البرهان يلتقي وفد نظارة الميرفاب ـ المصدرـ وكالة السودان للأنباء

أمستردام: 11 يونيو 2024: راديو دبنقا
عدا الوفود الأجنبية الزائرة وكبار المسؤولين في الوزارات والمؤسسات الحكومية، من الملاحظ أن لقاءات أعضاء مجلس السيادة في الآونة الأخيرة في بورتسودان تشمل عددا كبيرا من القيادات القبلية والمكونات الجهوية والإدارات الأهلية.
يعكس ذلك تناميا غير مسبوق لظاهرة الاستغلال السياسي للانتماءات القبلية والجهوية والتي أصبحت تغلف بمفهوم “الحواضن الاجتماعية”. ومن الواضح أن الحرب الحالية قد عززت وكرست هذا التوجه الذي بدأ في عهد حكم الإنقاذ ليتحول اليوم إلى اداة للحشد والتعبئة السياسية ومصدرا للتجنيد للأطراف المتقاتلة.

عودة قوية للقبيلة
اعتبر ناصر السيد النور، الكاتب في الشؤون السياسية والأدبية، في حديث لراديو دبنقا، أن القبيلة لم تعد إلى المشهد، لأنها أصلا لم تكن غائبة عنه مطلقا في مرحلة ما بعد الاستقلال وفي ظل الحكومات الوطنية سواء أن كانت الحكومات العسكرية وعبر سنواتها الطويلة الممتدة أو الحكومات الديمقراطية في فتراتها القصيرة جدا. ونوه ناصر السيد النور أن صوت القبيلة قد يخفت قليلا أحيانا في ظل بعض الأنظمة أو في فترات محددة من تاريخ السودان السياسي لكنها تظل موجودة. حتى في فترة نظام مايو في بداية سبعينات القرن الماضي، حينما تم إلغاء الإدارة الأهلية التي تمثل القيادات المهمة للكيانات القبلية، ظلت الصلة موجودة بين السلطة والقبائل بأشكال مختلفة ومن ثم عادت أكثر قوة في مراحل اخرى.

البحث عن السند القبلي
وأوضح الكاتب في الشؤون السياسية أن ظاهرة العودة للقبلية ليست ظاهرة مرتبطة بالحرب المأسوية الحالية، لكن المؤكد أنها نتيجة لسياسات ظلت تمارس على مدى 30 عاما من حكم الإنقاذ. وطوال هذه الفترة حاولت الإنقاذ السير على خطى الأحزاب التقليدية الكبرى، الأمة والاتحادي الديمقراطي، اللذان يتمتعان بحواضن اجتماعية قديمة وراسخة، وفق المصطلحات المستخدمة اليوم، في الوسط والشمال والشرق والغرب. وبسبب انهيار مؤسسات الدولة بشكل عام وتجاوز كل الأعراف المؤسسية والإدارية المتبعة في الدولة، لجأت الإنقاذ للقبيلة بحثا عن السند السياسي مستفيدة من تدني الوعي وغياب التعليم في المناطق المهمشة.

البرهان يلتقي وفد هيئة شورى الفور ـ المصدر ـ وكالة السودان للأنباء

ركاكة الخطاب السياسي
وشدد ناصر السيد النور في حديث لراديو دبنقا أن العلاقة بين سلطة المركز والهامش الموجود أو خارج الدائرة الجغرافية للمركز كانت تتم عبر زعماء القبائل أكثر من أي مجموعات أخرى. لكن في فترة الحرب وفي غياب الدولة أو عجزها التام، أصبح الخطاب السياسي ركيكا إلى حد كبير وتسوده النعرات القبلية والعنصرية والجهوية بشكل فاضح لا يليق أبدا بالدولة السودانية المتشكلة سياسيا وجغرافيا لزمن طويل منذ الاستقلال أو منذ المهدية، وكان هناك إحساس زائف بأن البنيات القبلية قد ضعفت لحد ما لمصلحة تطور وعي وطني جامع بديل، لكن مع الأسف الآن أصبحت القبائل أحزاب السياسة السودانية.

الحاضنة الاجتماعية
وحول مفهوم الحاضنة الاجتماعية، أشار ناصر السيد النور إلى أنه ودون الدخول في التعريفات المعقدة لعلم الاجتماع لكنها في السياق السوداني في الفترة الحالية تدل على الانتماء القبلي تحديدا للقبيلة الواحدة وللمجموعة القبلية. وإذا أخذنا قوات الدعم السريع كمثال فإن حواضنها في غرب السودان تعود إلى قبائل محددة، حيث أصبحت الحاضنة الاجتماعية تشير إلى الانتماء القبلي الصريح والواضح ومن داخل هذا الانتماء تأتي المسألة الجغرافية أو الانتماء الجهوي.

الحرب تخرج أسوأ ما في الإنسان
ومضى الباحث في الشؤون السياسية والأدبية في حديث لراديو دبنقا قائلا إن الحرب تخرج أسوأ ما في الإنساني وهي في الأساس فعل غير عقلاني ويكون فيها الإنسان مدفوعا بالعاطفة، والعاطفة في ظروف السودان تكون مرتبطة في الذهنية السودانية بالقبيلة وأعراف القبيلة.
هناك علل موجودة ولكن الحرب ذهبت بها بعيدا وساعدت بالطبع في أن تظهر وأن تمارس وأن تستعرض بشكل سافر جدا في كل الواجهات السياسية والإعلامية والعسكرية بشكل غير مسبوق.

القبلية مصدر للتنوع
وأضاف ناصر السيد النور أن علل القبلية كانت موجودة في أوقات السلم والحياة الطبيعية، لكنها كانت أقل حدة وأقل وتيرة ولم تظهر بشكلها السيء الحالي. واعتبر أن هذا التنوع القبلي هو في النهاية تنوع ثقافي وكان يمكن أن يستثمر في الأوقات العادية، مشيرا إلى أن السودانيين كانوا حتى وقت قريب يحتفلون بالقيم والأعراف القبلية الإيجابية بما فيها التضامن والإخلاص والفروسية وما إلى ذلك. لكن الأمر انعكس في زمن الحرب واسفرت هذه العلل عن وجهها بشكل غير مقبول وغير مرغوب بطبيعة الحال.

Welcome

Install
×