عثمان ميرغني: لا يا سيد حمدي!.. حان وقت الحقيقة !!

السيد عبد الرحيم حمدي وزير المالية الأسبق- عادة- تثير تصريحاته عاصفة من ردود الفعل، كما نقلت عنه الوسائط قبل يومين قوله إن الدولار سيواصل …

بقلم: عثمان ميرغني

 

السيد عبد الرحيم حمدي وزير المالية الأسبق- عادة- تثير تصريحاته عاصفة من ردود الفعل، كما نقلت عنه الوسائط قبل يومين قوله إن الدولار سيواصل الارتفاع في مقابل الجنيه السوداني ليتخطى حاجز الـ(50) جنيهاً.. إن لم تتغير (السياسات الاقتصادية)!.

ورغم أن الرقم يبدو وكأنما حمدي اختاره على سبيل المبالغة والتهويل بحكم الواقع الاقتصادي إلا أنه غير مستبعد إذا استمرت طفرات الدولار بالوتيرة الأخيرة.

لكن في تقديري أنه لا حمدي ولا غيره من الخبراء الاقتصاديين قادرين على تقديم وصفة ناجعة طالما ظل التفكير منحصراً في الدائرة الاقتصادية.. فالسودان (لا) يعاني من مشكلة اقتصادية.. وللتأكيد أكررها السودان (لا) يعاني من مشكلة اقتصادية.. ولا يحتاج إلى دخول غرفة الانعاش الاقتصادي.. المشكلة الحقيقية (سياسية!).. وحلها لن يكون إلا بالإقرار بذلك.

ولكن بكل أسف الحكومة لا تعترف ولا تنوي الاعتراف بحقيقة الأزمة السياسية.. فهي لا تزال تظن وتتوهم أن حكاية الحوار الوطني التي أفضت إلى قسمة المقاعد الدستورية هي الحل الناجع للأزمة السياسية.. هذا محض وهم وتوهم خطير.

الأزمة السياسية التي يجب الإقرار بها أن حزب المؤتمر الوطني وبعد أكثر من 28 سنة من الحكم الاحتكاري برهن بالدليل القاطع على فشله الوخيم في كافة القطاعات وعلى رأسها السياسي.

الحساب ولد، فالأمر ليس مجرد محاججة أو محاككة سياسية.. بالأرقام ما ارتكبه المؤتمر الوطني في حق الوطن والشعب السوداني مهول، لا يقارن بكل ما فعله.. فلو قارنا– مثلاً- كل ما أنتجه البترول الذي يفتخر حزب المؤتمر الوطني أنه أحد إنجازاته المهمة، بما أتلفه المؤتمر الوطني من المال العام في مختلف المجالات، لكان الفارق مخيفاً.. المؤسسات التي هُدِمت مثل مشروع الجزيرة، والسكك الحديدية، والخطوط الجوية- وحدها- تفوق كل واردات النفط.. فضلا عن بند واحد مثل فدائح العقوبات الأمريكية على السودان وهو رقم لا يمكن حسابه بالأرقام المنظورة.

كل هذا دون حساب لما فقدناه من أرض جنوباً وشمالاً وشرقاً.. وقبلها كلها.. الإنسان السوداني الذي تعتصره الأزمات اعتصاراً لتعيد توليفه وإنتاجه في شكل جديد فاقدا لكثير من الموروثات القيمية التي كانت سمته وفخره.

لا بد من إيجاد معادلة تراضٍ تنهي حكم حزب المؤتمر الوطني، وتسمح لعقلية جديدة أن تتولى إدارة البلاد.. 28 سنة من الفشل تكفي- تماماًوالوطن أولى من الوطني.. حان الوقت ليجرب السودان وصفة جديدة.. لا تعتمد على الأيديولوجيا والعقول (المعلبة) التي لا تستطيع استلهام الحكمة واستنطاق البصيرة المنفتحة على الهواء الطلق.

بالله عليكم اخرجوا من حكاية (أزمة اقتصادية).. السودان لا يعانيإطلاقاً- من أزمة اقتصادية.. هي أزمة سياسية.. معلومة السبب والعلاج.. حزب واحد احتكر الماضي، والحاضر، ويصرّ على احتكار المستقبل.

حان وقت الحقيقة!.

نقلا عن صحيفة التيار