د. مرتضى الغالي: مرسال الشوق! ..

هذا المساعد الرئاسي الذي وقف أمام سجن كوبر يخطب وهو يظن أنه يحمل بشرى إطلاق سراح السجناء الذين خرجوا

د. مرتضى الغالي(وكالات)

هذا المساعد الرئاسي الذي وقف أمام سجن كوبر يخطب وهو يظن أنه يحمل بشرى إطلاق سراح السجناء الذين خرجوا في احتجاج مشروع من حقهم كمواطنين، أمره مضحك بل هو مثيرٌ للرثاء..! فهو لا يدري أنه (مُرسال غير مأذون)! وموقعه إن كان يعلم أو لا يعلم هو في القلب من (عملية التمويه) حيث لم يتم إطلاق جميع السجناء (وجميعهم سجناء بغير جريرة)؛ ففي حين يقول ما معناه إن إطلاق بقية المعتقلين سيجري وفق اجراءات متتابعة، يصرّح (أولو الشأن) بأن إطلاق سراحهم سيكون رهناً بتحسين سلوك أحزابهم!!! وهما (مربط الناقة)! هل دار بخلد أحدكم هذه المفارقة؟ المؤتمر الوطني يتحدث عن (تحسين سلوك) الأحزاب! هذه والله ثامنة عجائب الدنيا السبع ورابعة الغول والعنقاء والخل الوفي! المؤتمر الوطني يتحدث عن تحسين السلوك السياسي وهو الحزب الذي لو أراد الناس الحديث عن انحرافاته و(قلايله) السياسية لما وسعتها مبالغات (أبو صلاح) عبقري الشعر الغنائي في وصف أشواقه: الشجر اوراق جميع والنيل مداد! أين أنتِ يا غابات فنلندا التي لو تم تحويرها جميعاً إلى (ورق فولسكاب) لعجزت ان تحمل كلمات تصف سلوك هذا الحزب منذ أن أهلّ على الناس بطلعته البهية إلى يوم الناس هذا! كيف يجوز وعلى أي قسطاس يتم احتجاز أفراد إلى أن يتم تحسين سلوك جهات أخرى؟ وحتى إذا أخذنا بكلامهم ماذنب الفرد المُحتجز وهو لا يملك تنفيذ ما يريده السجّان من حيث يستطيع التأثير على سلوك حزب كامل؟ أي عدالة في أن تحتجز فرداً من الناس وتضعه رهن الاعتقال حتى يحسّن الحزب الذي افترضت أنت انتمائه إليه سلوكه؟ هل شققت فؤاده لتعرف إلى أي حزب ينتمي؟ وهل خرج الناس احتجاجاً على الغلاء ورفض الفساد (المتسبّب الأول في الغلاء) أم خرجوا للتعبير عن الأحزاب؟ هل خرج هؤلاء الناس بصفتهم الحزبية وعلى جبينهم (الوشم الحزبي)؟ كل الناس يعلمون والأهالي يعلمون أن هؤلاء المعتقلين خرجوا على مسؤوليتهم الفردية كمواطنين، وهم عندما خرجوا لم يحملوا لافتات أو شارات توضح انتماء أي فرد منهم، ولم يرددوا في هتافاتهم (المشروعة) تعبيراً ينمّ عن حزب بعينه؛ فكيف جاز أن يتم احتجازهم رهائن لأحزاب (سيئة السلوك) في زعم (أصحاب السلوك القويم) في المؤتمر الوطني؟ هل يمكن أن يحدث هذا في أي تاريخ للبشر من لدن اسبارطة وأيام نيرون وقراقوش.. وأليس في بلاد العجائب؟ ما هو المعيار الذي يضعه المؤتمر الوطني للسلوك الحسن؟ ومن الذي يحكم على سلوك الأحزاب؟ هل هي لجنة تسجيل الأحزاب أم (الأخ المساعد) الذي كان يخطب مستجيباً لتوظيفات لن تزيد الأمر إلا (ضغثاً على إبالة) كما تقول العرب.. والغريبة أنه يطلب أجر (من عفا وأصلح)!! ما هي البشرى الذي يتحدث عنها المساعد أو غيره من (السجّانين بالأصالة) في إطلاق سراح مواطنين مارسوا حقهم في التعبير وفق الدستور الساري؟! وهل الأصح هو الغضب على إحتجازهم أم الفرح باطلاقهم؟ اللهم بحكمتك الواسعة وقدرتك الساطعة وجلال وجهك الكريم يا قيوم السماوات والأرضين أجعلها آخر المهازل وأرحم السودان من هذا الزمن البئيس الذي انقلبت فيه المقاييس..رأساً على عقب!

[email protected]