمات، ونداء دولي بوقف القتال قبل أن تدخل البلاد في نفق مظلم.

الميغ في السماء

حصل السودان على هذه الطائرات الروسية المنشأ في أوائل الألفية، وأصبح بذلك واحدا من خمس دول أفريقية تستخدم طائرات “ميغ-29” (MiG-29) بجانب كل من مصر وليبيا والجزائر وإريتريا. وتعد هذه الطائرات نقطة تفوق واضحة للجيش السوداني في المواجهات الحالية، فقوات الدعم السريع لا تمتلك قوة جوية، وهو ما يفسر خروج طائرات الميغ وتحليقها في سماء الخرطوم منذ اليوم الأول للمواجهات.

“ميغ-29” تحديدا لديها سمعة طيبة عالميا، وهي تتميز بمقدمة منتفخة تضم كلا من خزان الوقود وإلكترونيات الطيران بما في ذلك جهاز التشويش النشط. طُوِّرت الطائرة في السبعينيات لتلبية متطلبات القوات الجوية السوفيتية لمقاتلة خفيفة الوزن متعددة الأدوار، وكانت بمثابة رد تقني وعسكري على الطائرة الأميركية “F-16″، وقد انطلقت “ميغ-29” في أول رحلة لها عام 1977 وبعد نجاح تجريبي دخلت إلى الخدمة في الثمانينيات، لتحل محل سابقتها “ميغ-23”.

بفضل قدرتها المدهشة على المناورة(2)، التي حازتها بفضل تصميمها الديناميكي الهوائي المتقدم، أعادت طائرات “ميغ-29” ترسيخ سمعة الاتحاد السوفيتي كمنتج للطائرات المقاتلة القوية، يكفيك فقط أن تراها أثناء أداء مناورة قوية وهامة مثل “مناورة الكوبرا” بأناقة كي تظن أن هذه الطائرة يمكن أن تلوي عنق قوانين الطيران المعروفة.

لا يقف الأمر عند هذا الحد، فرغم أن “ميغ-29” صُممت بالأساس كمقاتلة دفاع جوي، إلا أنها تحولت بعد ذلك لتخدم أغراضا متنوعة منها إطلاق الصواريخ جو-أرض على الأهداف الأرضية، وليس المناورات في الجو فقط، بل ويصل الأمر إلى إمكانية تكليف هذه الطائرة بضربات نووية تكتيكية، حيث حملت في التجارب السوفييتية والروسية قنابل نووية من طراز “RN-40” بقوة انفجار تبلغ 30 كيلوطن. ومع سعر تنافسي جدا مقارنة بمنافستها الغربية “إف -16″، كانت الطائرة -ولا تزال- واحدة من أهم صادرات الروس العسكرية.

تستطيع هذه الطائرة حمل حوالي 3500 كيلوغرام من الأسلحة، من ضمنها صواريخ جو-جو وجو-أرض من أنواع مختلفة، وبشكل أساسي النوع “R-73″، إضافة إلى مدفع عيار 30 مم مع 150 طلقة، كذلك، يمكن للميغ أن تناور على مدى 1400 كيلومتر تقريبا من نقطة انطلاقها وهي بذلك أقل من منافستها الـ “إف-16″، لكنها على أي حال ليست طائرة قتال بعيدة المدى بل تتخصص في مناورات المدى القريب.

إلى السوخوي

بحسب تقرير القوات الجوية العالمي(3)، يمتلك السودان 10 طائرات نشطة من هذا النوع، لكن “ميغ-29” ليست الوحيدة، في الحقيقة فإن الترسانة الأساسية للقوات الجوية السودانية تحتوي على مجموعة أخرى من الطائرات سوفيتية/روسية الصنع، منها مثلا 7 طائرات من فئتي “ميغ-21” و”ميغ 23″، وكذلك 17 مقاتلة سوخوي من فئتي “سو-24″ و”سو-25”.

كانت الطائرة “سو-25” تحديدا قد لفتت الانتباه قبل عدة أشهر(4) حينما أعلنت وزارة الدفاع الروسية عودة إحدى وحداتها إلى القاعدة سليمة بعدما تلقت ضربات مميتة من قوات الدفاع الجوي الأوكرانية، ما يشير إلى صلابة هذه الطائرة، هذا لم يمنع الأوكرانيين بالطبع من إسقاط عدد من تلك الطائرات، إلا أن الطائرة لا تزال حتى اللحظة هي الدعامة الجوية الأساسية لأفواج الهجوم البري الروسية ومجموعات الانتشار السريع، وهي مشابهة إلى حد كبير للطائرة الأميركية “A-10”.

قام النموذج الأولي من هذه الطائرة بأول رحلة له عام 1975، وبعد إنتاجها قامت الطائرة بحوالي 60 ألف طلعة قتالية في أفغانستان إبان الغزو السوفييتي للبلاد، أدت هذه التجربة إلى إدخال مجموعة من التعديلات على الطائرة جعلتها فعَّالة بشكل أكبر في دعم التدخلات الروسية التالية في الشيشان ولاحقا في سوريا، ومثل “ميغ-29” تم تصدير “سو-25” على نطاق واسع واستُخدمت في العديد من النزاعات العسكرية. تبلغ القيمة الحالية للطائرة في حالة جيدة حوالي 11 مليون دولار.

تحتوي أجنحة الطائرة على(5) عشر منصات لحمل مجموعة متنوعة من أنظمة الأسلحة والصواريخ جو-جو وجو-أرض، كما يمكن تسليح المقاتلة بقنابل موجهة بالليزر وزن 350 – 670 كجم، إلى جانب القنابل العنقودية، وبأسفل الطائرة بندقية عيار 30 ملم مسلحة بـ 250 طلقة وهي قادرة على إطلاق النار بمعدل يبلغ 3000 طلقة في الدقيقة. لكن إلى جانب ما سبق تتميز الطائرة بمرونة للتعديل مع إمكانية إضافة منصات أسلحة مختلفة إلى جسمها.

أسلحة متنوعة

ولا يقف الأمر فقط عند الأسلحة الروسية، في الواقع كانت القوات الجوية السودانية في عام 2018 قد أعلنت عن نجاحها(6) في دمج الطائرات المقاتلة من الولايات المتحدة والصين وروسيا في شبكة واحدة لتبادل البيانات، ما يسهل التآزر بين تلك المنصات المختلفة أثناء العمليات القتالية. نعرف أن السودان كان قد حصل على مقاتلات خفيفة من طراز “جي-7” من الصين وكذلك من طراز “نانشينج كيو 5″، كما حصل على طائرات مقاتلة متعددة المهام من الجيل الثالث من طراز “إف-5 تايجر” من الولايات المتحدة.

وإلى جانب هذه الترسانة من الطائرات المقاتلة، فإن حصيلة القوات الجوية السودانية من الهليكوبتر المقاتلة تصل إلى 43 طائرة من نوع “ميل مي-24” (Mil Mi-24)، صاحبة التصميم الكلاسيكي مع دوار رئيسي خماسي الشفرات ودوار ذيل ثلاثي الشفرات مضاد لعزم الدوران.

تعد هذه الطائرة واحدة(7) من أشهر مروحيات الاقتحام والدعم النيراني للقوات في العالم، وبسبب قدراتها العالية وحجمها الضخم سميت بـ”الدبابة الطائرة”، وهي كذلك طائرة نقل قوات منخفضة السعة تتسع لثمانية جنود بكامل عتادهم، يمكن أن تضعهم مباشرة في أرض المعركة، ما يجعلها طائرة متعددة الوظائف. يمكن كذلك تعديل هذه الطائرة لأداء وظائف أكثر تنوعا، مثل إخلاء القوات أو لتصبح طائرة هجومية بشكل مباشر أو فقط لتساعد القوات بضرب أهداف أرضية بدقة شديدة.

بسبب فاعليتها الكبيرة، استخدمت هذه الطائرة على نطاق واسع وحضرت في العديد من الصراعات والحروب حول العالم، بداية من الصراع الدائر حاليًا في أوكرانيا، وكذلك في كل حروب أفغانستان، وفي نزاع مرتفعات قره باغ والصراعات في ليبيا وسوريا واستخدمت من قبل في السودان خلال النزاعات المسلحة الداخلية بين عامي 1995 و2005.

مي-24

إلى جانب “مي-24″، تمتلك القوات الجوية السودانية ثلاث طائرات هليكوبتر نقل من الفئة “مي-17” وكذلك 24 طائرة من فئة “مي-8″، والأخيرة كذلك هي طائرة للنقل، تعد الأكثر إنتاجا على مستوى العالم بتعداد يصل إلى 12 ألف طائرة، وتُستخدم في أكثر من 50 دولة في الأغراض العسكرية والمدنية. واعتبارا من عام 2015، عندما دُمجت المروحيتان (مي-8 ومي-17)، فإنهما أصبحتا في المركز الثالث لأكثر الطائرات العسكرية العملياتية شيوعا في العالم.

ما سبق بالطبع ليس كل ما تمتلكه القوات الجوية السودانية، فلا تزال هناك بعض الطائرات المقاتلة والهليكوبتر من طرازات أخرى، وكذلك طائرات النقل وعلى رأسها 10 نسخ من الـ “أنتونوف إيه إن 12” (An-12 Antonov)، إلى جانب منظومات الدفاع الجوي، لكن ما تحدثنا عنه هو مجموعة من العلامات الهامة في جعبة الجيش السوداني، والتي يمكن أن تلعب دورا فاصلا في المعارك إذا امتدت لفترة أطول، ولا نتمنى أن يحدث هذا بأي حال من الأحوال.

المصدر : الجزيرة نت