صور الأقمار الاصطناعية تؤكد تزايد معدلات الوفيات في الفاشر وحصار الدعم السريع للمدينة

صورة بالاقمار الاصطناعية تكشف عن زيادة القبول في مقابر مستشفى الرحمة-تقرير مختبر البحوث الإنسانية في جامعة ييل الأمريكية
أمستردام – 7 أغسطس 2025 – راديو دبنقا
كشف تقرير صادر عن مختبر البحوث الإنسانية التابع لكلية الصحة العامة بجامعة ييل الأميركية عن ارتفاع كبير في معدلات الوفيات بمدينة الفاشر، وذلك استنادًا إلى تحليل صور الأقمار الاصطناعية.
واعتمد التقرير الصادر أمس على تحليل صور التُقطت في الفترة ما بين 9 مايو و5 أغسطس 2025، حيث تم رصد ما لا يقل عن 378 مقبرة فردية جديدة في مناطق مدنية، معظمها داخل مخيم أبو شوك للنازحين، وأخرى قرب السوق الكبير في المدينة. كما تم تسجيل 349 مقبرة إضافية في مواقع عسكرية تابعة للقوات المسلحة السودانية، والقوات المشتركة، وقوات الدعم السريع.
وتشهد مدينة الفاشر قصفًا مدفعيًا مستمرًا وهجمات شبه يومية بالطائرات المُسيَّرة، إلى جانب المعارك البرية المتواصلة بين الجيش وحلفائه من جهة، وقوات الدعم السريع من جهة أخرى.


حصار مطبق
أثبت مختبر البحوث الإنسانية أن قوات الدعم السريع تفرض حصارًا كاملاً على مدينة الفاشر، وتسيطر على جميع الطرق المحيطة بها، وفقًا لتحليل صور الأقمار الاصطناعية.
وأشار التقرير إلى أن المدنيين الراغبين في مغادرة المدينة باتوا مضطرين للمرور عبر نقطة تفتيش ضيقة بعرض 50 مترًا، يتعرضون خلالها للانتهاكات، والسرقة، والإجبار على دفع رشاوى، وفي بعض الحالات القتل خارج نطاق القانون.
ورصد التقرير انتشار نقاط تفتيش تابعة لقوات الدعم السريع على كافة الطرق المؤدية للخروج من الفاشر، من بينها جدار ترابي (ساتر) شمال المدينة يمتد لمسافة 6 كيلومترات، مع وجود فتحة واحدة فقط للعبور. كما يُعتقد أن قوات الدعم السريع تستخدم هذه النقاط لفرض التحكم التام في حركة المدنيين، وسط تقارير متكررة عن ابتزاز، وسرقة، وقتل بدعوى البحث عن جنود.



وكانت جهات من بينها مجموعة محامي الطوارئ قد اتهمت قوات الدعم السريع بقتل 14 مدنيًا في قرني شمال غرب الفاشر بتاريخ 31 يوليو، وهو ما نفته الأخيرة.
من جانبهم، نفى عدد من قيادات تحالف تأسيس، من بينهم الطاهر حجر عضو المجلس الرئاسي، وجود حصار على المدينة، مؤكدين إمكانية خروج المدنيين.
ووجّه الهادي إدريس، حاكم إقليم دارفور بتحالف تأسيس، في تسجيل مصوّر، نداءً إلى المواطنين بمغادرة المدينة نحو البوابة الشمالية الغربية في منطقة قرني، والتي تبعد نحو 30 كيلومترًا، مع وعد بتوفير الحماية اللازمة.
قصف متكرر لأهداف مدنية
أوضح تقرير جامعة ييل أن القوات المتصارعة – الجيش والدعم السريع – استهدفت منشآت مدنية بشكل مباشر، من بينها سوقان، وثلاث مدارس، ومسجدان منذ يونيو الماضي. وأشار التقرير إلى أن بعض هذه المنشآت كانت تستخدم كملاجئ للنازحين أو مطابخ مجتمعية، مما يجعل استهدافها يمثل انتهاكًا خطيرًا للقانون الإنساني الدولي.

وضع إنساني متدهور
أكد التقرير أن المدنيين في الفاشر يعيشون أوضاعًا مأساوية، في ظل نقص حاد في الغذاء أدى إلى إغلاق المطابخ المجتمعية وغرف الطوارئ. وأشار إلى أن بعض السكان اضطروا للاعتماد على “الأمباز” – علف مخصص للحيوانات – كمصدر وحيد للتغذية، وهو ما بدأ هو الآخر في النفاد.
استنتاجات
خلص التقرير إلى أن المدنيين لم يعودوا قادرين على البقاء داخل المدينة في ظل الحصار الخانق، القصف المتكرر، الانتهاكات الواسعة، ونقص الغذاء والماء. ودعا التقرير إلى اتخاذ إجراءات عاجلة من قبل المجتمع الدولي لوقف ما وصفه بـ“الانهيار الكامل في الأمن الإنساني” بمدينة الفاشر.